رياضيو كمال الأجسام في مصر توقفوا عن التباهي بعضلاتهم

كورونا يغلق صالات التدريب ويؤجل المنافسات والأنشطة الرياضية إلى أجل غير مسمى.
الخميس 2020/06/25
تمارين غير قاسية

تعطلت كل الأنشطة الرياضية بسبب تفشي وباء كورونا في العالم، وفي مصر لجأ رياضيو كمال الأجسام إلى مواصلة التمارين في بيوتهم، بعد أن أغلقت صالات التدريب التي هي مصدر رزق بعضهم، ولم ينجح هؤلاء إلا في الحفاظ على القليل من لياقتهم البدنية رغم إصرارهم على المشاركة في المنافسات القادمة.

القاهرة – يخيّم الإحباط على ذوي العضلات المفتولة ومزاولي رياضة كمال الأجسام في مصر بعدما أصبحت تمارينهم وعروضهم حبيسة المنازل، في ظل التدابير المتخذة لمواجهة فايروس كورونا المستجد، ما يصعّب عودتهم إلى روتينهم اليومي في الصالات الرياضية حيث مصدر لقمة عيشهم.

يقف لاعب كمال الأجسام المصري محمد علي ابن الـ33 ربيعا، وقد انتفخ ذراعاه بعضلات ضخمة ومُشقت بطنه فأبانت عن تكتلات مقسمة. وبعد أن كان يعرف عنه الحماس الشديد في عروضه، صار يبدو عليه وكأنه ينظر بريبة إلى قوته الجسدية التي تراجعت خلال فترة الحجر المنزلي التي امتدت لنحو ثلاثة أشهر.

في منزله داخل أحد المجمعات السكنية الراقية في شرق القاهرة، ينظر محمد علي المكنّى بـ“عصب” نسبة إلى عروقه البارزة، بسخرية إلى جسده الذي حاد عن هيئته البدنية المعتادة.

يعمل محمد علي كمدرب شخصي، وشارك في العديد من بطولات كمال الأجسام القارية والعالمية مع المنتخب المصري الذي عُرف بتميز أفراده في هذا المجال على الصعيد الدولي.

يقول علي، “البطولة الأخيرة التي شاركت فيها كانت في 2016، لكن مع الحظر قررت أن أعود وأجهّز لبطولة قادمة، لأني أملك وقتا كثيرا وأشعر بالفراغ”. ومنذ منتصف مارس، تخضع مصر إلى حظر تجوال ليلي لمواجهة تفشي وباء كورونا، لكن رغم ذلك تواصل ارتفاع أعداد المصابين. وسجّلت وزارة الصحة حتى الآن أكثر من 58 ألف إصابة، بينها أكثر من 2300 وفاة. وفرضت الحكومة قيودا وإجراءات احترازية كان من ضمنها إغلاق صالات الألعاب الرياضية، لكن ذلك لم يمنع عصب من التدرّب المكثف في منزله.

ويأمل المصري في أن تمكنه التمارين القاسية، من استعادة بنية جسدية تخوله المنافسة في “مستر أولمبيا”، مسابقة كمال الأجسام الأولى للهواة في العالم، والتي من المقرر بشكل مبدئي أن تقام في ديسمبر بمدينة لاس فيغاس الأميركية.

إجراءات احترازية من ضمنها إغلاق صالات الألعاب الرياضية أجبر الرياضيين على التدرّب في المنازل والحدائق العامة

إلى جانب تطلعاته التنافسية، يبدي البطل محمد علي قلقا بشأن مدخوله المالي، فهو صاحب 16 صالة رياضية في القاهرة، واضطرّ مؤخرا بسبب القيود المفروضة لمواجهة كورونا، إلى صرف رواتب مئات الموظفين، من دون الحصول على أيّ مدخول في المقابل.

وافتقدت صالات التمارين خلال الأشهر الثلاثة الماضية، الضجيج المعتاد للآلات الحديدية ومعدات رفع الأثقال وصيحات الرجال أثناء التمارين، بعد قرار السلطات إقفالها خلال هذه الفترة. وهذا الشهر، أكدت الحكومة أنها وضعت خططها لإعادة إطلاق الأنشطة تدريجيا في ضوء تطورات الموقف الطبي، ما سيتيح إعادة فتح صالات الألعاب والنوادي الرياضية، من دون أن يتم حتى الآن تحديد موعد رسمي لذلك.

في غرفة الجلوس التي تمتلئ أرضيتها بالأثقال المعدة للتمارين، يؤكد محمد علي أنه يواجه أيضا صعوبات نفسية.

ويوضح أنه منذ بداية أزمة كورونا “أحاول فصل نفسي عن الاكتئاب والأحداث الصعبة، لأننا (مالكو الصالات)، مثل أنشطة أخرى كالسياحة والطيران والمطاعم، تأثرنا بنسبة 100في المئة”.

وأضاف، “هذا هو عملي ومصدر عيشي واستثماري.. ولديّ فريق كامل يعمل برفقتي حتى إذا صرفت رواتبه فهو يعتمد على عمولات الخدمة المقدمة (للأعضاء)… لا أعلم إذا ما كنّا قادرين على العيش كما كان من قبل أم لا”.

ليس محمد علي وحيدا في هذا المجال، فمحمد نسيم، السوري البالغ من العمر 33 عاما، انتقل إلى القاهرة هربا من بلاده مع بدء النزاع فيها عام 2011. وعلى الرغم من طلّته القوية، بات مترددا أيضا في التباهي بعضلاته.

في إحدى الحدائق العامة غرب القاهرة، يوضح نسيم، أنه بدأ “بممارسة رياضة كمال الأجسام في سوريا في 2003 تقريبا وكان الأمر في البداية لمجرد مكافحة زيادة الوزن فقط”.

رياضيون يتطلعون إلى الحفاظ على لياقتهم
رياضيون يتطلعون إلى الحفاظ على لياقتهم

ويتابع أنه في العام 2011 “حصلت على المركز الأول في مسابقة سيد الشاطئ، ولكن بعد الأحداث توجهنا إلى مصر”.

ويعجّ حساب السوري على موقع فيسبوك بصور يشكّل فيها بجسده مختلف حركات كمال الأجسام على منصات مسابقات إقليمية.

ويقول، “كانت هناك خطة للعودة مرة أخرى إلى المنافسات الدولية وبعض المسابقات المحلية بمصر، لكن كل هذا توقف بسبب كورونا”، مضيفا “طبعا حاولت الحفاظ على لياقتي البدنية باستخدام الأثقال والتمارين في البيت لزيادة قدرة التحمل، وأن أحافظ على شكل عضلاتي التي بنيتها” على مدى أعوام. لقد تحول العديد من ممارسي رياضة كمال الأجسام المصريين البارزين مثل رامي الكبير، الذي أشاد به الممثل الأميركي أرنولد شوارزينيغر، إلى مشاهير على مواقع التواصل، وانخرط عدد منهم في مجال التمثيل.

لكن العديد من مزاولي هذه الرياضة تبقى طموحاتهم حاليا محدودة في ظل الظروف الراهنة، ومنهم نسيم الذي تلقى عمله كمدرب شخصي، ضربة قاسية.

وهو حريص على العودة إلى عمله، حيث اعتاد على تدريب مزاولي رياضة كمال الأجسام الناشئين، والذين يتطلعون حاليا إلى الحفاظ على لياقتهم. ويقول، “يجب أن نحسن مزاجنا بالتمارين الرياضية… الموضوع (إغلاق الصالات) أثّر فينا ماديا ومعنويا. لا أرى حقا أي مبرر لإغلاق الصالات الرياضية فهي أمر جيد لتقوية مناعة الناس وطالما يتم فيها اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة”. ويشارك نسيم مشاعر الإحباط، صديقه مصطفى الروبي الذي يملك صالة ألعاب لرياضة كمال الأجسام في القاهرة.

ويبدي ابن الـ27 عاما استغرابه لاستمرار إغلاقها رغم إعادة فتح بعض الأعمال الأخرى مثل مراكز التسوق.

يقول الروبي الذي يجد نفسه حاليا دون أي مصدر رزق، إن “جائحة كورونا أنهت لعبة كمال الأجسام”.

ويتابع، “من المفترض أن تكون هذه الرياضة رقم واحد للقضاء على أي مرض، أرجو أن يُفتح مجال الرياضة والصالات حتى نتمكن من التمارين وزيادة المناعة لمواجهة المرض”.

20