سلسلة حرائق تجتاح العراق وسط شكوك في أسباب مفتعلة

البرلمان العراقي يمهل وزارة الداخلية نصف شهر لتوضيح أسباب الحرائق والإجراءات المتخذة للحد منها.
الأحد 2024/06/23
أعمال انتقامية أم حوادث عرضية

بغداد – تشهد بعض المحافظات العراقية منذ أسبوعين سلسلة من الحرائق أثارت قلقا واسعا بين المواطنين والمسؤولين على حد سواء، خصوصا وأنها لم تقتصر على منطقة معينة بل طالت مستشفيات ومراكز تسوق وغابات وأراضي زراعية، مما زاد من حجم الخسائر البشرية والمادية.

وتثير طبيعة هذه الحرائق العديد من الشكوك حول الأسباب الكامنة وراءها، حيث أن تكرارها وانتشارها في مناطق مختلفة يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الحوادث عرضية جراء ارتفاع درجات الحرارة في أم أنها نتيجة لأعمال متعمدة.

وتسببت الحرائق في العراق في وفيات وإصابات وحالات اختناق، وخلّفت أضراراً مادية جسيمة، وكان آخرها السبت في مستشفى قيد الإنجاز بمنطقة الشعب شمال شرقي بغداد. وأمرت وزارة الداخلية بالتحقيق في الحريق الذي أكدت أنه لن يؤخر موعد افتتاح المستشفى.

ولم يقف البرلمان العراقي مكتوف الأيدي أمام هذه الأحداث، فقد دعا إلى فتح تحقيق شامل لكشف ملابسات هذه الحرائق، كما طالب وزير الداخلية بتقديم تقرير مفصل يوضح طبيعة هذه الحوادث والإجراءات المتخذة للحد منها.

وطالبت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، في بيان لها السبت، وزير الداخلية عبدالأمير الشمري، بفتح تحقيق للوقوف على طبيعة الحرائق الأخيرة التي شهدتها البلاد، فيما أمهلته 15 يوماً لإرسال نتائج التحقيق إلى اللجنة.

وأبدت اللجنة، بحسب البيان، أسفها الشديد بشأن حوادث الحرائق في بعض المحافظات العراقية والتي طالت مستشفيات ومراكز تسوق وغابات وأراضي زراعية.

وطالبت وزير الداخلية بـ"فتح تحقيق للوقوف على طبيعة تلك الحرائق، على أن ترسل نتائج التحقيق خلال مدة لا تتجاوز الـ (15) يوماً إلى لجنة الأمن والدفاع، استناداً إلى المادة (61 /ثانياً) من الدستور العراقي والمادة (15) من قانون مجلس النواب العراقي وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2018 المعدل و المادة (90) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي".

وأكدت اللجنة أهمية "الاهتمام والارتقاء بواقع مديرية الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية من خلال تجهيزها بمعدات حديثة لمكافحة الحرائق، فضلاً عن ضرورة إشراك منتسبيها في دورات مختصة بشأن مكافحة الحرائق وعمليات الإنقاذ".

وشددت على ضرورة "التنسيق عالي المستوى بين المؤسسات المختصة للوصول إلى حلول ناجعة لمنع تكرار مثل هكذا حوادث"، مؤكدة أنها ستتابع الموضوع عن كثب، وستتابع مجريات التحقيق حسب الصلاحيات المخولة لها دستورياً في الجانب الرقابي".

وكانت وزارة الداخلية طالبت فرق الدفاع المدني في عموم البلاد بالتأهب لمدة ثلاثة أشهر للتعامل بفعّالية مع احتمال اندلاع حرائق تحصل بالتوازي مع تصاعد درجات الحرارة إلى نصف درجات الغليان، لكنها لم تكشف نتائج أي تحقيق أجرته في شأن الحرائق التي توحي مؤشراتها بأنها لا ترتبط بارتفاع درجات الحرارة فقط، بل أيضاً بالإهمال.

وتتواصل الجهود لاحتواء حرائق العراق، إذ وجّهت السلطات، بدخول فرق الدفاع المدني حالة إنذار لمدة ثلاثة أشهر متتابعة، في خطوة لمنع وقوع الحرائق التي شهدت تصاعداً في الأسبوعين الأخيرين، بالتوازي مع تصاعد درجات الحرارة.

وسجلت المحافظات العراقية خلال الأسبوعين الأخيرين، جملة من الحرائق المتتابعة، تركّز معظمها في محافظة البصرة، التي شهدت تسع حرائق أتت على مول ومحال تجارية عدة وسوق شعبية ومنازل سكنية ومصنع لألواح (السندويتش بنل)، تسببت بوفيات وإصابات وحالات اختناق.

كما شهدت محافظة ديالى الخميس، حريقاً في صالة للولادة في مستشفى بلدروز العام، في مدينة بلدروز، وقد تم إنقاذ 16 طفلاً من حديثي الولادة، وتم تسجيل حالات اختناق.

وطاولت حرائق العراق أيضا مباني حكومية وأهلية ومعارض للسيارات ومزارع في محافظات المثنى والديوانية، وبابل وميسان وغيرها. ولم تكن العاصمة بغداد بمعزل عن تلك الحرائق، إذ سجلت عدة حوادث في الفترة ذاتها، كان آخرها الحريق في مجمعين تجاريين، وحريق داخل أحد المطاعم.

وتطرح هذه الحرائق تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الحوادث جزء طبيعيا من الموسم أم أن هناك عوامل أخرى تلعب دورا في حدوثها.

ومن المعروف أن ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف يزيد من احتمالية نشوب الحرائق، خاصة في المناطق الزراعية والغابات. ومع ذلك، فإن تكرار هذه الحوادث وانتشارها في مناطق مختلفة يشير إلى وجود عوامل أخرى قد تكون مسؤولة.

وأحد العوامل الرئيسية التي تساهم في زيادة حوادث الحرائق هو التماس الكهربائي حيث أن تذبذب التيار الكهربائي الوطني وانتشار المولدات العشوائية والتسليك العنكبوتي للأسلاك الكهربائية داخل الأحياء السكنية يزيد من خطر نشوب الحرائق. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم تطبيق شروط السلامة والأمان واستخدام مواد سريعة الاشتعال في البناء يزيد من احتمالية حدوث الحرائق.

من ناحية أخرى، لا يمكن استبعاد الدور الذي تلعبه الأعمال الإرهابية والانتقام العشائري المتبادل في زيادة حوادث الحرائق.

وفي بعض الحالات، قد تكون الحرائق نتيجة لأعمال انتقامية بين العشائر أو حتى بين المزارعين أنفسهم.

وتشير تقارير إلى أن بعض المزارعين قد يقومون بإشعال الحرائق عمداً للحصول على تعويضات مالية عن الأضرار التي تلحق بمحاصيلهم.

وبعض الحرائق قد تكون أيضاً نتيجة لأعمال انتقام فردية بين المزارعين، حيث يمكن أن يلجأ البعض إلى إشعال الحرائق كوسيلة للانتقام من جيرانهم أو منافسيهم. وهذه الأعمال تزيد من تعقيد الوضع وتضيف بعداً آخر للمشكلة.