زوجة واحدة لا تكفي

المسلسل يأتي في سياق حركة درامية نشطة في الكويت عرفت بجرأتها في طرح العديد من القضايا الاجتماعية الشائكة.
الأحد 2024/04/14
أدوات الرقابة تطبق على الجميع

بعد بث الحلقة السابعة والعشرين من مسلسل "زوجة واحدة لا تكفي"، قررت وزارة الإعلام الكويتية إحالة صناع المسلسل إلى النيابة العامة، وذلك لاعتباره يسيء إلى قيم المجتمع الكويتي وأخلاقه، ومنع كل طاقم العمل من مؤلفين وممثلين من المشاركة أو الدخول في أيّ نشاط فني داخل دولة الكويت، وكانت الفنانة الكبيرة هدى حسين أولى ضحايا التنفيذ العملي للفرمانات الحكومية بمنعها من عرض مسرحيتها "في زين الزمان" التي كانت مبرمجة لعيد الفطر.

الوكيل المساعد للصحافة والنشر والمطبوعات بالتكليف بوزارة الإعلام لافي السبيعي قال إنه تم تطبيق القوانين والنظم واللوائح بمسطرة واحدة على الجميع دون تمييز، كون دور الوزارة يعمل على إبراز صورة المجتمع الكويتي الحقيقي، مع التمسك بالقيم والأخلاق التي جبل عليها أهل الكويت منذ القدم، وأنه لن يتم السماح للفنانين الذين يشاركون في أعمال فنية مسيئة للكويت خارج البلاد أن يقدموا أيّ نوع من الأعمال داخل الكويت.

جاء المسلسل في سياق حركة درامية نشطة في الكويت كان لها السبق والريادة خليجيا، وقد عرفت بجرأتها في طرح العديد من القضايا الاجتماعية الشائكة، كما أن قانون المرئي والمسموع الذي أقره مجلس الأمة عام 2007 لا يحظر أو يمنع بثّ أيّ عمل إلا في حالات محددة وواضحة مثل “المس بالذات الإلهية أو الملائكة أو القرآن الكريم أو الأنبياء أو الصحابة”، و”التحريض على قلب نظام الحكم في البلاد”، قبل أن يصبح سيف الرقابة الأول المسلط على رقاب المنتجين والكتاب والفنانين هو ما يسمّى بالمحافظة على قيم المجتمع، وكأن المجتمعات سهلة الاختراق والتأثر إلى درجة وقوعها ضحية مسلسل تلفزيوني.

وإذا كانت الرقابة على المصنفات في الكويت قد أصبحت متشددة أكثر من اللازم، خلال السنوات الماضية بما بات يطرح على الفنانين فكرة العمل من خارج البلاد، فإن أغلب دوافعها سياسية مختلطة بالاجتماعي لتصب في اتجاه ضرب كل منجز فني أو ثقافي قد يكون متجاوزا ليس لقيم المجتمع ولكن لمن يتظاهرون بالدفاع عن تلك القيم من باب السعي للوصاية على المجتمع وبالتالي على خيارات الأفراد وقناعاتهم الأخلاقية والاجتماعية والثقافية.

اللافت في الموضوع أن الملاحقة عادة ما تستهدف المنتج أو المخرج أو المؤلف أو الرقيب ذاته الذي سمح بالبث قبل وقفه، أما أن يوضع الجميع بمن في ذلك فنانون وفنانات يحترفون التمثيل ويحصلون منه على لقمة عيشهم، في سلة واحدة، فإن الأمر يصبح أقرب إلى الانتقام والتشفي، أو إلى خضوع لتوصية صادرة عن جهة ما، اتخذت القرار في لحظة تشنج وغضب.

كذلك بالنسبة إلى الجهة التي تبث العمل، كان عليها أن تتحمل مسؤوليتها سواء باستعمال أبغض المتاح قانونيا وهو حذف المشهد الذي يزعج الرقيب، أو بنقل بث المسلسل إلى خارج فترة الذروة أو بوضع إشارة على الشاشة تنص على الفئة العمرية التي لا يمكنها مشاهدته.

النتيجة، أن فرمانات وزارة الإعلام أعطت المسلسل مجالا لتحقيق انتشار غير مسبوق، ولفتت إليه أنظار من كانوا غافلين عن مشاهدته سواء داخل البلاد أو خارجها، وأكدت بالمقابل أن زمن منع المصنفات الإعلامية والفنية أصبح جزءا من الماضي، لاسيما في ظل هيمنة البث الفضائي وعبر الإنترنت ومن خلال المنصات المتعددة بما في ذلك المتخصصة في القرصنة.

18