سلالة جديدة من كورونا تثير المخاوف بشأن فعالية اللقاح

وزير الصحة البريطاني يستبعد أن تؤدي النسخة المكتشفة من الفايروس إلى تقليل تأثير اللقاح.
الخميس 2020/12/17
الفايروس لديه عدد كبير من الطفرات

رصد علماء في بريطانيا سلالة جديدة لفايروس كورونا مرتبطة بالانتشار الأسرع للفايروس في جنوب شرق البلاد في الوقت الذي بدأت فيه البلاد بإجراء حملات تطعيم واسعة لتحصين سكانها ضد كوفيد – 19، فيما يرجح العلماء أن ليس هناك أي دليل على أن النسخة الجديد للفايروس التي تم رصدها ستقلل من فعالية اللقاح.

 لندن - تمكن العلماء في بريطانيا من اكتشاف سلالة جديدة من فايروس كورونا في لندن ومناطق مجاورة، مما تسبب بارتفاع حاد في حالات الإصابة بوباء كورونا.

وأعلن وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، أنه تم اكتشاف “نوع جديد من فايروس كورونا قد يكون مرتبطا بالانتشار الأسرع للفايروس في جنوب شرق البلاد”.

واستبعد أن تؤدي السلالة الجديدة التي ما زالت تحت الدراسة إلى تقليل تأثير اللقاح الجديد الذي يجري استخدامه للوقاية من فايروس كورونا.

وقال هانكوك إنه اعتبارا من الخميس، سوف تدخل مدينة لندن ومنطقة لندن الكبرى وغرب وجنوب مقاطعة أسيكس بشرق البلاد، فضلا عن الأجزاء الجنوبية من مقاطعة هيرتفوردشاير المستوى الرابع من قيود مكافحة جائحة كورونا.

وأضاف أن “هذا الإجراء ضروري تماما ليس فقط للحفاظ على سلامة الناس، ولكن لأننا وجدنا أن الإجراءات المبكرة يمكنها أن تمنع وقوع مشكلة أكثر ضررا واستمرارا في وقت لاحق”.

وشددت السلطات البريطانية القيود المفروضة للسيطرة على فايروس كورونا المستجد لأقصى مستوى في العاصمة لندن وأجزاء من شرق إنجلترا.

ولا يسمح لسكان المناطق التي تخضع للمستوى الرابع من القيود الخاصة بجائحة كورونا بالتواصل اجتماعيا مع آخرين داخل البيوت أو في معظم الأماكن الخارجية ما لم يكونوا يعيشون سويا، ويسمح للحانات والمطاعم بتقديم خدماتها فقط دون السماح بجلوس الزبائن.

ويأتي اكتشاف النسخة الجديدة لفايروس كورونا التي رُصدت في جنوب شرق إنجلترا في وقت بدأت فيه السلطات البريطانية حملة تطعيم لسكانها بلقاح فايزر – بايونتيك للوقاية من كوفيد – 19 الذي اجتاح العالم وقتل الملايين وعطل دوران عجلة الاقتصاد.

وكانت بريطانيا وافقت في الثاني من ديسمبر الجاري على استخدام اللقاح في أنحاء البلاد. وبدأت دول أخرى، بينها روسيا والولايات المتحدة والصين، بالفعل حملات تطعيم جماعية بلقاحات تم تطويرها محليا.

وتتحوّر فايروسات الحمض النووي الريبوزي، مثل فايروس كورونا الذي ظهر في الصين في نهاية العام 2019 طوال الوقت، دون أن يكون لها بالضرورة عواقب وخيمة. وإضافة إلى ذلك، لا تظهر أي دراسة علمية حتى الآن أن واحدة من التحورات العديدة لـ”سارس-كوف- 2 يمكن أن تعدل من مدى العدوى أو الخطورة.

مات هانكوك: النوع الجديد المكتشف من كورونا مرتبط بالانتشار الأسرع للفايروس
مات هانكوك: النوع الجديد المكتشف من كورونا مرتبط بالانتشار الأسرع للفايروس

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن السلالة الجديدة من فايروس كورونا التي عثر عليها في بريطانيا تنتشر بسرعة ولكنها لا تمثل خطورة أكبر.

وقال البروفيسور نك لومان، الخبير في مؤسسة كوفيد – 19 جينومكس بالمملكة المتحدة إن الفايروس”لديه عدد كبير من الطفرات بصورة مدهشة، أكثر مما كنا نتوقع، وبعضها يبدو مثيراً للاهتمام”.

وثمة مجموعتان بارزتان من الطفرات، وأعتذر عن ذكر أسمائها السيئة.

وكلا المجموعتين موجودتان في بروتين النتوءات الشوكية، وهو المفتاح الذي يستخدمه الفايروس من أجل اختراق خلايا أجسامنا والسيطرة عليها.

وتقوم الطفرة N501 بتغيير الجزء الأكثر أهمية من بروتين النتوءات، والمعروف باسم “مجال ربط المستقبلات”.

وهذا هو المكان الذي يتلامس فيه النتوء مع سطح خلايا أجسامنا لأول مرة. وأي تغييرات تُسهل دخول الفايروس من المرجح أن تمنحه ميزة إضافية.

وأضاف لومان “يبدو وكأنه تحوّر مهم”.

أما الطفرة الأخرى (H69/V70) فقد ظهرت عدة مرات من قبل، من بينها لدى حيوانات المنك التي أصيبت بالفايروس.

وكان مصدر القلق هو أن الأجسام المضادة المأخوذة من دماء الناجين كانت أقل فعالية في مهاجمة هذه النسخة من الفايروس.

ويقتضي الأمر كذلك المزيد من التجارب المختبرية لفهم ما يجري حقا.

وقال البروفيسور آلان ماك نالي الأستاذ في جامعة برمنغهام “نعلم أن هناك نسخة جديدة، لكننا لا نعلم شيئاً عما يعنيه ذلك من الناحية البيولوجية. من السابق لأوانه أن نقوم بأي استنتاج بشأن أهمية هذا الأمر من عدمه”.

وتقود الطفرات في بروتين النتوء الشوكي إلى أسئلة حول اللقاح، لأن اللقاحات الرئيسية الثلاثة – فايزر وموديرنا وأُكسفورد – تُدرب جهاز المناعة على مهاجمة النتوء الشوكي في الفايروس.

غير أنّ الجسم سيتعلم مهاجمة أجزاء عدة في النتوء الشوكي. وهذا هو السبب في أن مسؤولي الصحة مازالوا مقتنعين بأن اللقاح سينجح في مواجهة هذه النسخة.

وأشار بحث سابق أجري في الولايات المتحدة إلى أنّ طفرة معينة – وهي D614G – آخذة في الهيمنة وقد تجعل المرض أكثر عدوى.

ورصد الباحثون، من مختبر لوس ألاموس الوطني في نيو مكسيكو، التغيرات التي تطرأ على “نتوءات” الفايروس التي تعطيه شكله المميز. وقد استعانوا في هذا بقاعدة بيانات تسمى “المبادرة العالمية لمشاركة جميع بيانات الإنفلونزا”.

وأشاروا إلى أنه يبدو أن هناك شيئا ما يتعلق بهذه الطفرة المحددة يجعلها تنمو بسرعة أكبر، إلا أن تداعيات الأمر لم تكن واضحة بالشكل الكافي.

وقام فريق البحث بتحليل بيانات عن مرضى بفايروس كورونا في مدينة شيفيلد في المملكة المتحدة. وعلى الرغم من أنه وجد أنّ الأشخاص المصابين بهذه الطفرة من الفايروس لديهم نسبة أكبر من الفايروس في عيناتهم، إلا أنه لم يجد أدلة على أنّ هؤلاء الأشخاص كانوا أكثر مرضا أو بقوا في المستشفى لفترة أطول بسبب ذلك.

ورصدت دراسة أخرى من جامعة كوليدج لندن طفرة متكررة من الفايروس. وقال الأستاذ الجامعي فرانسوا بالوكس، وهو أحد القائمين على الدراسة، إنّ “الطفرات في حد ذاتها ليست بالأمر السيء ولا يوجد ما يوحي بأن طفرة سارس كوفيد – 2 تتحول بشكل أسرع أو أبطأ من المتوقع”.

وأضاف “حتى الآن، لا يمكننا القول ما إذا كان سارس كوفيد – 2 قد أصبح أكثر أو أقل فتكا أو عدوى”.

ووفقا لدراسة أخرى من جامعة غلاسكو، قامت أيضا بتحليل الطفرات، فإن هذه التغيرات لا تصل إلى حد اعتبارها سلالات مختلفة من الفايروس. وخلص الباحثون إلى أن نوعا واحدا فقط من الفايروس هو الذي ينتشر حاليا.

17