سرطان الثدي: عوامل الخطر والفحوصات اللازمة

برلين - أكدت الدكتورة هولي جيه بيدرسون على أهمية تعرف النساء على عوامل الخطر المتعلقة بسرطان الثدي وذلك حتى يتمكّنّ من التواصل مع مزود خدمات الرعاية الصحية الخاص بهن والاستفسار عن أفضل الفحوصات المناسبة لهن، ومتى يتوجب عليهن تكرار الفحوصات، ومعرفة ما إذا من الممكن أن يستفدن وأفراد عائلاتهن من إجراء استشارات وراثية أو تناول الأدوية التي تسهم في تخفيف عوامل الخطر.
وقالت بيدرسون مديرة الخدمات الطبية لأمراض الثدي بمركز أمراض الثدي في مستشفى كليفلاند كلينك “قد تكون الإرشادات الخاصة بفحوصات سرطان الثدي مصدرا للإرباك نظرا لتغيرها المستمر على مر الأعوام، والاختلاف في التوصيات المقدمة من قبل الهيئات الطبية المتعددة. في حال تعرفت النساء على عوامل الخطر المتعلقة بهن، فإنهن سيصبحن قادرات على إجراء الفحوصات اللازمة واتخاذ الخطوات البسيطة التي تساعدهن على التقليل من المخاطر إن أمكن”.
وأضافت بيدرسون أنه حتى في حال اكتشاف كتل في الثدي عند إجراء الفحص السريري إلا أن التصوير الشعاعي قد يظهر أن كثافة الثدي ليست كبيرة، مشيرة إلى أن التصوير الشعاعي للثدي هو الوحيد القادر على كشف الكثافة الفعلية للثدي.
وأوصت بضرورة إجراء النساء من ذوات عوامل الخطر المتوسطة لفحص شعاعي أساسي للثدي عند بلوغهن سن الأربعين، وبحث كثافة الثدي لديهن وعوامل الخطر الأخرى مع مزود الخدمات الصحية، وذلك للوصول إلى برنامج الفحوصات المناسب لهن.
في حال تعرفت النساء على عوامل الخطر المتعلقة بهن، فإنهن سيصبحن قادرات على إجراء الفحوصات اللازمة واتخاذ الخطوات المناسبة
وتابعت “يمكن للكثافة العالية للثدي أن تؤثر على نتائج التصوير الشعاعي، كما أنها بحد ذاتها تعتبر عامل خطر مستقلا للإصابة بسرطان الثدي. وقد يوصي مزودو الرعاية الصحية في حال وجود كثافة زائدة في الثدي أو عوامل خطر أخرى، بإجراء تصوير سنوي بالرنين المغناطيسي للثدي أو تناول الأدوية التي تقلل من خطر الإصابة”.
ويجب على النساء من ذوات عوامل الخطر المتوسطة والمرتفعة إجراء تصوير شعاعي سنوي طالما أن صحتهن جيدة. وقالت بيدرسون “يعد الفحص السنوي مهما للجميع؛ إذ أن علم الطب لم يصل بعد إلى مرحلة تحديد النساء من ذوات عوامل الخطر المنخفضة، واللواتي قد لا يتوجب عليهن اتخاذ الكثير من الإجراءات الوقائية. بالإضافة إلى ذلك، فإن نحو 75 في المئة من حالات الإصابة بسرطان الثدي يتم كشفها دون وجود أي عوامل خطر معروفة أو مشخصة. إن التصوير الشعاعي للثدي قادر على إنقاذ حياة الكثيرات وكشف التكلسات الدقيقة، التي قد تكون من أكثر العلامات المبكرة لتطور سرطان الثدي. كما يجب على النساء عدم الامتناع عن إجراء الفحص الدوري الشعاعي خوفا من التعرض للإشعاع؛ لأن مستويات الإشعاع في هذه الفحوصات تكاد تكون مهملة”.
وبالنسبة إلى النساء اللواتي لديهن أنسجة ثدي كثيفة أو تم تشخيصهن على أنهن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، فإن هناك خيار إجراء الفحوصات الإضافية التي قد لا يغطي التأمين الصحي جميعها. وقدمت بيدرسون مثالا عن تصوير سريع يعتبر نسخة مصغرة من التصوير بالرنين المغناطيسي، والذي يعتبر خيارا متاحا للنساء اللواتي أظهر التصوير الشعاعي أن لديهن كثافة في الثدي ويرغبن بإجراء فحوصات الكشف المبكر بالرغم من علمهن بإمكانية ظهور نتائج غير دقيقة أو صحيحة للإصابة بالمرض.
وفي حديثها عن كفاءة الخيارات الإضافية للتصوير الشعاعي، قالت بيدرسون إن الأبحاث أظهرت تسجيل خمس حالات إصابة بسرطان الثدي لكل 1000 امرأة خضعن للتصوير الشعاعي التقليدي ثنائي الأبعاد؛ في حين تم تسجيل بين حالة واحدة وثلاث حالات إصابة إضافية بسرطان الثدي لكل 1000 امرأة خضعن للتصوير الشعاعي ثلاثي الأبعاد؛ و15.1 إلى 27.4 حالة إصابة إضافية عند التصوير السريع بالرنين المغناطيسي؛ و13.1 – 15.5 حالة إصابة إضافية عند التصوير الظليل. كما أظهرت دراسة أجريت عام 2023 أن الفحص باستخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية لكامل الثدي أسفر عن تسجيل 1.1 حالة إصابة إضافية فقط لكل 1000 امرأة خضعن للفحص.
يجب على النساء من ذوات عوامل الخطر المتوسطة والمرتفعة إجراء تصوير شعاعي سنوي طالما أن صحتهن جيدة
وأشارت بيدرسون إلى وجود عوامل خطر أخرى غير قابلة للتعديل إلى جانب كثافة الثدي تشمل النساء من ذوات التاريخ الطبي، الذي شهد خضوعهن للعلاج الإشعاعي لسرطان الغدد اللمفاوية في مرحلة الطفولة أو اللواتي تم تشخيصهن سابقا بأي نوع آخر من السرطان أو اللواتي يتضمن التاريخ الطبي لأفراد عائلاتهن إصابات بالمرض.
وأوصت بيدرسون النساء بالتحدث بصراحة مع مزودي الرعاية الصحية لمعرفة ما إذا كانت هناك أي إشارات منذرة بالخطر تستوجب خضوعهن لاختبار جيني، مبيّنة أن الإشارات غير محدودة بحالات الإصابة بسرطان الثدي لدى أفراد من العائلة، بل تتعداها لتشمل كذلك سرطانات أخرى مثل سرطان المبيض أو البنكرياس أو البروستاتا النقيلي أو سرطانات المعدة المنتشرة، لذلك فإن التاريخ الطبي لأفراد العائلة والأسلاف على قدر كبير من الأهمية في تقييم المخاطر المحتملة.
وقالت بيدرسون “يمكن للفحص الجيني أن يوضح ما هي أفضل السبل العلاجية للمرضى، الذين تم تشخيصهم حديثا بالسرطان، كما يمكن أن يحدد الأفراد الذين قد يستفيدون من إجراء تصوير سنوي كامل بالرنين المغناطيسي أو من تناول الأدوية القادرة على تقليل مخاطر الإصابة أو من التدخلات الجراحية، التي قد تساعد في تقليل مخاطر الإصابة لدى الأشخاص من ذوي عوامل الخطر المرتفعة”.
وبيّنت أن هناك عدة عوامل خطر قابلة للتعديل يمكن للنساء التحكم بها للتقليل من مخاطر تطور سرطان الثدي لديهن، وعلقت بالقول “تعتبر السمنة عامل خطر للعديد من السرطانات، ومنها سرطان الثدي، لذلك فإن الحرص على إبقاء الوزن في مستويات صحية هو أمر على قدر كبير من الأهمية، كما يرتبط استهلاك الكحول بمخاطر متزايدة للإصابة بسرطان الثدي. وبصورة عامة، فإننا ننصح النساء بإتباع الإرشادات العامة حتى يتمتعن بصحة جيدة ومن ضمنها ممارسة الرياضة بانتظام، واتباع برنامج غذائي صحي مثل حمية الشرق الأوسط”.
واختتمت بيدرسون بالقول “يعد شهر التوعية بسرطان الثدي فرصة مثالية لتذكير النساء بضرورة الانتباه إلى عوامل الخطر وتقليلها إن أمكن، وندعوهن في هذا الشهر إلى إجراء الفحوصات اللازمة للكشف عن سرطان الثدي في مراحله الأولى، التي تعد أكثر المراحل التي يكون فيها المرض قابلا للعلاج”.