سكان وسياح في أستراليا يبحثون عن ملاذ يقيهم لعنة الحرائق

سيدني - أمهلت السلطات الأسترالية، الخميس، الآلاف من السياح 48 ساعة لمغادرة المناطق السياحية الواقعة على الساحل الجنوبي الشرقي للبلاد وذلك تحسّبا لموجة حرّ جديدة يتوقّع أن تضرب المنطقة، السبت، مما يهدّد بتأجيج الحرائق الكارثية الضخمة التي تلتهم منذ أسابيع مساحات واسعة من جنوب شرق القارّة.
وهذه الحرائق التي لا تزال خارج السيطرة تسبّبت، الثلاثاء والأربعاء، الماضيين بمقتل ثمانية أشخاص على الأقلّ ومحاصرة العديد من السياح.
وقال رئيس الوزراء سكوت موريسون للصحافيين في سيدني “الأولوية اليوم هي مكافحة الحرائق والإجلاء ونقل الناس إلى برّ الأمان..
هناك أجزاء في كل من فيكتوريا ونيو ساوث ويلز تم تدميرها بالكامل وانقطعت عنها الكهرباء والاتصالات”.
والخميس، طلبت إدارة الإطفاء في مقاطعة نيو ساوث ويلز من السياح إخلاء منطقة ساحلية تمتدّ بطول 200 كيلومتر.
والمنطقة المعنية بأوامر الإخلاء تبدأ شمالا ببلدة بيتمانز باي الخلابة (حوالي 300 كيلومتر جنوب سيدني) وتنتهي على بعد 200 كلم جنوبا. ونصحت السلطات السياح المعنيين بالتوجّه إلى الجنوب ومقاطعة فيكتوريا.
وتقطعت السبل بنحو 250 شخصا لمدة أربعة أيام في نزل “كايجونا رودهاوس” الواقع بالقرب من الساحل الجنوبي، بسبب إغلاق طريق “إير” السريع الذي يعبر صحراء نولاربور في جنوب البلاد.
السبل تقطعت بنحو 250 شخصا لمدة أربعة أيام في نزل {كايجونا رودهاوس} بالقرب من الساحل الجنوبي بسبب إغلاق الطريق
وقالت مديرة النزل لهيئة الإذاعة الأسترالية إيه.بي.سي، إن سائقي الشاحنات والسيارات والعربات الكبيرة سيظلون عالقين حتى الاثنين على الأقل. واصطفت طوابير طويلة خارج محلات السوبر ماركت ومحطات البنزين حيث سعى السكان والسائحون للحصول على احتياجاتهم مما أدى إلى نفاد بعض المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والحليب.
وانقطعت الكهرباء عن أكثر من 50 ألف شخص ومياه الشرب عن بعض البلدات.
وقتل 18 شخصا على الأقل منذ بدء موسم الحرائق في سبتمبر. وقد ترتفع هذه الحصيلة مع تأكيد سلطات ولاية فكتوريا أن 17 شخصا في عداد المفقودين على امتداد أراضيها. وبموجب توجيهات السلطات يتعيّن على السيّاح مغادرة هذه المنطقة قبل حلول السبت، وهو يوم ينذر بأن يكون كارثيا لفرق الإطفاء إذ تتوقع الأرصاد الجوية أن يشهد هبوب رياح قوية وأن ترتفع فيه درجات الحرارة إلى ما فوق 40 درجة مئوية، وهي ظروف مثالية لتأجيج الحرائق المستعرة أصلا وهي لا تعدّ ولا تحصى.
ويخشى أن يكون السبت يوما أسوأ من الثلاثاء، الأكثر دموية منذ بدء موسم الحرائق في سبتمبر.
وقضى العديد من السياح ليلتين معزولين دون كهرباء ولا اتصالات ومعتمدين على مؤن غذائية شحيحة، لكنّ السلطات أمّنت بعض الطرق لإجلائهم.
والخميس، قال أندرو كونستانس وزير النقل في نيو ساوث ويلز، إنّ عملية إخلاء المنطقة السياحية المحظورة ستكون “الأكبر على الإطلاق في المنطقة”.
ويمتد صف طويل من السيارات، الخميس، على طول الطريق السريع المؤدي إلى سيدني، وقالت امرأة في سيارتها لوكالة، إنها احتاجت إلى ثلاث ساعات لقطع مسافة 50 كلم فقط.
بدوره قال روب روجرز، نائب مفوّض دائرة الإطفاء في نيو ساوث ويلز، إنّ فرق الإطفاء لم تتمكّن من إطفاء الحرائق المستعرة أو حتى السيطرة عليها.
وصرّح روجرز لشبكة إيه.بي.سي العامة، بأنّ “الرسالة هي أنّ لدينا الكثير من النيران في تلك المنطقة، وليست لدينا القدرة على احتواء هذه الحرائق. نحن بحاجة فقط للتأكّد من أنّ الناس ليسوا أمامها”.
وروى جون ستيل (73 عاما) الذي يعيش قرب ميريمبولا على الساحل الجنوبي، أن بعض الأشخاص أصيبوا بالهلع إثر دعوات إخلاء المنطقة، مشيرا إلى وجود العديد من “الأخبار الزائفة على فيسبوك والإنترنت”.
ووصف ستيل الوضع في الأيام الأخيرة بأنه كارثي، فيما بدأت احتياطات المواد الطازجة والوقود بالنفاد.
ولم تتمكن السلطات من التواصل بعد مع كافة سكان المناطق النائية الأكثر عزلة.
ودمّر أكثر من 400 منزل في أستراليا في الأيام الأخيرة، وهو رقم مرشح للازدياد حالما تتمكن السلطات من دخول القرى الأكثر عزلة، لتفقد الأضرار.
وتمت تعبئة قوارب وطائرات عسكرية وعناصر إغاثة من أجل إرسال المساعدات الإنسانية وتقييم الأضرار في المناطق الأكثر عزلة.
ووصلت سفينة للبحرية، الخميس، إلى بلدة مالاكوتا الساحلية في الجنوب الشرقي حيث تقطعت السبل بنحو 4000 من السكان والسياح على الشاطئ منذ ليل الاثنين.
وذكرت قوة الدفاع الأسترالية إن خمس طائرات هليكوبتر عسكرية في طريقها إلى الساحل الجنوبي لدعم رجال الإطفاء ونقل إمدادات مثل المياه والبنزين. كما سيتم استخدام الطائرات في إجلاء الجرحى والمسنين والصغار.
وأكد نائب مفوض خدمات الطوارئ في ولاية فكتوريا كريس ستيفنسون، أنه تمت إغاثة العديد من الأشخاص، وسيجري إجلاء 500 آخرين خلال المرحلة الأولى من عملية الإنقاذ الطويلة.
وقال ستيفنسون “اليوم، سنبدأ بالتحرك لإجلاء السياح في مالاكوتا والسكان الذين لا يرغبون في البقاء هناك”، مضيفا “وبالأخذ بعين الاعتبار لعدد الأشخاص الموجودين هناك، سيحتاج الأمر إلى أيام، إن لم يكن أسابيع”.
ومنذ بدء موسم الحرائق، أتت النيران على 1300 منزل و535 مليون هكتار من الأراضي، وهي مساحة تفوق مساحة بلد مثل الدنمارك أو هولندا.
وأدت الأزمة إلى تظاهرات لمطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لمكافحة الاحتباس الحراري الذي يقول علماء إنه السبب الأبرز خلف هذه الحرائق التي بلغت درجة عنف غير مسبوقة.
ويتعرض رئيس الوزراء سكوت موريسون الذي جدد دعمه لقطاع الفحم المربح والملوث في أستراليا، للكثير من الانتقادات.
وقال، الخميس، في أول مؤتمر صحافي له منذ عودة اشتداد الحرائق إن السلطات “تبذل أقصى جهودها” لتأمين المساعدة للسكان الأكثر حاجة إليها.
ودعا السكان إلى “الثقة بكل من يعملون على مكافحة الحرائق”، مدافعا في الوقت نفسه عن سياسته للتغير المناخي التي صنفها بـ”المعقولة”.