سرقة الكلاب ظاهرة تنتشر في كولومبيا

الكولومبيون يفضّلون تبنّي حيوانات أليفة بدلا من إنجاب الأطفال.
الثلاثاء 2022/02/22
وعاد الكلب بعد دفع الفدية

بوغوتا - ضجت بوغوتا في أقل من أسبوع بسرقتَي كلبين تؤشران إلى نوع جديد من الجريمة يقلق كولومبيا التي تحظى فيها الحيوانات الأليفة بمكانة مهمة.

فقبل نحو عشرة أيام سُرق “بوتون”، وهو كلب من نوع شيواوا بنّي ذو عينين كبيرتين سوداوين. وحصلت السرقة في حي شعبي في جنوب غرب بوغوتا، على ما أفادت وسائل إعلام رسمية.

وقال صاحب الكلب الذي شعر بحزن بالغ “خطفوه وطلبوا فدية”، في حين نشرت وسائل إعلام صورا من كاميرات المراقبة تظهر الخاطفين وهم يضعون الحيوان داخل إحدى السيارات.

وقبل أسبوع من هذه الحادثة، تسببت سرقة البولدوغ الفرنسية البالغة سنتين “فينوس” في منطقة شابينيرو وسط المدينة بضجة أيضا.

وسارعت صاحبة “فينوس”، وهي طالبة، إلى نشر صورة لكلبتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة للعثور عليها، وتناقل الناشطون الصورة على نطاق واسع.

وأوقفت الشرطة في اليوم التالي الخاطفين الذين طلبوا فدية بمليوني بيزو (500 دولار). وأُعيدت “فينوس” سليمة إلى صاحبتها، ونشرت الشرطة شريط فيديو مؤثرا عن هذه النهاية السعيدة.

20

في المئة من أصحاب الكلاب ينفقون ما بين 150 و200 دولار شهريا على حيواناتهم الصغيرة

وتدخّل قائد الشرطة الكولومبية الجنرال خورخي لويس فارغاس شخصيا في القضية، وعلّق قائلا إنّ “الأمر يجعلنا نعاني لأنّ هذه الحيوانات الأليفة تحظى بمكانة خاصة في حياة الناس”، وأكّد أنّ الشرطة تكثّف جهودها لمكافحة الظاهرة الجديدة.

وتضاعفت في الآونة الأخيرة سرقة أنواع عدّة من الكلاب، ونشرت الصحافة المحلية مقالات كثيرة تتناول ظاهرة بدأت تشمل دولا أخرى.

فالسرقات التي تستهدف كلاب البولدوغ الفرنسية التي يملكها مشاهير أو أثرياء تزايدت أخيرا في الولايات المتحدة مثلا.

وشرحت صحيفة “إل تييمبو” الكولومبية كيف تتحرّى مجموعات السارقين عن أصحاب الكلاب، وتسرق حيواناتهم لـ”ابتزازهم” من جهة، ومن جهة ثانية “لتزويج بعضها من بعض والحصول بهذه الطريقة على جراء من هذا النوع الأصيل المرغوب جدا”.

وكتبت مجلة “سيمانا” الأسبوعية مقالا بعنوان “انعدام الأمن في بوغوتا: حتى الكلاب تُسرق لسلب المواطنين أموالهم”.

وقالت الناشطة في مجال حقوق الحيوانات والعضو في مجلس بلدية بوغوتا أندريا باديلا “إنّ سرقات الكلاب ليست ظاهرة جديدة، لكنّها أصبحت تُثير ضجة أكثر بفضل مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأضافت “تكمن المشكلة في أنّ عددا كبيرا من الأشخاص لا يتقدمون بشكاوى لانعدام ثقتهم بالعدالة والشرطة… إذ تُعتبر سرقة الحيوانات سرقة عادية” للممتلكات.

وأشارت إحصاءات رسمية إلى أنّ كولومبيا التي يبلغ عدد سكانها خمسين مليون نسمة، كانت تضمّ عام 2018 نحو خمسة ملايين حيوان أليف.

وتشير الإحصائيات إلى أن ستا من كل 10 أسر لديها حيوانات أليفة.

ويستمر هذا الرقم في الارتفاع مع تقلّص حجم الأسرة العائد إلى انخفاض الولادات، وتوضح باديلا أنّ الكثير من الشباب يفضّلون “تبنّي حيوانات أليفة” بدلا من إنجاب الأطفال.

عشق كبير للحيوانات الأليفة
عشق كبير للحيوانات الأليفة

وأدت جائحة كوفيد - 19 إلى تفاقم ظاهرة الاهتمام وتربية الحيوانات الأليفة التي لوحظت أكثر في المدن الكبيرة، وأصبحت تطال حاليا أميركا اللاتينية كلّها.

وأشارت دراسة أجرتها شركة استشارية عام 2016، إلى أنّ عدد أصحاب الحيوانات الأليفة يزداد في أميركا اللاتينية، ويبلغ 80 في المئة من الأرجنتينيين والمكسيكيين، و75 من البرازيليين، فضلا عن أنّ البرازيل تمثّل ثاني أكبر سوق لطعام الكلاب في العالم بعد الولايات المتحدة.

وتنتشر في حدائق أحياء بوغوتا الثرية ومساحاتها الخضراء كلاب غالبا ما تكون من أنواع باهظة الثمن. وطال الشغف الكبير بتربية الكلاب والقطط الطبقات الاجتماعية الأكثر تواضعا كذلك.

ونشرت صحيفة “ديلي ميل” خبرا مفاده أن البرلمان يبحث في قانون يمكن الموظفين والعاملين في كولومبيا من إجازة ليومين إذا نفقت أحد حيواناتهم الأليفة.

مشروع القانون قدمه عضو الكونغرس عن الحزب الليبرالي أليخاندرو كارلوس تشاكون، الذي قال “بعض الناس ليس لديهم أطفال، لكن لديهم حيوان أليف محبوب للغاية يطورون معه علاقة عميقة".

وأضاف صاحب المشروع الذي يبدأ من مبادرة لفهم قيمة الرابطة العاطفية بين البشر والحيوانات الأليفة المنزلية، أن الإجازة المقترحة مدفوعة الأجر ستساعد الناس على "التغلب على حزنهم وألم فقدان هذه الحيوانات المحبوبة دون الانشغال بوظائفهم".

وقال “نهدف إلى تحديد التزام صاحب العمل بمنح العامل إجازة حداد مدفوعة الأجر لأي موظف لوفاة حيوانه الأليف، ويجب على كل شخص إبلاغ صاحب العمل أنه داخل أسرته يوجد حيوان أليف كشرط للاستفادة من هذا القانون".

وخصّصت الصحافة الشعبية الكولومبية زوايا فيها لنشر أخبار ومواضيع عن الحيوانات الأليفة، في ظل النمو الكبير الذي تشهده مبيعاتها، إذ زادت بنسبة 84.9 في المئة في السنوات الخمس الأخيرة، وتوقعت الصحافة أن يبلغ حجم هذه السوق نحو مليار ونصف مليار دولار سنة 2026.

وأوضحت دراسة خاصة أنّ نحو 20 في المئة من أصحاب الكلاب ينفقون ما بين 150 و200 دولار شهريا على حيواناتهم الصغيرة، في واحد من البلدان الأكثر انعداما للمساواة إذ يبلغ الحد الأدنى للأجور فيه 250 دولارا شهريا.

18