سلامة كيلة: الأصوليات القومية والفيدرالية تهديد لوحدة التراب السوري

الخميس 2016/08/18
كيلة يشدد على قضية الهوية الوطنية

اسطنبول - أكد المفكر سلامة كيلة أهمية طرح مسألة الهوية الوطنية السورية في الظرف الراهن، وشدد على أن سوريا تتعرض لمشاريع تصفية وجودية، وحذّر من الميول الأصولية التي لا تعترف بالهوية ولا بالدولة الوطنية، كما حذر من مخاطر طرح مشاريع فيدرالية ذات خلفيات قومية على هذه الهوية في سوريا.

وانطلاقا مما تتعرض له الدولة السورية حاليا من مشاريع تهدف إلى تصفية الوجود السوري، وطمس الهوية الوطنية، وتغليب الهويات الفرعية والجزئية، الطائفية والقومية والمناطقية، أكّد كيلة إشكالية الهوية الوطنية وضرورة الحفاظ على الدولة السورية في ظل المشاريع المتعددة والمتضاربة الهادفة إلى تفكيك سوريا وإحلال تشكيلات قومية طائفية متصارعة من مداخل عديدة.

وركز كيلة، المفكر الماركسي الفلسطيني، على المبادئ والأفكار والاستراتيجيات التي يجب على المعارضة السورية اتباعها للوصول إلى وقفة حقيقة مع الذات تقود نحو إعادة صياغة وإنتاج خطط وبرامج بإمكانها الاستجابة لاستحقاقات هذه المرحلة الخطيرة.

وقال، على هامش ندوة في اسطنبول، إن هناك تصورات عديدة الآن تُشكل تهديدا حقيقيا لسوريا، منها الميل الأصولي الذي لا يعترف بالدولة الوطنية ولا بأي شكل من أشكال ومعاني الدولة الحديثة، وأكّد أن هذا الإشكال هو نتاج لعدة عناصر متشابكة ومترابطة أهمها إغراق سوريا بمجموعات متشددة بدعم وتخطيط من دول وقوى متعددة، وقبل ذلك نتيجة لميل واضح لدى النظام السوري وبعض أطراف المعارضة لتصوير الثورة على أنها ذات طابع إسلامي، وبالتالي إزاحتها من الحيز الوطني التحرري الهادف إلى بناء دولة المواطنة نحو طرح إسلامي أصولي لا يؤسس لدولة وإنما يؤسس لتناقضات وصراعات بين إمارات متعددة. وشدد أيضا على وجود جانب آخر يتعلق بإشكالية الهوية الوطنية السورية، يهددها ويساعد على تفتيتها، وهو طرح مفهوم الفيدرالية من منظور قومي إثني كما هو الحال في العراق، وهي طروحات كان أكراد سوريا سبّاقين إليها، حيث أعلنوا عن فيدرالية من طرف واحد دون أن توافق الغالبية المطلقة للسوريين عليها سواء من طرف النظام السـوري أو من طرف المعـارضة السورية.

وقال إنه بهذا المعنى تصبح الفيدرالية عملية نزوع لعدة مكونات قومية – طائفية لتشكيل كيانات خاصة بها، دون أن تعير أي اهتمام لبقية مكونات المجتمع أو لمصلحة الوطن، ما يؤدي بالضرورة إلى تفكك الدولة، وشدد على أن هذا الأسلوب من الحكم وممارسة السلطة لا يمكن أن يؤسس لدولة ديمقراطية غير مركزية.

وأوضح أن مفهوم الفيدرالية هو مفهوم إداري أساسا، يتعلق بتقسيم الدولة إلى أقاليم إدارية لعدم مركزة كل قضايا الدولة بالعاصمة، وأنه لا ينطلق إطلاقا من مرجعية دينية أو قومية لرسم حدود الإقليم، وإنما يرتكز على تسهيل التفاعل الإداري بين الدولة والمواطنين.

وانتهز كيلة الفرصة لينتقد بشدة أداء المعارضة السياسية السورية، ورأى أنها بتركيبتها الحالية تبدو أسرة المصالح الشخصية وتشلها الانتهازية، وقال إنها موهومة بقدراتها على الرغم من أنها، عمليا، غير قادرة على فعل أي شيء قوي وحقيقي يساعد على إنهاء الأزمة السورية، وشدد على ضرورة أن تُجري هذه المعارضة مراجعة سريعة وجدّية وتتخذ خطوات وطنية، وتقرر إفساح المجال أمام الشباب الثوري الذي بلور خبرته ورؤاه من خلال تجربة حية على مدار الخمس سنوات ونصف السنة الماضية، وأكّد أن هذه القوى الشبابية لا بد وأن يكون لها دور رئيسي في صياغة مستقبل سوريا.

6