زلة لسان مرشحة لمنصب المستشارية في ألمانيا تحيي جدل العنصرية

مرشحة حزب الخضر أنالينا بيربوك تعتذر عن استخدامها كلمة "زنجي" في إحدى المقابلات الصحافية.
الثلاثاء 2021/07/27
قلق ألماني من ازدياد ظاهرة العنصرية

برلين - فتحت زلة لسان مرشحة حزب الخضر لمنصب المستشارية في ألمانيا أنالينا بيربوك، والتي استخدمت كلمة "زنجي" في إحدى المقابلات الصحافية، جدلا واسعا في ألمانيا وأحيت النقاش بشأن العنصرية ومصادر تغذيتها داخل مجتمع لم يغادر بعد فوبيا الحقبة النازية.

ورغم أنها اعتذرت عن استخدام كلمة "زنجي"، وقالت إنها أخطأت وكانت تعلم أن الكلمة عنصرية وجارحة، نكأت مرشحة حزب الخضر جراحا قديمة داخل مجتمع ألماني قلق من تنامي الكراهية داخله وتداعياتها السلبية المحتملة على السلم الأهلي في ظل وجود تيارات يمينية متطرفة تتغذى على مثل هذه الحادثة.

وكتبت بيربوك على موقع تويتر الأحد “كان هذا خطأ ويؤسفني”، مشيرة إلى أنها تعرف الأصل العنصري لهذه الكلمة والتجريح الذي يعانيه السود بسببها، واستخدمت في الإشارة إلى هذه اللفظة الكلمة المبدوءة بـ”N” وهو الحرف الذي تبدأ به الكلمة بالألمانية.

وأوضحت أنها تحدثت في المقابلة التي دار موضوعها حول معاداة السامية والعنصرية عن حادثة وقعت في مدرسة في منطقتها حيث رفض تلميذ كتابة قصة مصورة في ورقة تدريبات لأن هذه الكلمة مذكورة فيها، وقالت “للأسف أثناء تسجيل المقابلة اقتبست هذه الكلمة خلال الوصف الانفعالي لهذه الحادثة التي لا توصف، ومن ثم أعدت استخدامها بنفسي”.

وأضافت أنها أدركت هذه الكلمة أثناء التسجيل وقالت إن حزب الخضر والمجلس المركزي ليهود ألمانيا الذي أجرى معها المقابلة فكرا في إيجاد حل لهذه المسألة حيث تم إدراج صوت صفير في التسجيل محل هذه الكلمة في المقابلة التي نشرتها تحت تغريدها.

أنالينا بيربوك: أخطأت وكنت أعلم أن كلمة زنجي عنصرية وجارحة
أنالينا بيربوك: أخطأت وكنت أعلم أن كلمة زنجي عنصرية وجارحة

وتواجه ألمانيا تزايدا لافتا في عدد جرائم العنصرية والكراهية، ما يؤشر على توسع نطاق العنصرية التي تهدد التعايش المشترك.

ولعل قلق الألمان من ازدياد هذه الظاهرة يعود إلى فظائع النظام النازي؛ فقد لقي أكثر من 6 ملايين يهودي حتفهم على يد النازيين في عمليات منظمة، معظمهم قتلوا في معسكرات الاعتقال.

وفي 19 فبراير2020 أطلق ألماني (يبلغ من العمر 43 عاما ويعتنق الفكر النازي) النار على تسعة أشخاص من أصول أجنبية في مدينة هاناو. ويُشتبه أنه قتل والدته بعد ذلك، ثم انتحر.

وسجلت ألمانيا ارتفاعًا كبيرًا في عدد المتطرفين اليمينيين في 2019، وأفاد تقرير أعدته هيئة حماية الدستور الألمانية (المخابرات الداخلية) بأن عدد المتطرفين اليمينيين في البلاد بلغ 32080، ويمثل هذا الرقم زيادة تقارب 8000 فرد مقارنة برقم 24100 المسجل في 2018.

ويتبنى النازيون الجدد، وهم يمينيون متطرفون يعتبرون أنفسهم امتدادًا للنظام النازي الذي حكم ألمانيا بين 1933 و1945، شعارات الأيديولوجيا النازية مثل الصليب المعقوف، ويعتنقون أفكارًا معادية للمهاجرين والأشخاص غير المنحدرين من أصل ألماني.

ويعكس الجدل بشأن العنصرية في ألمانيا جدية المخاطر المحدقة بالمجتمعات الأوروبية متعددة الثقافات والأديان والأعراق، لاسيما بعد تنامي المدّ الشعبوي داخل بلدان التكتل التي باتت تسجل أرقاما مفزعة في نسب الجرائم ذات الصلة بالتمييز العنصري وكراهية الأجانب.

واندلعت موجة جديدة من المظاهرات في مختلف أنحاء العالم أوائل العام الماضي عقب وفاة عدة أشخاص من أصحاب البشرة الداكنة، وبينهم جورج فلويد الأميركي من أصل أفريقي الذي قتل في الولايات المتحدة وهو في عهدة الشرطة.

وشهدت عواصم مثل باريس وبرلين ولندن وبروكسل موجة غضب شعبي ضد عنصرية ووحشية الشرطة في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن الاحتجاجات بدأت سلمية إلا أنها قد تحولت إلى اشتباكات بين حشود المتظاهرين والشرطة في أكثر من مدينة.

Thumbnail

ويشير الكاتب البريطاني جوني بيتس في كتابه “ملاحظات من أوروبا السوداء” إلى أن حركة تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي لعبت دورا كبيرا في تكوين الصورة التي ينظر بها الغرب إلى العرق، خاصة على المستوى اللاواعي.

وحسب بيتس ما زالت الشعوب الغربية تؤمن بالتسلسل الهرمي للأعراق، وفقا لرؤية القرون الاستعمارية. وهو الأمر الذي لم يبذل المجتمع الدولي فيه مجهودا كبيرا لتغييره منذ مطلع القرن الماضي حتى الآن.

وأكد أن نشر الوعي لدى الأجيال الجديدة وتناول قضايا العرق في التعليم لم يصلا بعد إلى المستوى الذي يسمح بالقضاء على التمييز العنصري من الجذور.

ويحيي الألمان سنويا، منذ عام 2015، في الأول من يوليو يوم “مناهضة معاداة المسلمين”، في ذكرى مقتل المصرية مروة الشربيني قبل 12 عاما في حادث تطرف ديني.

وقتلت مروة الشربيني عام 2009 على يد المتطرف الألماني ألكسندر فينس الذي وجه إليها 18 طعنة بسكين في قاعة محكمة دريسدن، لتلقى حتفها هي وجنينها على الفور أمام زوجها وطفلها البالغ من العمر 3 سنوات.

ولفتت دراسة إلى أن الكراهية تجاه اللاجئين في الولايات الألمانية الشرقية أكبر عشر مرات من الكراهية تجاههم في الولايات الألمانية الغربية، وأن ثلث الألمان يؤيدون الشعارات العنصرية ضد الأجانب.

ولم يسبق لألمانيا أن خلت من العنصرية والحقد على الأجانب، إلا أن هذا الحقد تضاعف منذ عام 2015 بعد فتح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل باب اللجوء على مصراعيه، وبلغ ذروته في شرق ألمانيا خلال ثلاث سنوات، على الرغم من أن الولايات الشرقية استقبلت أقل عدد من اللاجئين.

ويأتي الجدل بشأن مكافحة العنصرية تزامنا مع إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن إطلاق منسق جديد معني بمناهضة العنصرية، فيما تستعد المفوضية لتنظيم قمة مناهضة للعنصرية العام الجاري.

وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي المكلفة بملف القيم فيرا يوروفا إن “التقدم الذي جرى إحرازه في إطار مكافحة العنصرية والكراهية في أوروبا ليس كافيا، ولكننا نأمل أن نتمكن -بمرور الوقت وبالمزيد من الجهود- من تغيير الوضع في أوروبا”.

وأضافت يوروفا “هذا هو هدف خطة العمل الجديدة ولن نتردد في التحرك، بما في ذلك تعزيز تشريعاتنا وإنفاذ القوانين بقوة”.

12