سر الزواج الناجح
في جلسة صيفية دافئة في حديقة بيتي جمعت عددا من الأحبة والأصدقاء ممن يقيمون في دول أوروبية منذ عشرات السنين تبادلنا سؤالا مفاده: ما هو سر الزواج الناجح؟ كان سؤالا عفويا طرحناه للنقاش، على خلفية رواية أحد الأصدقاء لتجربته الطويلة في الزواج من امرأة شرقية، طلق منها ليتزوج من امرأة غربية. طرحنا السؤال في شكل حلقة، لنمر على الجميع دون استثناء، أغلب الحضور كهول تتراوح أعمارهم بين الأربعين والخمسين، وبينهم شعراء وصحفيون ومترجمون وأساتذة جامعيون.
أحد الأصدقاء وهو شاعر متزوج من امرأة أوروبية منذ أكثر من 15 سنة وله منها أبناء، قال إن سر الزواج الناجح يكمن في استيعاب المرأة للرجل، وفي مسايرتها له، وقدرتها على الغفران والتسامح، وضرب أمثلة من مواقف وأحداث في حياته الشخصية، لو لم تتسم فيها زوجته بالحكمة والرويّة لكان زواجهما انتهى منذ زمن طويل.
صديق آخر يقيم منذ 40 سنة في دولة أوروبية قال إن سر الزواج الناجح بيد الرجل وحده، فهو الذي يقود وهو المسؤول الأول عن سعادة أو تعاسة الأسرة.
واتفق الجميع على أن التواصل الجيد والحوار والثقة بين الطرفين عوامل أساسية من أجل توازن الشراكة بين الطرفين واستمراريتها.
النقاش جرنا في النهاية إلى إجراء مقارنة بين المرأة الشرقية والغربية، وقدرة كل واحدة منهما على “إدارة” العلاقة الأسرية، وقوة استيعابها وتفهمها لاحتياجات الطرف الآخر.
ووصلنا إلى استنتاج غريب من نوعه (استنتاج شخصي بحت ليس له أي صبغة موضوعية)، مفاده أن المرأة العربية تتذمر على الدوام، لكنها نادرا ما تقدم على خطوة إنهاء العلاقة أو الزواج، رغم أنها قد تهدد سنوات طويلة بذلك، عكس المرأة الغربية التي تصمت سنوات عن الأخطاء والهفوات، وتراكم الملاحظات والاستنتاجات لأعوام ربما، لتصل إلى قرار إنهاء العلاقة، وإذا وصلت إليه فإنها تنفذه.
تساءلنا: أيهما يفضل الرجل الشرقي: امرأة تتذمر وتشتكي على الدوام، غير راضية، متقلبة، انفعالية، لكنها لا تذهب إلى حد إنهاء علاقتها بشريكها (وهو شيء يدركه تماما)، أم امرأة قانعة صامتة، هادئة، تقرر فجأة، وبدون تردد أن تنفصل بعد سنوات من الصمت والتراكم (وهو غالبا ما لا يتوقعه الشريك وقد ينزل عليه نزول الصاعقة؟) .
سؤال صعب بالتأكيد رغم ما قد يبدو من بساطته، ورغم أن هناك حلولا وسطى كثيرة قد يفضلها الرجل، كأن تبدي المرأة ملاحظاتها ومناقشاتها، وتطرح همومها ومخاوفها للحديث الهادئ المتزن، لتبحث مع شريكها عن حلول وتساعده على تجاوز هفواته ونقائصه التي لا تروق لها.
ورأى صديق من الحاضرين أن الإنسان فرداني بطبعه، وأن دخوله في شراكة أمر ينافي الطبيعة البشرية، ويستوجب تقديم تنازلات وتضحيات كثيرة تبدأ من إعادة النظر في مركزيته وعلاقته بمحيطه، وأن تقبل فكرة الشريك تأتي من “الحاجة” وحدها، وتنتفي بمجرد امتلاكه لآليات توفير حاجياته بنفسه، وكلما قلت حاجته لغيره، قلت رغبته في الدخول في شراكات إنسانية.. فما هــو رأيكم أنتم؟