رياضة "تاي تشي" تعزز قدرة الرئتين وتنشط الدورة الدموية

بكين - أفادت دراسة صينية حديثة بأن رياضة “تاي تشي”، يمكن أن تكون بديلا فعالا لبرامج إعادة التأهيل الرئوي التي تساعد في علاج مرض الانسداد الرئوي المزمن.
الدراسة أجراها باحثون بمختبر أمراض الجهاز التنفسي الحكومي في مدينة قوانغتشو الصينية، ونشروا نتائجها في دورية “تشاست” العلمية.
والانسداد الرئوي المزمن، هو أحد أمراض الرئة الخطيرة، التي تجعل التنفس صعبا، وتزداد حالة المريض سوءا مع مرور الوقت إذا لم يتم علاجها، وتشمل أعراضه الصفير والسعال وضيق الصدر وصعوبة التنفس.
وبجانب العلاجات التقليدية، عادة ما يحتاج مرضى الانسداد الرئوي المزمن إلى برامج إعادة التأهيل الرئوي التي تهدف إلى معالجة الأعراض وتحسين الأنشطة اليومية، وتتمثل في النشاط الجسدي لرفع قدرة التحمل وطريقة التنفس لتحسين فعالية الرئتين والتغذية الملائمة والدعم والإرشاد.
غير أن برامج إعادة التأهيل الرئوي قد لا تكون متاحة لجميع المرضى، خاصة من يسكنون في المناطق النائية، لذلك اختبر الباحثون فاعلية رياضة “تاي تشي” كي تكون بديلا لتلك البرامج.
وراقب الباحثون 120 مشاركا صينيا كانوا يعانون من مرض الانسداد الرئوي المزمن، وبدأوا يتناولون عقار “إنداكاتيرول” الذي يوصف عادة لمرضى الانسداد الرئوي المزمن لتوسيع الشعب الهوائية.
وقسّم الباحثون المشاركين إلى مجموعتين؛ الأولى انخرطت في برامج إعادة التأهيل الرئوي، فيما انخرطت المجموعة الثانية في رياضة “تاي تشي” الصينية لمدة 5 ساعات أسبوعيا، واستمرت لمدة 12 أسبوعا.
وقيّم الباحثون نتائج المتدخلين باستخدام أداة قياس تستخدم لمراقبة النتائج الصحية عند الأشخاص المصابين بأمراض الجهاز التنفسي.
ووجدوا أن رياضة “تاي تشي” الصينية كانت بديلا مناسبا لبرامج إعادة التأهيل الرئوي، كما أنها حققت نتائج أكثر استدامة.
ممارسة رياضة "تاي تشي" التي تشمل التنفس العميق والحركات البدنية البطيئة والخفيفة تعد أكثر ملاءمة لمرضى القلب
وقال الباحثون إن تنفيذ برامج إعادة التأهيل الرئوي المعروفة، يتطلب مهنيين مدربين وعيادات خاصة، ما يجعل العلاج مكلفا ويصعب الوصول إليه بالنسبة إلى الكثير من المرضى.
كما كشفت دراسة جديدة أجرتها جمعية القلب الأميركية أن ممارسة رياضة “تاي تشي” الصينية تساعد على تحقيق نفس تأثير إعادة تأهيل القلب للمرضى الذين يرفضون برامج إعادة تأهيل القلب التقليدية.
وأوضحت الدراسة التي أشرف عليها أستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة براون في الولايات المتحدة، أن أكثر من 60 بالمئة من مرضى القلب يرفضون المشاركة في البرامج التقليدية لإعادة تأهيل القلب لأن الكثير منهم يعتقدون أن هذه البرامج تسبب لهم الكثير من الألم، أو أن حالتهم البدنية ليست مناسبة لها، إلا أن ممارسة رياضة “تاي تشي” التي تشمل التنفس العميق والحركات البدنية البطيئة والخفيفة تعد أكثر ملاءمة لهم.
وذكرت وكالة أنباء شينخوا الصينية أن الدراسة قد أُجريت في مستشفى ميريام في “بروفيدانس” عاصمة الولاية الأميركية “رود إيلاند”،
وتضمنت 8 نساء و21 رجلا، بلغ متوسط أعمارهم 67.9 سنة، وكان معظمهم قد تعرضوا لنوبة قلبية سابقة أو أجروا جراحات لفتح شريان القلب المسدود.
وتم تقسيم المرضى الذين شملتهم الدراسة إلى مجموعتين؛ الأولى شاركت في برنامج علاجي استمر 12 أسبوعا، والثانية شاركت في آخر استمر 24 أسبوعا، وتلقى جميع المرضى “سيديهات-دي في دي” تعليمية ليتمكنوا من ممارسة “تاي تشي” في المنزل بمفردهم.
وأظهرت النتائج أن تلك الرياضة قوبلت بثناء كبير من المشاركين الذين أكدوا أنهم شعروا براحة بدنية ونفسية كبيرة أثناء ممارستها، وقالوا إنهم سيوصون جميع أصدقائهم بها.
ووجدت الدراسة أيضا أنه على الرغم من عدم تحسن القدرة الشاملة لهؤلاء المرضى على ممارسة التمارين الرياضية المُجهدة، إلا أن نشاطهم البدني قد تحسن بشكل ملحوظ، وعلى المدى البعيد سيشهدون معدلات أعلى بكثير.
وسبق أن كشفت دراسة أجرتها جامعة هان يانغ الطبية الكورية الجنوبية حول كيفية الوقاية من أمراض القلب، أن ممارسة رياضة “تاي تشي” تساعد على تحسين وظيفة بطانة الأوعية الدموية وتصلب الشرايين، مما يقلل من مخاطر إصابة مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي بأمراض القلب.
واختار الباحثون 56 مريضة لا تزيد أعمارهن عن 50 سنة يعانين من التهاب المفاصل الروماتويدي أو الروماتيزم، وحالتهن مستقرة، ومن بينهن 29 امرأة يمارسن رياضة “تاي تشي”، و27 امرأة وضعن كمجموعة للمراقبة.

وعرضت المجموعة الأولى لممارسة رياضة “تاي تشي” لمدة 60 ثانية للمرة الواحدة خلال 3 أشهر، وأظهرت النتائج أن مؤشرات تصلب الشرايين عند المريضات الممارسات لـ”تاي تشي” قد تحسنت، بعكس المجموعة الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك، شهدت المجموعة التي تمارس “تاي تشي” انخفاض مستوى الكوليسترول الكلي في الدم.
وتُمارس رياضة “تاي تشي” بأدوات مختلفة مثل العصا والمنديل والسيف، ولها 13 وضعا أساسيا، وكما هو معروف فهي رياضة تستمد قوتها من الطبيعة وانسيابية الحركة الكونية التي تدمج العقل والروح.
وأوضح الباحثون أن رياضة “تاي تشي” لها فوائد صحية عديدة، لا تقتصر على خفض ضغط الدم وتحسين صحة القلب وعلاج أمراض الجهاز التنفسي، بل يمكن أن تساعد أيضا في تحسين التوازن والمرونة لدى كبار السن.
ونشأت رياضة “تاي تشي” في الأصل كأحد فنون الدفاع عن النفس في الصين في القرن الثالث عشر، لكنها الآن أصبحت فنا شعبيا يعمل على تقوية العضلات وزيادة ليونة المفاصل وتخفيف الضغط.
وتعد رياضة عسكرية دفاعية تتعلمها الأجيال الصينية جيلا بعد جيل. وتقوم هذه الرياضة على مبدأ أن التمرين المستمر يساعد على تدريب الجسم والاستجابة السريعة حال الأزمات، كما أنها تساعد في عمليات الاسترخاء والتركيز السلبي.
ويعني مصطلح تاي تشي باللغة الصينية القوة المطلقة، حيث أن بإمكان الشخص أن يرى ازدواجية ديناميكية في كل الأشياء التي تحيط به، فيرى السلبي والإيجابي والظلام والنور.
وتعتمد “تاي تشي” على أداء حركات دائرية باسترخاء وانسيابية وبطء شديد، والمشي بخطوات أكثر ثباتا مع تنظيم التنفس والتفكير، وتهدف للسيطرة على الجسد والعقل.
ولا تحتاج هذه الرياضة إلى قاعة كبيرة، بل تكفي 10 أقدام مربعة من المساحة للقيام بالتمارين ويمكن أداؤها في الحديقة العامة أو على الشاطئ.
وأفادت بيتي شوتيرلاند خبيرة رياضة “تاي تشي”، التي تدرسها على مدى 20 عاما، أنه من الممكن ممارسة هذه الرياضة من دون الحاجة للوقوف. وأضافت في فيديو نشره موقع “بيلد” الألماني أن التمارين لا تستغرق أكثر من خمس دقائق.
ومن التمارين التي نصحت بيتي بالقيام بها تمرين “بناء جسر”، وهو تمرين يساعد على التأمل. وللقيام به ينبغي لمس سقف الحلق بواسطة اللسان مع إرخاء الفك والتنفس بعمق عبر الأنف، هذا التمرين يساعد على الاسترخاء ويمكن القيام به لدى الشعور بالتوتر.