سكان غزة يسهرون في الشاطئ على "سينما البحر"

مبادرة "البحر إلنا" عكفت على عرض هذه الأفلام في الهواء الطلق في إطار توفير "سينما مفتوحة".
الخميس 2023/08/10
متعة الفرجة في الهواء الطلق

أعادت مبادرة “البحر إلنا” إلى سكان غزة شغفهم بالسينما؛ إذ صاروا يلتقون في الشاطئ لمتابعة أفلام سينمائية بشكل مجاني، أغلبها لمخرجين فلسطينيين، وحصل بعضها على جوائز عالمية أو إقليمية، وذلك بعد أن أغلقت دور العرض أبوابها.

غزة (فلسطين) - مع غروب الشمس يبدأ رواد شاطئ بحر مدينة غزة بالتجمع أمام شاشة كبيرة يتم إعدادها لعرض أفلام سينمائية متنوعة.

وعلى كراسٍ معاد تدويرها ومصنوعة من إطارات المركبات التالفة ومرتبة بشكل يتيح للجميع مشاهدة الشاشة، يجلس محبو السينما منتظرين لحظة بداية العرض.

ومع انطلاقه يجذب صوت الفيلم رواد الشاطئ من المناطق البعيدة نسبيا، خاصة إذا كان الفيلم المعروض كرتونيّا للأطفال الذين يبدأ العشرات منهم بالتجمع لمشاهدته.

وعكفت مبادرة “البحر إلنا” التعاونية على عرض هذه الأفلام في الهواء الطلق في إطار توفير “سينما مفتوحة” للذين حرموا من دور عرض السينما في قطاع غزة منذ عام 1987.

وفي القطاع بدأت السينما في الظهور منذ بداية أربعينات القرن الماضي مواكبة للنشاط الثقافي والفني الذي نشط آنذاك، ليضم القطاع مجموعة من دور السينما يتراوح عددها بين 5 و10، وفق مسؤولين ومخرجين فلسطينيين، فيما بدأت أعدادها تتراجع عقب بداية الانتفاضة.

وأرجع مختصون في الشأن الثقافي إغلاق أبواب دور السينما في غزة إلى الأوضاع الاجتماعية والأمنية التي سادت الشارع الفلسطيني إبان الانتفاضة الأولى وما رافقها من حظر للتجوال.

السينما ظهرت في غزة منذ بداية أربعينات القرن الماضي وكان عدد قاعات السينما يتراوح بين 5 و10 قاعات

وقال مؤسس مبادرة “البحر إلنا” علي مهنا، وهو مخرج فلسطيني، إن فكرة “سينما البحر تقوم بالأساس على عرض أفلام سينمائية في شاطئ البحر بشكل مجاني، أغلبها لمخرجين فلسطينيين، وحصل بعضها على جوائز عالمية أو إقليمية”.

وأضاف “حصلت المبادرة على تمويل من الصندوق الثقافي التابع لوزارة الثقافة في رام الله، لعرض نحو 15 فيلما يسلط الضوء على قضايا وطنية فلسطينية وبعض الشخصيات الفلسطينية”.

لكنّ القائمين على المبادرة يحاولون عرض أفلام كرتونية خاصة بالأطفال إلى جانب الأفلام الـ15، من أجل تلبية جميع الأذواق ونشر ثقافة السينما بين الأطفال.

وقال مهنا “نحاول بأبسط الإمكانيات محاكاة جو سينمائي نتمكن من خلاله من عرض الأفلام للناس، وهذه الأفلام تمرر قيما وطنية وإنسانية”.

وذكر أن هذه المبادرة لا ترتبط بالطابع الثقافي فقط وإنما تهدف أيضا إلى توفير مساحة للسكان تخول لهم الاستمتاع بهذه الأعمال وتخفف عنهم ضغوط الحياة.

وأشار إلى أن تعاونية “البحر إلنا” ستواصل عرض الأفلام السينمائية مرتين في الأسبوع (كحد أقصى)، وذلك بعد انتهاء مبادرة “سينما البحر” الممتدة طيلة فصل الصيف.

وقد وصف المخرج الفلسطيني محمد الصواف مبادرة “سينما البحر” بأنها “فكرة جميلة تتيح الفائدة لجمهور واسع” في الوقت الذي تخلو فيه غزة من دور العرض.

وقال الصواف “لغة السينما مشتركة بين الجميع دون تمييز، من المهم جدا عكس تفاصيل القضايا الفلسطينية والنضال عبر السينما ليصل ذلك إلى العالم”.

Thumbnail

ودعا إلى “استغلال السينما والأفلام في نقل حقيقة ما يحصل على الأراضي الفلسطينية، وللتأكيد للعالم الخارجي أن أشخاصا على هذه الأرض يبحثون عن الحرية والإبداع”.

بدوره قال مدير دائرة الفنون والتراث والمعارض في الهيئة العامة للشباب والثقافة بغزة (حكومية) عاطف عسقول “إن نشأة السينما في القطاع ارتبطت بالوضع الثقافي والفني الذي كان لافتا قبل احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1948”.

وأضاف “نشاط فلسطين في المجال الثقافي والفني ربما يعود إلى وقوعها على تخوم مصر ولبنان اللذين كانا رمزا للثقافة وصناعة الأفلام والسينما على مستوى الوطن العربي، كان لدينا تأثر خاصة بالسينما المصرية”.

وأوضح أن بداية ظهور السينما في غزة قد تعود، وفق التقديرات، إلى أربعينات القرن الماضي، حينما تم إنشاء “مؤسسة السامر” التي تحولت بعد ذلك إلى “سينما السامر” عام 1944.

وامتد النشاط السينمائي والفني بعد ذلك على مستوى القطاع حتى بداية الانتفاضة الأولى، حيث تولى القطاع الخاص آنذاك مهمة افتتاح دور عرض السينما.

وأردف، “بعد ذلك تم افتتاح سينما النصر وعامر في غزة والحرية في خانيونس والسلام في رفح، ليصل عددها على مستوى القطاع إلى 5 دور عرض”.

لكن مخرجين فلسطينيين يقولون إن عدد دور عرض السينما بلغ في قطاع غزة قبل الانتفاضة الأولى حوالي 10.

وعن طبيعة الأفلام المعروضة قال عسقول إن دور السينما في غزة كانت مواكبة للسينما العالمية وتعرض الأفلام العربية والهندية والأجنبية.

وأشار إلى أن هذه الدور كانت تنشط في “المناسبات الرسمية كالأعياد، حيث كان هناك إقبال لافت عليها خاصة من فئة الشباب”.

18