زعماء أوروبيون إلى تونس وسط مخاوف من موجات الهجرة السرية

رئيسة الوزراء الايطالية تقود جهودا مضنية لإقناع الأوروبيين بدعم تونس ماليا وتسهيل قرض من صندوق النقد الدولي، محذرة أن زعزعة الاستقرار فيها ستكون لها تداعيات خطيرة على استقرار شمال إفريقيا وأوروبا.
الخميس 2023/06/08
ميلوني أبلغت المستشار الألماني بمخاطر أي انهيار مالي في تونس وتداعياته على أوروبا

روما - يزور مسؤولون أوروبيون تونس مطلع الأسبوع القادم على أمل التوصل لاتفاق بينها وبين صندوق النقد الدولي على برنامج تمويل بنحو 1.9 مليار دولار بعد أن تعثرت المفاوضات بين الجانبين وإعلان الرئيس التونسي قيس سعيد رفضه لإملاءات الصندوق خاصة منها ما يتعلق بإلغاء الدعم الذي اعتبره بمثابة إشعال عود ثقاب قرب مواد شديدة الانفجار.

وتقود ايطاليا الجهود الأوروبية لدعم تونس بدفع من مخاوف من طوفان من المهاجرين في حال حدوث انهيار مالي في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا وباتت سواحلها في الأشهر الأخيرة بوابة للهجرة السرية إلى أوروبا.    

ويتوجه رئيسا وزراء إيطاليا وهولندا ورئيسة المفوضية الأوروبية إلى تونس خلال الايام القليلة القادمة في محاولة لإحراز تقدم نحو التوصل لاتفاق بين البلد العربي وبين وصندوق النقد الدولي للحصول على قروض.

وتعثرت المحادثات بين تونس وصندوق النقد حول قرض قدره 1.9 مليار دولار منذ شهور مع رفض سعيد التزامات الإصلاح الرئيسية للحصول على الأموال وعدم قبوله بالاتفاق.

وتخشى أوروبا بشدة من احتمال أن تتعرض تونس لأزمة مالية شاملة قد تدفع بموجة جديدة من المهاجرين عبر البحر المتوسط بحثا عن حياة أفضل في أوروبا.

وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني اليوم الخميس إنها تأمل في أن تيسر زيارتها يوم الأحد المحادثات بين تونس وصندوق النقد الدولي، مضيفة أنها واثقة من إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الصندوق وتونس إذا أبدى الطرفان استعدادا للتفاوض.

وقالت ميلوني بعد اجتماع مع المستشار الألماني أولاف شولتس في روما "زعزعة الاستقرار في تونس ستكون لها تداعيات خطيرة على استقرار شمال إفريقيا كلها... وستطالنا هذه التداعيات أيضا".

وسينضم رئيس الوزراء الهولندي مارك روته إلى ميلوني ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين في تونس العاصمة. ويمثل السخط العام في هولندا على طالبي اللجوء إحدى المشكلات السياسية الداخلية الرئيسية لروته.

وتأتي الزيارة المشتركة بعد اجتماع بين ميلوني والرئيس سعيد في تونس في وقت سابق هذا الأسبوع في ذروة موجة هجرة غير شرعية انطلاقا من السواحل التونسية إلى ايطاليا التي تعتبر الأقرب والوجهة المفضلة للمهاجرين من دول الساحل والصحراء.

والزيارة المرتقبة للعدد من الزعماء الأوروبيين بقيادة ميلوني تأتي أيضا على وقع اجتماع عقده وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي الخميس في لوكسمبورغ حول إصلاح ميثاق اللجوء والهجرة، وسط تباين في مواقف الدول الأعضاء في التكتل خاصة بين دول شرق وغرب أوروبا وهي معضلة مزمنة سبق أن فجرت خلافات حادة.

وفي ما ترفض دول مثل المجر نظام توزيع المهاجرين، اتهمت ايطاليا في السنوات الماضية الاتحاد الأوروبي بخذلانها وتركها وحيدة في مواجهة طوفان من المهاجرين ورفضت مرارا استقبال سفن انقاذ تابعة لمنظمات غير حكومية تقل على متنها المئات من المهجرين ممن تم إنقاذهم في عرض البحر كما اتهمت هذه المنظمات بالتورط في الهجرة غير الشرعية. وانتهت إلى قرار بإغلاق موانئها في وجه تلك السفن.

وتركت سفن لتلك المنظمات في عرض البحر لأشهر بعد أن رفضت روما وعدة دول أوروبية استقبالها، في أسوأ أزمة سلطت الضوء على حجم الخلافات بين تلك الدول حول قضية الهجرة غير الشرعية.

وتخشى ايطاليا أن تجد نفسها في مواجهة طوفان من المهاجرين لذلك تعمل على دعم تونس ومساعدتها لتفادي انهيار مالي من شأنه أن يؤثر على جهودها في مكافحة الهجرة غير الشرعية.

ونقلت وكالة 'اكي' الايطالية أمس الأربعاء عن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني قوله، إنه "يجب أن نسير في تونس على طريق التمويل جنبا إلى جنب مع الإصلاحات"، مضيفا أن "روما تعمل مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي لمنح قرض لتونس".

كما أعلن أنه سيكون في واشنطن الأسبوع المقبل وسيلتقي رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، وسينقل إليها إصرار بلاده على الاقتراح الإيطالي الذي ينطوي على البدء بتمويل تونس، مضيفا "ثم نرى كيف تسير الإصلاحات المطلوبة، ثم نواصل التمويل".

وتابع "القول إما أن تنفذوا الإصلاحات أو أنكم لن تحصلوا على التمويل، فهذا الأمر يبدو لي وكأنه أمر تذرع لا يمكن أن يقبله التونسيون.. يجب أن نسير جنبا إلى جنب على طريق التمويل والإصلاحات".

كما جدد  "التزام إيطاليا بقوة مع تونس حتى يتسنى لهذا البلد الحصول على الدعم اللازم والحيلولة دون أن يتعرض لانهيار مالي".

وكانت ميلوني قد أعلنت خلال لقائها بالرئيس التونسي مؤخرا أن بلادها ستفتح خط تمويل مباشر لتونس بـ700 مليون يورو لدعم القطاعات الحياتية ذات الأولوية مثل الصحة والخدمات.