سرطان عنق الرحم.. قاتل صامت يعكس التفاوتات الطبقية بين النساء في العالم

لندن - قال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في تغريدة على تويتر إنه “يمكن الوقاية من سرطان عنق الرحم وعلاجه بدرجة كبيرة”، مضيفا أنه “ربما قد يكون أول سرطان يتم القضاء عليه على الإطلاق”.
ويمكن الوقاية من سرطان عنق الرحم إلى حد كبير من خلال التطعيم والكشف عن آفات السلائف، مع المتابعة والعلاج المناسبين، وفقا للوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)، وهي وكالة حكومية دولية تعمل تحت مظلة منظمة الصحة العالمية.
ويعد سرطان عنق الرحم ثاني أكثر أنواع السرطانات شيوعا بين النساء، إذ أن معدلات الإصابة به والوفيات الناجمة عنه هي الأعلى من بين السرطانات الأخرى، ويؤثر بشكل عام على البلدان ذات مؤشر التنمية البشرية المنخفض.
وفي عام 2020 تم تشخيص ما يقدر بنحو 604000 امرأة بسرطان عنق الرحم في جميع أنحاء العالم، توفيت 342000 منهن بسبب المرض.
ويقول خبراء إن قلة من الأمراض تعكس التفاوتات العالمية بقدر ما يعكسها سرطان عنق الرحم.
وحدثت ما يقرب من 90 في المئة من وفيات 2018 في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث يكون عبء سرطان عنق الرحم أكبر، لأن الوصول إلى خدمات الصحة العامة محدود، ولم يتم القيام بالفحص والعلاج على نطاق واسع. وقد تم تطوير استراتيجية طموحة ومنسقة وشاملة لتوجيه القضاء على هذا السرطان الفتاك.
وتعمل الوكالة الدولية لبحوث السرطان ومنظمة الصحة العالمية مع شركاء آخرين للقضاء على سرطان عنق الرحم باعتباره مشكلة صحية عامة من خلال الاستراتيجية العالمية لتسريع القضاء على سرطان عنق الرحم، كما أوضحت بياتريس لوبي سيكريتان نائبة رئيس قسم تجميع الأدلة بالوكالة الدولية لأبحاث السرطان IARC.
وللقضاء على سرطان عنق الرحم، باعتباره مشكلة صحية عامة، حددت الاستراتيجية العالمية عتبة وصول جميع البلدان إلى معدل إصابة أقل من أربع حالات لكل 100 ألف امرأة.
ولتحقيق ذلك، يجب على كل دولة أن تصل وتحافظ على ثلاثة أهداف رئيسية خلال عمر جيل الشباب اليوم.
604000 امرأة أصبن بسرطان عنق الرحم حول العالم عام 2020 توفيت 342000 منهن بسبب المرض
ويتمثل الهدف الأول في تطعيم 90 في المئة من الفتيات بشكل كامل ضد فايروس الورم الحليمي البشري (HPV) بحلول سن 15. أما الهدف القاني الثاني هو التأكد من أن يتم فحص 70 في المئة من النساء باستخدام اختبار عالي الأداء بحلول سن 35، ومرة أخرى بحلول سن 45.
ويتمثل الهدف الثالث والأخير في تلقي 90 في المئة من النساء المصابات بمرحلة ما قبل السرطان العلاج، وإدارة حالة 90 في المئة من النساء المصابات بالسرطان الغازي بشكل صحيح.
وقال تيدروس “تدعو منظمة الصحة العالمية جميع البلدان والشركاء إلى زيادة الوصول إلى التطعيم المنقذ للحياة ضد فايروس الورم الحليمي البشري، وتوسيع نطاق الفحوصات والعلاج والرعاية المخففة للآلام”.
ويجب أن تحقق كل دولة أهداف 90 – 70 – 90 بحلول عام 2030 للسير على طريق القضاء على سرطان عنق الرحم خلال القرن المقبل.
وتوفّر جرعة واحدة من اللقاح المضاد لفايروس الورم الحليمي البشري المسبب لسرطان عنق الرحم حماية مماثلة لتلك التي تؤمّنها جرعتان لمن تقل أعمارهنّ عن 21 عاما، على ما أعلنت الإثنين لجنة الخبراء المعنية بسياسة اللقاحات التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
وغالبا ما تُصاب النساء بسرطانات عنق الرحم عن طريق فايروس الورم الحليمي الذي ينتقل عبر الاتصال الجنسي. وأصبحت اللقاحات المضادة لهذا الفايروس متوافرة منذ منتصف العقد الأول من القرن الجاري.
واستنادا إلى أحدث المعطيات، تعتبر لجنة الخبراء التابعة لمنظمة الصحة العالمية حاليا أنّ جرعة واحدة من اللقاح كافية لحماية الأطفال الذين تتراوح أعمارهنّ بين 9 و14 سنة وكذلك من هنّ بين الـ15 والـ20 سنة، بدل تلقي جرعتين بحسب ما كانت تشير التوصيات السابقة.
وأكّد رئيس اللجنة أليخاندرو كرافيوتو في مؤتمر صحافي أنّ التوصيات الجديدة من شأنها أن تتيح تلقيح عدد أكبر من الفتيات والنساء “مع الحفاظ على المستوى الضروري من الحماية”. وأوضح أنّ برامج التطعيم الوطنية يمكنها رغم ذلك الاستمرار في اعتماد جرعتين من اللقاح في حال رأت أنّ هذا الإجراء ضروري.
إلى ذلك، جدّد الخبراء التابعون لمنظمة الصحة العالمية توصيتهم بأن تتلقى النساء اللواتي يتخطى عمرهنّ الـ21 سنة جرعتين بفاصل ستة أشهر بين كلّ واحدة.
وقال كرافيوتو “بالنسبة إلى اللواتي يعانين ضعفا في المناعة وخصوصا المصابات بفايروس نقص المناعة البشرية، نوصي بإعطائهنّ جرعتين أو حتى ثلاث جرعات على الأقل بهدف تحصينهنّ بشكل كامل”.
ولفت إلى أنّ “امرأة واحدة تموت كل دقيقتين تقريبا بسبب إصابتها بهذا المرض”. وقالت مساعدة المدير العام لمنظمة الصحة العالمية برينسيس نوثيمبا سيميليلا في بيان “لديّ قناعة راسخة بأنّ القضاء على سرطان عنق الرحم أمر ممكن”، مضيفة أنّ “التوصية بتلقي جرعة واحدة من اللقاح قادرة على إيصالنا أسرع نحو هدفنا المتمثل في تلقيح تسعين في المئة من الفتيات اللواتي يبلغن 15 عاما بحلول عام 2030”.
واقتصرت التغطية العالمية بجدول التطعيم بجرعتين عام 2020 على نسبة 13 في المئة فقط.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ عوامل عدة ساهمت في إبطاء عملية إدخال اللقاح وانخفاض التغطية بالتطعيم في بعض البلدان، من أبرزها الصعوبات المرتبطة بالإمداد وتكلفة اللقاح العالية نسبيا، بالإضافة إلى الصعوبات المتعلقة بإعطاء جرعتين للمراهقات اللواتي لا يتم تضمينهنّ عادة في برامج تحصين الأطفال. وأكدت سميليلا أنّ “خيار تلقي جرعة واحدة من اللقاح أقل تكلفة واستهلاكا للموارد وأسهل من ناحية الإدارة”.
وواجهت السلطات الصحية حول العالم انتكاسات في مكافحة سرطان عنق الرحم خلال جائحة كورونا، فيما أبلغ 43 في المئة من بلدان العالم عن تعطل علاج مرض السرطان، وفق دراسة استقصائية حديثة.
وأكد بيان منظمة الصحة أن “معدلات التطعيم ضد فايروس الورم الحليمي البشري انخفضت على مستوى العالم من 15 في المئة في 2019 إلى 13 في المئة في 2020، وسط تعطل الخدمات الصحية وإغلاق المدارس”.