روسيا تواجه مشاكل فنية في المسيّرات الإيرانية

يعكس لجوء روسيا إلى إيران لتزويدها بمعدات قتالية رئيسية حجم الاستنزاف الذي تعرض له المخزون الحربي لأحد أقوى جيوش العالم. ورغم وصول دفعات من المسيّرات الإيرانية فإن موسكو تواجه مشاكل تقنية في استخدام هذه المسيّرات.
واشنطن - تواجه روسيا مشاكل فنية في استخدام المسيّرات الإيرانية التي اشترتها من طهران خلال أغسطس الجاري، في خطوة تؤكد عمق العلاقات بين موسكو وطهران وتظهر أيضا معاناة روسيا في إمداد جيشها المنهك.
ونقلت وكالة أسوشييتد برس عن مسؤول بإدارة الرئيس جو بايدن أن روسيا حصلت على مسيّرات إيرانية من نوع “مهاجر 6” و”شاهد” في الشهر الجاري. وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم نشر هويته، أن واشنطن تعتقد أن شراء المسيّرات "جزء من خطة روسية للحصول على المئات من المسيّرات الإيرانية".
ولم يذكر المسؤول ماهية المشاكل الفنية التي تواجهها موسكو، لكنه قال إنها "إخفاقات عديدة". وقالت مصادر غربية إن خبراء تقنيين إيرانيين سافروا إلى روسيا للمساعدة في إدارة هذه الأنظمة، وفي المقابل خضع ضباط عسكريون روس إلى التدريب في إيران.
وذكرت الوكالة الأسبوع الماضي أن روسيا حصلت مؤخرا على المئات من المسيّرات الإيرانية التي يمكن استخدامها في حربها ضد أوكرانيا، رغم التحذيرات الأميركية لطهران بعدم شحنها.
وقال مسؤولون أمنيون من الولايات المتحدة وحكومة حليفة لها في مقابلات إنه في حين أن هذه الطائرات يمكن أن تقدم دفعة كبيرة للجهود الحربية الروسية في أوكرانيا، فإن النقل شابته مشاكل فنية.
◙ لجوء موسكو إلى طهران للحصول على المساعدة في تقنيات رئيسية يظهر معاناة روسيا في إمداد جيشها المنهك
وقال المسؤولون الأميركيون إن الطائرات دون طيار الإيرانية شهدت إخفاقات عديدة في الاختبارات الأولية التي أجراها الروس حيث ظهرت العديد من الأخطاء في النظام وهو ما دفع الروس للتعبير عن عدم رضاهم عن جودة الطائرات ونوعيتها.
وبحسب تقرير أوردته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، فقد يساعد وصول الطائرات الإيرانية دون طيار في سد فجوة كبيرة في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حيث تمتلك روسيا حالياً ما بين 1500 و2000 طائرة استطلاع عسكرية دون طيار، منها عدد قليل نسبياً من الطائرات دون طيار الهجومية من النوع الذي يمكنه ضرب أهداف بدقة في عمق الأراضي الأوكرانية.
وهذا بخلاف أن أوكرانيا استخدمت طائرات مسيرة مقاتلة تركية لإحداث دمار كبير في الدروع والشاحنات والمدفعية الروسية منذ الأسابيع الأولى من الصراع.
وكشف أحد المسؤولين الأمنيين أن الشحنة الأولية تضمنت طرازين من طائرات "شاهد" وهما "شاهد 129" و”شاهد 191”، بالإضافة إلى طائرات "مهاجر 6"، وتعتبر جميعها من بين أفضل الطائرات دون طيار العسكرية إيرانية الصنع، وهي مصممة للهجمات وكذلك للمراقبة.
وقال مايكل نايتس، الخبير العسكري والأمني في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إنه "بينما أرسلت إيران طائرات عسكرية دون طيار إلى جماعات مسلحة تعمل عنها بالوكالة مثل الحوثيين في اليمن، فإنها نادراً ما اختبرت هذه النماذج وسط تشويش إلكتروني أو في ظل وجود أنظمة مكافحة الطائرات المتطورة المستخدمة في أوكرانيا".
وأضاف نايتس أن "هذه الطائرات الإيرانية دون طيار لم تعمل في بيئة دفاع جوي متطورة من قبل.. وهي لم تقم بعمل جيد بشكل عام، لذلك لن أتفاجأ أنه في بيئة أكثر كثافة مثل أوكرانيا سيكون لديهم بعض المشاكل".
ويرى كليفورد كوبتشان، رئيس مجموعة أوراسيا، أن “التحالف المتنامي بين طهران وموسكو في المجال العسكري محل ترحيب في موسكو، لكنه يكشف أن أحد أقوى الجيوش في العالم يضطر للجوء إلى إيران للحصول على المساعدة في تقنيات رئيسية، الأمر الذي يظهر مدى استنزاف مخزونه".
◙ طهران تبالغ في وصف قدرات التسلح لديها مع أن المخاوف بشأن صواريخها الباليستية ساهمت في خروج واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015
وطورت إيران صناعة أسلحة محلية كبيرة في مواجهة العقوبات والحظر الدولي الذي يمنعها من استيراد الكثير من الأسلحة. ويقول محللون عسكريون غربيون إن طهران تبالغ في بعض الأحيان في وصف قدرات التسلح لديها، مع أن المخاوف بشأن صواريخها الباليستية ساهمت في خروج واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية.
ويقول المحللون إن إرسال المسيّرات الإيرانية قد يعزز قدرات موسكو على "تحديد أنظمة المدفعية الغربية وأنظمة الأسلحة الأخرى وتدميرها". ويشيرون إلى أن المسيّرات الإيرانية قد تحدث فارقا في المعارك على الأرض "فالأوكرانيون لديهم الدرونز التركية وروسيا ستكون لديها المسيّرات الإيرانية، والآن، وبعد أن تباطأ الأوكرانيون واستقر الروس على خطوط الإمداد الخاصة بهم، يمكنهم تعطيل قدرة الأوكرانيين على التقدم”.
ويؤكد هؤلاء على أهمية المسيّرات في المعارك مقارنة بالصواريخ، فالأخيرة قد تصيب الهدف وقد تخطئ، لكن بالنسبة إلى المسيّرات، فقد أتقن الإيرانيون القدرة على تصنيع مسيّرات تستطيع الالتفاف وعندما يرون فرصة لهدف، يمكنهم إصابته بها.
والروس في حاجة إلى هذا النوع من السلاح ضد الأوكرانيين عندما لا يعرفون مكان وجود الخصم. وعندما تحلق مسيرة في السماء، يمكنها تحديد مكان مركبة قيادة أوكرانية على سبيل المثال واستهدافها. وهذا الأمر سيصعب الأمور على الأوكرانيين.
وتتمتع المسيّرات الإيرانية بقدرات كبيرة بسبب استخدامها "على نطاق واسع على مر السنين"، ورغم أنه تم تعطيل الهجمات التي شنها وكلاؤها في أوقات عديدة باستخدام الحرب الإلكترونية إلا أنها "بالتأكيد لديها قدرات جدية".
وطورت طهران العديد من المسيرات خلال العقود الماضية، من أهمها "شاهد 129"، التي تشبه إلى حد كبير الطائرة من دون طيار أميركية الصنع من طراز “بريداتور” والتي تستخدم في العمليات العسكرية وعمليات مكافحة الإرهاب في الخارج.