زوار الليل الإسرائيليون يرعبون النساء والأطفال

منظمة هموكيد الإسرائيلية قالت إن الغالبية العظمى من اعتقالات القصّر مخطط لها مسبقا العام الماضي.
الاثنين 2023/01/16
لا يمكن أن ننسى مأساة الاعتقال

مخيم بلاطة (الضفة الغربية) – باتت مداهمات الجيش الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية خلال الليل مرعبة للنساء والأطفال الذين ليسوا معفيين من الاعتقال. كان يوسف مشيح نائما في فراشه عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية منزله في الساعة الثالثة صباحا.

قال الفلسطيني البالغ من العمر 15 عاما إنه وجد نفسه مستلقيا على الأرض، بينما كان الجنود يضربونه ويشتمونه. ضرب جندي صدر والدته بعقب بندقيته وحبسها في غرفة النوم، بينما تعالت صرخاتها خوفا على أبنائها.

وأخرجوا يوسف وشقيقه وائل البالغ من العمر 16 عاما من مكان عيشهما في مخيم بلاطة للاجئين في شمال الضفة الغربية. كان يوسف يرتدي قميصا داخليا بلا أكمام ولا يستطيع الرؤية دون نظارته.

وقال من غرفة معيشته المزينة بصور وائل الذي لا يزال قيد الاعتقال “لا يمكنني أن أنسى تلك الليلة. ما زلت أسمع صوت إطلاق النار والصراخ كلما استلقيت في فراشي”.

اعتقل الجيش الإسرائيلي المئات من المراهقين الفلسطينيين واستجوبهم في 2022 في الضفة الغربية المحتلة دون إخطار عائلاتهم، وفقا لتقرير منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية هموكيد.

وتراوحت التهم الموجهة إليهم بين التواجد في إسرائيل دون تصريح وإلقاء الحجارة أو الزجاجات الحارقة. ويقول بعض المراهقين إنهم اعتقلوا ليحصل الإسرائيليون منهم على معلومات عن الجيران أو أفراد الأسرة.

وقالت هموكيد إن في الغالبية العظمى من اعتقالات الجيش المخطط لها مسبقا للقصّر العام الماضي، نُقل الأطفال من منازلهم في الليل بعد انتزاعهم من الفراش. وكان استجواب أطفال لا تتجاوز أعمارهم 14 عاما وهم محرومون من النوم. وكثيرا ما منعوا من الحصول على الماء والغذاء والوصول إلى المراحيض. وقال يوسف إن الجنود ضربوه عندما طلب قضاء حاجته خلال رحلته التي استغرقت سبع ساعات إلى مركز الاحتجاز.

الضفة الغربية

ويقول الجيش الإسرائيلي إن لديه السلطة القانونية لاعتقال القاصرين خلال مداهمات في وقت متأخر من الليل. ويقول محامون ونشطاء حقوق الإنسان إن هذا التكتيك يتعارض مع وعود إسرائيل القانونية بتنبيه الآباء بشأن جرائم أطفالهم المزعومة.

وقالت جيسيكا مونتيل، مديرة هموكيد، “بدأنا نطالب بأن تكون الاعتقالات الليلية للأطفال الملاذ الأخير”.

وقالت المنظمة الحقوقية إنها سجّلت بعض التحسن قبل عامين عندما طلبت الحكومة الإسرائيلية، ردا على التماس للمحكمة العليا من هموكيد، أن يدعو الجيش الآباء إلى إحضار أطفالهم للاستجواب. لكن الجيش استدعى الآباء الفلسطينيين لاستجواب أطفالهم لمرات قليلة فقط.

وفي العام الماضي، لم تتلق أي عائلة استدعاء في ما يقرب من 300 حالة سجّلتها هموكيد في الضفة الغربية. ولم تكن المخالفات البسيطة والقضايا التي أفرج فيها عن الأطفال دون تهمة (كما حدث ليوسف) استثناء.

وقال الجيش الإسرائيلي ردا على طلب للتعليق إنه يحاول استدعاء أطفال يشتبه في ارتكابهم مخالفات بسيطة دون تاريخ من الإدانات الجنائية الخطيرة. لكنه حدد أن هذه السياسة لا تنطبق على الجرائم الخطيرة.

ولم يعلق الجيش على اعتقال يوسف، لكنه قال إن شقيقه وائل يواجه اتهامات تتعلق بـ”جرائم مالية خطيرة”، منها “الاتصال بالعدو”، و”جلب الأموال بشكل غير قانوني” ومساعدة “منظمة غير مشروعة”. وتعكس هذه الاتهامات عادة حالات اتصال فلسطينيين بأشخاص في قطاع غزة الذي تحكمه حماس.

وعلى الرغم من أن هموكيد وجدت أن معظم المعتقلين يستعيدون حريتهم في النهاية، إلا أن الاعتقالات في وقت متأخر من الليل تضر بنفسية الأطفال لفترة طويلة.

فمنذ اعتقاله في السابع من نوفمبر، “لم يعد يوسف كما كان من قبل”، حسب والدته هنادي مشيح التي قالت إنه لا يستطيع التركيز في المدرسة ولم يعد يلعب كرة القدم. وكانت تنام بجانبه في بعض الليالي، وتحتضنه خلال كوابيسه. وقال يوسف “أشعر بأنني مراقب دائما. أشعر بالخوف عندما توقظني أمي في الصباح للذهاب إلى المدرسة”.

إسرائيل

تنتشر قصص مماثلة كثيرة في المنطقة. وذكرت منظمة بتسيلم الإسرائيلية الحقوقية أن القوات الإسرائيلية قتلت العام الماضي ما لا يقل عن 146 فلسطينيا، من بينهم 34 طفلا، مما يجعل 2022 الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ 18 عاما.

وتقول إسرائيل إن الهدف من العمليات هو تفكيك شبكات النشطاء وإحباط هجمات في المستقبل. ولا تقتصر مداهمات الاعتقالات الليلية على الضفة الغربية. كما تواصل شرطة الاحتلال مداهمات منتظمة للأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية.

في الخريف الماضي في حي بيت حنينا في القدس، سمعت رانيا إلياس دقات على الباب قبل الفجر. كان ابنها الأصغر شادي خوري، البالغ من العمر 16 عاما، نائما بملابسه الداخلية. واقتحمت الشرطة الإسرائيلية المنزل ودفعت خوري أرضا وضربته في وجهه. قالت إن الدم كان في كل مكان، حيث اقتادته الشرطة إلى مركز احتجاز في القدس للاستجواب.

وقالت “لا يمكنك أن تتخيل كيف يكون الشعور بالعجز لإنقاذ طفلك”. وردا على طلب للتعليق، قالت الشرطة الإسرائيلية إنها اتهمت خوري بالانتماء إلى مجموعة ألقت الحجارة على سيارة عائلة يهودية، مما أدى إلى إصابة أحد الركاب.

ويقول الآباء إنهم يخشون على أطفالهم أكثر من أي وقت مضى في ظل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القومية المتطرفة الجديدة، حيث إن بعض أقوى الوزراء هم من المستوطنين الإسرائيليين الذين يعدون بموقف متشدد ضد الفلسطينيين.

7