زجاج معشق في مطار البحرين يجسد الوئام والسلام

كُشف في مطار البحرين الدولي عن عمل فني فريد بعنوان "كونكورديا" للفنان البريطاني العالمي السير براين كلارك. ويمتد العمل على مساحة ضخمة يبلغ عرضها 34 مترا، وارتفاعها 17 مترا، ما يجعله من أضخم تركيبات الزجاج المعشّق في العالم. ويجمع بين الأنماط الهندسية الدقيقة المستلهمة من التراث الإسلامي والمخطوطات المسيحية المزخرفة، والعناصر الطبيعية التي تعبّر عن هوية البحرين البيئية.
المنامة - أصبح الوصول إلى مطار البحرين الدولي تجربة أكثر ثراء وتنوعا بفضل العمل الفني الجديد الذي أبدعه السير برايان كلارك الفنان العالمي الرائد في مجال الزجاج المعشق. ويحمل هذا العمل الفني عنوان “كونكورديا”، ويبلغ عرضه 34 مترا وارتفاعه 17 مترا، وقد كُشف النقاب عنه رسميا في 10 أبريل بحضور نخبة من أفراد العائلة المالكة والفنانين في المملكة.
ويزخر العمل بألوان نابضة بالحياة، تُضفي عليها أشعة الشمس الطبيعية التي تخترق الزجاج، ليُشكّل سيمفونية بصرية تجمع بين التفاصيل الهندسية والعناصر الطبيعية، مثل أزهار الياسمين والطيور واليعسوب.
والعمل يُجسّد فكرة العيش معا في سلام ووئام. كما يُشير العمل إلى الهندسة الإسلامية، ويضم عناصر من المنسوجات الأوروبية التي تعود إلى العصور الوسطى والمخطوطات المسيحية المزخرفة.
وقال الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية البحريني، في كلمته الافتتاحية في حفل الكشف عن العمل في 10 أبريل، والذي حضره كبار الشخصيات، بمن فيهم رئيس وزراء البحرين سلمان بن حمد آل خليفة “إن ما يُبدعه الفن هو تجاوز الحدود، ومخاطبة الجميع، وتقريبنا جميعا من بعضنا البعض.” وأضاف “تُسلّط هذه التحفة الفنية الرؤيوية للسير برايان كلارك الضوء على التزام مملكة البحرين الراسخ بدمج ثقافتنا وتراثنا في المشاريع الوطنية. لكن ‘كونكورديا‘ أكثر من مجرد عمل فني. إنه رمز لانفتاح البحرين وكرم ضيافتها وطموحها.”
وتشير “كونكورديا” على الأيقونات والزخارف التي تُجسّد جماليات الرسام البريطاني وثقافة البحرين – من زهور الياسمين واليعسوب والصقور التي تُشكّل موطنها الطبيعي في المملكة – إلى الدقة الرياضية للأنماط الهندسية التقليدية في الفن الإسلامي (التي درسها كلارك في فاس)، إلى جانب إشارات إلى المنسوجات الأوروبية التي تعود إلى العصور الوسطى. وعلى مستوى أعمق، يُجسّد هذا العمل الفني التزام البحرين بالتبادل الثقافي، في ملتقى إبداعي يجمع بين الشرق والغرب.
كان العمل الفني بحد ذاته ثمرة جهدٍ دؤوبٍ ومحبب استغرق أكثر من عامين لتصميمه وإنتاجه وتركيبه.
وصنع زجاج “كونكورديا” الملون على يد فريق من الحرفيين في ألمانيا على مدار 40 يوما. واستغرق تركيب 127 لوحة فردية في المطار 43 يوما. وبالنسبة إلى كلارك – الذي تُباع أعماله من الزجاج الملون في المملكة المتحدة وإسبانيا واليابان، من بين أماكن أخرى – فإن “كونكورديا” يحتل مكانة خاصة في ممارسته.
والنظر إلى اللوحة، التي تعكس ألوانا ودرجاتٍ ضوئية مُختلفة حسب الوقت من اليوم، يُثير دهشة المرء، ويُغريه بترك حقائب الظهر، وإرخاء قبضته عليها، والجلوس، لو كان هناك المزيد من الوقت للإعجاب والتأمل في الأعمال الفنية. لكن للأسف، المطارات أماكنٌ سريعة الحركة؛ ترحيباتٌ حارة ووداعاتٌ مُفعمةٌ بالدموع. وأيا كان الجانب الذي تقف فيه، فإن “كونكورديا” يحمل رسالة لك: ما عليك سوى اكتشافها وسط متاهة الرموز وبقع الألوان.
قال السير برايان كلارك “لطالما حلمتُ بإنشاء عملٍ فنيٍّ في مبنى مستطيل الشكل، يُشبه إطلالة على عالمٍ آخر. إنه شيءٌ يوحّد، إلى حدٍّ ما، شطري العالم. كل ما تعلّمته عن الزجاج الملوّن يُعبّر عنه، إلى حدٍّ ما، في هذه النافذة. أنا ممتنٌّ جدا لقدرتي على مشاركة حماسي.” وتابع “منحني هذا المشروع فرصة لابتكار ما يُمكن وصفه ليس فقط بنافذةٍ ماديةٍ من الزجاج الملون، بل نافذة مجازية على واقعٍ بديل، أسميه الجنة.”
وكلّف السير برايان كلارك بتصميم نوافذ لكنائس مرموقة ومباني عامة فخمة حول العالم، وكان موضوعا لفيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، وكان رائدا في إحياء الفن المعاصر باستخدام الزجاج المعشق كوسيلة تقليدية. وأضاف كلارك “البحرين بلد شابّ بطموحاته وتفاؤله، وأُفضّل أن أرى أن زجاج ‘كونكورديا‘ المُلوّن يعكس هذا التفاؤل الشبابي.”
