سباق عسكري إيراني - إسرائيلي في سوريا

دمشق- تحولت سوريا إلى ميدان لسباق عسكري متسارع بين إيران وإسرائيل. وفيما تستمر إيران بإرسال الأسلحة والمسؤولين العسكريين، فإن إسرائيل لا تتوقف عن خططها لاستهداف الوجود الإيراني بعمليات قصف موجهة أفضت إلى اغتيال شخصيات عسكرية مؤثرة في الحرس الثوري أو في ميليشيات موالية لطهران وقوات الحكومة السورية.
ويأتي السباق الإيراني – الإسرائيلي ليزيد من الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد، الذي لا يريد أن تكون بلاده جبهة احتياط لصالح إيران وأجندتها في المنطقة.
وقُتل خمسة مستشارين في الحرس الثوري الإيراني السبت في ضربة إسرائيلية دمرت مبنى بكامله في العاصمة السورية وتوعدت طهران بالرد “في الزمان والمكان المناسبَين”، وهي صيغة فضفاضة تترك الملف مفتوحا من دون رد إيراني مباشر على مواقع إسرائيلية.
◙ الإسرائيليون غيروا تكتيكاتهم من استهداف المعدات الإيرانية في سوريا إلى استهداف القيادات العسكرية والأمنية
واستهدفت الضربة حي المزة في غرب دمشق حيث تقع عدة مقرات أمنية وعسكرية سورية، وأخرى لقيادات فلسطينية وسفارات ومنظمات أممية.
ويصعّد الإيرانيون من وجودهم وترسانتهم لوضع سوريا كجبهة احتياط ضد إسرائيل بالتزامن مع هجمات الحوثيين في اليمن ونهوض حزب الله بدور الاشتباك التكتيكي مع إسرائيل بما يعيق تحقيقها لنصر عسكري حاسم على حماس في وقت سريع مثلما أعلن عن ذلك القادة السياسيون والعسكريون.
ومنذ سنوات تردّ إيران على عمليات الاستهداف الإسرائيلي الموجه ضد وجودها في سوريا بالزج بالمزيد من الخبراء والمسلحين والصواريخ في سوريا ليس من أجل تسليمها للقوات الحكومية، ولكن للمجموعات الموالية لها على الأراضي السورية التي تتولى تنفيذ مهام محددة وفق خطط طهران وأوامر قادتها.
ويعتقد مراقبون أن تكثيف الوجود العسكري والاستخباري الإيراني لا يتم برضا الأسد، ولا يصب في صالح خطط الدولة السورية التي تريد إنهاء معالم الحرب بشكل نهائي من خلال القضاء على المجموعات المتشددة المدعومة من تركيا، وكذلك انسحاب المجموعات الموالية لإيران والتي دخلت إلى سوريا تحت عنوان مساعدة الأسد على فرض الأمن وعزيمة المتشددين، لكن تبين لاحقا أن الهدف هو تأمين بقاء دائم في سوريا وفق إستراتيجية إيرانية لمواجهة إسرائيل، وهو وضع يربك الأسد ويجعله في إحراج مع الروس ويخرق التفاهمات عن بعد مع تل أبيت.
في المقابل، تركز إسرائيل على انتقائية الاستهداف لتقول لدمشق إن الحرب ليست حربك ولا تتدخلي، وإن الهدف هو الوجود الإيراني. ومن الواضح أن الإسرائيليين قد غيروا تكتيكاتهم من استهداف المعدات الإيرانية الموجودة في سوريا إلى استهداف القيادات العسكرية والأمنية.
وقتل خلال الأسابيع الماضية القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي قرب دمشق، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، والقيادي العسكري في حزب الله وسام الطويل في جنوب لبنان، في عمليات اتهمت إسرائيل بتنفيذها.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني ارتفاع عدد القتلى من عناصره إلى خمسة بعدما كان أفاد سابقاً عن مقتل أربعة مستشارين عسكريين في الضربة التي اتهم إسرائيل بشنها.
وأفادت وكالة “مهر” الإيرانية في وقت سابق أن الضربة الإسرائيلية أودت بـ”مسؤول استخبارات الحرس الثوري في سوريا ونائبه وعنصرين آخرين من الحرس”.
وأدان الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان “بشدّة العمل الإجرامي الذي نفذه الكيان الصهيوني” والذي يُعدّ “محاولة يائسة لنشر عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة”.
وأضاف “بالإضافة إلى الملاحقة السياسية والقانونية والدولية لهذه الأعمال العدوانية والإجرامية، تحتفظ جمهورية إيران الإسلامية بالحق في الردّ على الإرهاب المنظّم للكيان الصهيوني المزيّف في الزمان والمكان المناسبَين”.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن “الضربة طالت مبنى يتبع للحرس الثوري الإيراني في منطقة معروفة بأنها أمنية بامتياز ويقطن فيها مسؤولون إيرانيون وفلسطينيون”.
وأورد الإعلام الرسمي السوري “ارتقاء عدد من الشهداء بينهم عدد من المستشارين الإيرانيين” في الضربة في “عدوان جوي” إسرائيلي من اتجاه الجولان السوري المحتل.
وأعلنت إيران مراراً خلال السنوات الماضية مقتل أفراد من قواتها في سوريا، حيث تؤكد أنهم يتواجدون في مهام “استشارية”.
◙ الإيرانيون يصعّدون من وجودهم وترسانتهم لوضع سوريا كجبهة احتياط ضد إسرائيل
وشنّت إسرائيل خلال الأعوام الماضية المئات من الضربات الجوّية في سوريا طالت بشكل رئيسي أهدافاً إيرانيّة وأخرى لحزب الله، بينها مستودعات وشحنات أسلحة وذخائر، لكن أيضاً مواقع للجيش السوري.
ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، لكنها تكرر أنها ستتصدى لما تصفه بأنه محاولات طهران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة حماس، استهدفت إسرائيل مراراً الأراضي السورية، وقد طال القصف مرات عدة مطاري دمشق وحلب الدوليين، وأيضاً مواقع تابعة لحزب الله.
وتزداد الخشية من توسع الحرب في المنطقة وخصوصاً إلى جبهة لبنان.
ومنذ بدء حرب غزة، تشهد المنطقة الحدودية في جنوب لبنان تبادلاً للقصف بين حزب الله وإسرائيل. وتزامناً مع ذلك، يشنّ الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران هجمات في البحر الأحمر ضد سفن تجارية مرتبطة بإسرائيل، وتتبنى فصائل عراقية تدعمها طهران هجمات ضد قواعد تضم قوات أميركية في سوريا والعراق.
كما أطلقت مجموعات موالية لإيران بضع مرات قذائف من جنوب سوريا باتجاه الجولان المحتل.