سعوديات يزاحمن الرجال في ورشات الميكانيك

ورشة "بيترومين إكسبريس" قرّرت العمل بتوجيهات الحكومة التي شجعت على فسح المجال أمام الرجال والنساء للعمل في القطاعات المختلفة.
السبت 2022/06/04
الميكانيك كالنسيج في الدقة

دفع الانفتاح الذي شهدته السعودية نساء المملكة إلى اقتحام مجالات عديدة كانت حكرا على الرجال، فقدن السيارات بعد حصولهن على رخص سياقة وها هن اليوم يدخلن ورشات إصلاح السيارات بكل ثقة في النفس.

جدة (السعودية) - في ورشة لإصلاح السيارات في جدة تعمل سعوديات جنبا إلى جنب مع الرجال. وبعد انقضاء أربع سنوات فقط على تاريخ الإعلان عن السماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة، اقتحمن عالم الميكانيك الذي كان أيضا حكرا على الرجال.

وقرّرت ورشة "بيترومين إكسبريس" العمل بتوجيهات الحكومة التي شجعت على فسح المجال أمام الرجال والنساء للعمل في القطاعات المختلفة. ولم يخل الأمر من صعوبات واجهتها النساء المعنيات لدى دخولهن مجالًا يهيمن عليه الذكور في كل أرجاء العالم.

وتتحدث الميكانيكيات عن الأشهر الأولى في الوظيفة التي أثارت لديهن شكوكا وقلقا، بينما تعرضن أحيانا لسوء المعاملة من بعض الزبائن. وتقول غادة أحمد إنّ "رجلا طاعنا في السن" جاء إلى الورشة وأمر جميع النساء بالخروج منها، قائلا إنّه لا يريدهن قرب سيارته، مفضّلا التعامل مع رجل.

وتوضح أحمد التي ارتدت قفازات بيضاء ملطخة بالزيوت "في البداية، طبيعي ألا يثق أحد بي، لأنني امرأة”، مضيفة "إنه أمر جديد على الزبائن بعد سنين من التعامل مع الرجال فقط".

الشريحة الأكثر ارتياحا إلى مبادرة ورشة جدة هي شريحة السائقات في المدينة اللواتي يشعرن براحة أكبر حين يأخذن سياراتهن إلى مكان تعمل فيه نساء

وتقول أحمد التي تجتهد لتعلّم الأساسيات في مجال الميكانيك كفحص زيت المحرك وتغيير الإطارات "عانيت في البداية، وكنت أعود إلى المنزل حزينة ويداي منتفختان وأبكي وأقول: هذه الوظيفة ليست لي، يبدو أن كلام الرجال صحيح".

لكنّ بعد تطوّر مهاراتها وازدياد ثقتها بنفسها أصبح هناك زبائن يدعمونها. وتتابع “قبل فترة جاء رجل وقال أنا فخور بكن جدا، أنتن شرف لنا، أنتن تاج على رؤوسنا". وتقول الميكانيكيات إنهن لم يكنّ ليشرعن في امتهان هذه المهنة الشاقة دون موافقة أزواجهن.

وتقول علا فليمبان، الأم لأربعة أطفال والبالغة من العمر 44 عاما، "لقد سمعت عن الوظيفة عبر تطبيق سنابشات"، وسألت على الفور زوجها رأفت عما إذا كان بوسعها أن تمارس هذه المهنة؟ فوافق وساعدها على الاستعداد للمقابلة عبر تعليمها أسماء قطع غيار السيارات المختلفة.

بعد حصولها على الوظيفة، تجاوزت علا سريعا زوجها وابنهما البالغ 23 عاما في المهارة والمعرفة المرتبطة بمجال السيارات. ويقول رأفت فليمبان "الآن باتت لديها خبرة في مختلف أنواع السيارات وكيفية فحصها بعناية وكيفية تغيير الزيت، حتى أنها الآن تقوم بفحص سياراتي".

وبفضل دعم أسرتها أضحى من السهل على علا التعامل مع الزبائن في الورشة. وتقول "في البداية كانوا مندهشين جدا من أن تعمل نساء في هذا المجال. وكانوا يسألوننا كيف أحببنا هذا المجال؟"، وتضيف "هذا أكثر سؤال يُطرح علينا".

وفيما كانت تتحدث كان مشعل (20 عاما) يُدخل سيارته إلى الورشة لتغيير زيت المحرك، وقال إنه صُدم حين وجد أنّ امرأة ستقوم بالمهمة، لكنّه كان هادئا إلى حد كبير.

ويضيف "بما أنهن وصلن إلى هذا المكان فبالتأكيد تدربن تدريبا جيدا". ويتابع ضاحكا "ربما يفهمن أكثر مني في مجال السيارات". ويقول نائب رئيس شركة بيترومين إنّ شركته كانت “واثقة من أنّ هذه المبادرة ستشجّع المزيد من النساء على الالتحاق بقطاع السيارات على كافة المستويات”.

مهنة لم تعد حكرا على العنصر الرجالي
وظيفة كانت بمثابة حلم لكنه يتحقق على أرض الواقع 

ولعل الشريحة الأكثر ارتياحا إلى مبادرة ورشة جدة هي شريحة السائقات في المدينة اللواتي يشعرن براحة أكبر حين يأخذن سياراتهن إلى مكان تعمل فيه نساء. وتقول أنغام جداوي (30 عاما) "نحن نجعل النساء يشعرن بأريحية حين نصلح سياراتهن".

وتوضح "بعض النساء يشعرن بالخجل حين يتعاملن مع رجال، فلا يعرفن مناقشة الرجال لمعرفة ما يحصل لسياراتهن. (..) أما معنا، فيناقشن ويسألن كثيرا".

وبالنسبة إلى جداوي كانت هذه الوظيفة حلما ظنت أنه من المستحيل أن يتحقق. وتقول "كان حلمي أن أشتغل في مجال السيارات، لكنّ طبعا كامرأة سعودية لم يكن هذا التخصص متاحا. لذا حين أتيحت الفرصة تقدّمت للوظيفة دون تردد والحمد لله تم قبولي".

وهي تدرس الآن لتقديم اختبار القيادة ولتحصل على رخصة القيادة خلال شهر. وتقول جداوي "الآن صرت أعرف المشاكل التي يمكن أن تتعرض لها السيارة"، مضيفة "إذا حدثت لي مشكلة في وسط الطريق، أعرف كيف أتصرف".

20