زيارة مرتقبة لأردوغان إلى بغداد مع تخطيط جيشه لمنطقة عازلة داخل العراق

وزير الدفاع التركي يتوعد بـ"صيف مختلف" هذه المرة في العراق، ووضع "حل دائم" لمشكلة حزب العمال الكردستاني على الحدود.
الأربعاء 2024/03/13
العراق يعول على زيارة أردوغان لحل عقدتي المياه والنفط

بغداد - يجري وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، زيارة رسمية إلى العاصمة العراقية بغداد غدا الخميس لترتيب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المقررة قبل نهاية الشهر المقبل، وفق وسائل إعلام محلية، في وقت تسعى أنقرة إلى اقامة منطقة عازلة في شمالي العراق بعمق قد يمتد إلى 40 كم.

وتأتي زيارة أدوغان المنتظرة وهي الأولى له منذ سنوات، بعد تعثر الزيارة السابقة التي كان يفترض اجراؤها العام الماضي، في ظل حديث عن عرقلتها من قبل أطراف في الإطار التنسيقي لعدم تلقيها الضوء الأخضر من إيران لاستقباله بسبب تورط طهران في ملف حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا.

وكان أحمد يلدز نائب وزير الخارجية التركي قد أكد الثلاثاء أن أردوغان سيقوم بزيارة إلى العراق قبل نهاية أبريل المقبل.

ولفت يلدز الذي زار السفارة التركية في بغداد ومركز يونس أمره الثقافي، إلى أنه سيبدأ لقاءاته مع مسؤولين عراقيين اليوم الأربعاء.

وأوضح أنه سيجري مباحثات في وزارة الخارجية العراقية سيتم خلالها مراجعة العلاقات الثنائية، والتحضير لاجتماع سيعقد على مستوى الوزراء في الفترة المقبلة وزيارة الرئيس أردوغان.

وشهدت الفترة الأخيرة سلسلة من اللقاءات الوزارية العراقية – التركية في بغداد وأنقرة لحل قضايا خلافية. وفيما يطلب العراق من تركيا تسهيلات للحصول على كميات إضافية من المياه في وقت يعيش فيه البلد تحت وقع الجفاف، تناور أنقرة للوصول إلى اتفاق عنوانه الماء مقابل النفط بما تحمله هذه المعادلة من إحالة سيئة في أذهان العراقيين إلى اتفاق النفط مقابل الغذاء في التسعينات.

وأشار نائب الوزير إلى أهمية مشروع طريق التنمية الذي يمتد من العراق إلى تركيا. وأكد أن المشروع سيلبي حاجة كبيرة، سيما وأن تركيا اقتصاد كبير وجارة لأوروبا.

وأضاف أن العراق أيضا "كان يمتلك اقتصادا كبيرا"، معربا عن أمله في أن يعود كما كان. وشدد على أن كلا البلدين متحمسان للمشروع، وأضاف "نعتقد أنه إذا تم تنفيذه فسيجلب فوائد (كبيرة) لا تقارن بتكلفته".

ومشروع "طريق التنمية" يشمل طريقا بريا وسككا حديدية، ويمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، ويبدأ من ميناء الفاو في خليج البصرة (جنوب العراق)، بطول 1200 كيلومتر داخل العراق، على أن يتم ربطه بشبكة السكك الحديدية التركية.

ويراهن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على الزيارة المنتظرة لأردوغان إلى بغداد لبحث فرص التوصل إلى توافقات بشأن جملة من الملفات الحيوية بالنسبة إلى بغداد وأهمها ملفا المياه وصادرات نفط إقليم كردستان، المتعثرة منذ مارس 2022.

وتشير الإحصاءات الرسمية العراقية إلى أن الاحتياطات المتوفرة من المياه في الخزانات تتراوح بين 7 و7.5 مليار متر مكعب، من أصل 150 مليار متر مكعب من الطاقة الاستيعابية. وهذه الاحتياطات تقترب من النضوب، ما يمكن أن يؤدي إلى كارثة غير مسبوقة تجعل حتى  من مياه الشرب شيئا نادرا.

ويخدم هذا الوضع تركيا أكثر حيث تتطلع شركة "بينار" التركية لصادرات المياه المعدنية والمشروبات إلى أن تجعل من العراق سوقها الرئيسي.

ويعمل العراق على إثناء تركيا عن تشدّدها في موضوع المياه من خلال إغراءات في مجال تصدير النفط.

وتسعى بغداد إلى استئناف صادرات النفط من كركوك وإقليم كردستان عبر خط الأنابيب العراقي – التركي. وتوقفت هذه الصادرات منذ مارس 2022 حين ربح العراق قضية في غرفة التجارة الدولية ضد تركيا بخصوص الصادرات أحادية الجانب من إقليم كردستان دون موافقة بغداد.

وكلّف فقدان 450 ألف برميل يوميا من الصادرات لمدة خمسة أشهر بغداد وأربيل نحو 5 مليارات دولار من إجمالي الإيرادات غير المحققة. ويصبح تسييل هذا النفط لذلك ضروريا لتنفيذ ميزانية العراق لسنة 2023 البالغة 150 مليار دولار وكبح العجز الهائل البالغ 48 مليار دولار.

لكن خسائر تركيا المباشرة أقل، وتتراوح بين 2 و3 ملايين دولار يوميا من رسوم عبور النفط، مما يمكنها من تجاوز الفرصة الضائعة المتمثلة في تنشيط تجارة النفط والغاز مع العراق.

ولم تسفر المحادثات الأخيرة بين المسؤولين العراقيين والأتراك عن اتفاق فيما يتعلق بالنفط الذي تسيطر أنقرة على تدفقه. وقال مسؤولون أتراك إنهم في حاجة إلى المزيد من الوقت لفحص خط الأنابيب وصهاريج التخزين في ميناء جيهان على البحر المتوسط ​​بحثا عن الأضرار الناجمة عن زلزال 6 فبراير، وهو ما ينظر إليه محللون على أنه مماطلة تركية.

وتأتي زيارة أردوغان المنتظرة، في وقت وعدت وزارة الدفاع التركية بـ"صيف مختلف" هذه المرة في العراق، ووضع "حل دائم" لمشكلة حزب العمال الكردستاني على الحدود.

وتنوي أنقرة، بحسب وزارة الدفاع، تنفيذ اجراءات في الصيف المقبل، واقامة منطقة عازلة في شمالي العراق بعمق قد يمتد الى 40 كم.

وحتى الآن لم ترد الحكومة العراقية على تلك التصريحات، فيما كانت بغداد قد اشتكت في مجلس الأمن ضد الضربات التركية.

وعلى مدى السنوات الماضية لم ينفك الجيش التركي عن قصف ومطاردة حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) المنتشر على الحدود العراقية وفي منطقة سنجار.

ووفقا لتقديرات منظمات غير حكومية، فإن الهجمات التركية أودت بحياة ما لا يقل عن 129 مدنيا في شمال العراق وإصابة 180 آخرين وذلك منذ 2015 حتى يوليو 2022.

وتتشابك العلاقة بين إيران والفصائل مع حزب العمال المعروف بـ"بي كي كي" حيث ينتمي عدد من أفراد الحزب إلى هيئة الحشد الشعبي ويستلم رواتب وأسلحة من الهيئة.

ووفق التسريبات فإن طهران تستخدم ملف "بي كي كي" للضغط على بغداد والولايات المتحدة وخاصة في قضية مدينة سنجار التي تقع تحت سيطرة الحزب منذ 7سنوات.

وعسكريا قال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، في تصريحات لعدد من الصحافيين الأتراك الاثنين الماضي "تماشياً مع الإطار الذي رسمه رئيسنا (أردوغان)، سوف نكمل الدائرة التي ستؤمن حدودنا مع العراق هذا الصيف، ونزيل الإرهاب بحيث لا يصبح مشكلة تؤرق بلادنا".

وتنشر تركيا نحو 7 آلاف جندي وضابط يتغلغلون بعمق يصل الى 100 كم داخل الأراضي العراقية ولديهم 11 قاعدة عسكرية و19 معسكرا في العراق.

وأكد غولر ان بلاده تنوي إنشاء حزام أمني داخل العراق، وقال متحدثا عن حزب العمال "إذا أبقيناهم على بعد من 30 إلى 40 كيلومتراً على الأقل من حدودنا، فإن أمتنا وحدودنا ستكون آمنة".

وأضاف "نضالنا مستمر وفق خطة مدروسة منذ ما يقرب من 6 سنوات، والآن تحتاج تركيا للانتقال إلى مرحلة أخرى".

وشنت تركيا أكثر من 4 الاف هجوم على العراق خلال ست سنوات، منذ شهر أغسطس عام 2015 لغاية يناير من عام 2021. بحسب تقرير لـ"تحالف المجتمع المدني الدولي" التابع للأمم المتحدة.

ولم تعلق بغداد حتى اللحظة على تلك التصريحات، لكن الحكومة العراقية كانت قدمت في فبراير الماضي، شكوى الى مجلس الامن الدولي على تركيا وايران والولايات المتحدة لاستهدافهم المتكرر أمن وسيادة البلاد.

وفي جلسة البرلمان التي عقدت في 2022 حول "الاعتداءات التركية"، قال وزير الخارجية فؤاد حسين إن "العراق سجل منذ 2018 أكثر من 22 ألفا و700 انتهاك تركي للعراق، وأنه تقدم بـ296 مذكرة احتجاج على تركيا".

ولا يلاقي الوجود التركي بالعراق ذات الحماسة التي تبديها أطراف في "الإطار التنسيقي" بالاعتراض على القوات الأميركية.

ويعادل عدد القوات التركية المتواجدة بشكل دائم في العراق (اكثر من 7 الف مقاتل) ضعفي عدد القوات الأميركية في العراق والبالغة 2500 فردا.