روسيا تتطلع إلى بسط نفوذها على غرب أفريقيا

علاقات النيجر الوثيقة مع روسيا تأتي بعد شهر من زيارة مسؤولين أميركيين كبار للنيجر وإعرابهم عن قلقهم بشأن علاقات البلاد المحتملة مع روسيا وإيران.
الجمعة 2024/05/03
الغرب يخسر مناطق نفوذ تقليدية

نيامي - أطاحت القوات المسلحة في النيجر بالحكومة في يوليو 2023، واستولت على السلطة لنفسها، فيما كانت الأشهر التالية مليئة بالتكهنات بأن الحكومة العسكرية ستتحالف مع روسيا وربما تقيم علاقات مع الجيش الروسي أو شركائه، لكن هذا أصبح الآن حقيقة واقعة على حساب المصالح الغربية في البلاد.

والأربعاء 10 أبريل الماضي، وصلت طائرة روسية إلى العاصمة النيجرية نيامي، وعلى متنها مدربون ومعدات عسكرية روسية، بما في ذلك نظام دفاع جوي روسي، وكان ذلك بمثابة بداية تحالف جديد بين الكرملين والقادة العسكريين في النيجر.

وعقب وصول المعدات العسكرية الروسية والمستشارين، تجمع المئات من المتظاهرين في نيامي للمطالبة بانسحاب القوات الأميركية بعد أن أصبحت النيجر مركزا للعمليات الأميركية في غرب أفريقيا وشمالها منذ أن وقّع البلدان اتفاقا عسكريا في عام 2012.

وأعلنت الولايات المتحدة منذ ذلك الحين أنها ستسحب أكثر من ألف عسكري من النيجر، ما سيؤدي إلى إغلاق القاعدة 201، وهي منشأة أميركية رئيسية للطائرات دون طيار تم استخدامها في عمليات ضد الجماعات الإرهابية الجهادية في منطقة الساحل.

وتأتي علاقات النيجر الوثيقة مع روسيا بعد شهر من زيارة مسؤولين أميركيين كبار للنيجر وإعرابهم عن قلقهم بشأن علاقات البلاد المحتملة مع روسيا وإيران.

وعقب الاجتماع، انتقد المتحدث باسم جيش النيجر العقيد أمادو عبدالرحمن “الموقف المتعالي” للأميركيين لحرمان الشعب النيجري من الحق في اختيار الدول التي يتعاون معها.

وأفيد أيضًا أن الولايات المتحدة ستسحب قواتها مؤقتًا من تشاد، بعد أسابيع قليلة فقط من قيام قائد القوات الجوية التشادية بوقف جميع العمليات في قاعدة الطائرات دون طيار بالقرب من عاصمة البلاد، نجامينا.

روسيا تعمل على مضاعفة تركيزها على المنطقة من خلال إحكام قبضتها على العديد من دول الساحل والبحث عن شركاء جدد في مناطق أبعد

وبينما تعيد تشاد تقييم تحالفاتها وتميل نحو روسيا، فمن المرجح أن يتبع انسحاب القوات الأميركية انسحاب القوات الفرنسية.

وجاء في تقرير نشره موقع ذو كونفرسيشن أن إستراتيجية واشنطن للحد من النفوذ الروسي في الأجزاء المضطربة من أفريقيا لم تؤت أكلها.

وقد اتجهت البلدان عبر منطقة الساحل، وهي المنطقة الممتدة من السنغال إلى البحر الأحمر، نحو روسيا للحصول على المساعدة الأمنية في السنوات الأخيرة في مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي المتزايد.

وعلى سبيل المثال، دعّم المرتزقة الروس القوات المسلحة في بوركينا فاسو والمالية في قتالها ضد الجماعات المتمردة.

والآن، تعمل روسيا على مضاعفة تركيزها على المنطقة من خلال إحكام قبضتها على العديد من دول الساحل والبحث عن شركاء جدد في مناطق أبعد، وهي إستراتيجية قد تضعها في مواجهة قوى عالمية أخرى. وقد تكون ساحة المعركة التالية هي الدول الساحلية في غرب أفريقيا.

ويبدو أن مصالح روسيا على ساحل غرب أفريقيا تتمثل في تأمين اتفاقيات عسكرية ودبلوماسية واقتصادية مع قادة هذه الدول مقابل الوصول الإستراتيجي إلى المحيط الأطلسي.

وتعكس هذه الإستراتيجية كيف توفر القاعدة العسكرية الأميركية في جيبوتي، كامب ليمونير، للولايات المتحدة بعض الوصول والسيطرة في الخليج العربي والمحيط الهندي وقناة السويس.

ومع ذلك، فقد توغلت الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية أيضًا في دول بنين وغانا وتوغو الساحلية في غرب أفريقيا في السنوات الأخيرة، حيث أنشأت محورًا جديدًا لعملياتها.

إستراتيجية واشنطن للحد من النفوذ الروسي في الساحل الأفريقي لم تؤت أكلها وقد تكون ساحة المعركة التالية غرب أفريقيا

وقد تضررت بنين بشكل خاص. وتضاعفت هجمات الإرهابيين الجهاديين ضد المدنيين ثلاث مرات تقريبًا في عام 2023، حيث ارتفعت من أكثر من 30 إلى ما يقرب من 80 هجوما.

وتسعى الولايات المتحدة إلى بناء قواعد عسكرية للطائرات دون طيار على طول الساحل الغربي لأفريقيا في محاولة لوقف انتشار هذه الجماعات. لكن في شهادته أمام مجلس الشيوخ الأميركي في 16 مارس، حذر الجنرال مايكل لانغلي، قائد الجناح العسكري الأميركي الذي يحمي المصالح الأميركية في أفريقيا، من أن النفوذ الأميركي في القارة قد “أغرقه” التضليل الروسي في السنوات الأخيرة.

في المقابل يتعين على روسيا أن توازن بين جهودها الرامية إلى ممارسة نفوذها في أفريقيا وعلاقتها مع بكين. وتحت رئاسة شي جينبينغ، عملت الصين جاهدة أيضًا على تنمية نفوذها في القارة.

وتتعامل روسيا والصين مع الدول في أفريقيا بطرق مختلفة، إذ تستخدم موسكو الحوافز العسكرية والدبلوماسية لجذب الشركاء في القارة والاحتفاظ بهم. وبدلاً من ذلك تستخدم الصين المشاريع التنموية والديون الثقيلة لجذب الحلفاء الأفارقة إلى معسكرها.

وعلى سبيل المثال، تعد الصين أكبر دائن لجيبوتي، حيث تبلغ ديونها أكثر من 1.4 مليار دولار .

وفي مواجهة ارتفاع التضخم والجفاف المستمر، علقت جيبوتي سداد قروضها للصين في عام 2023، لتسير على خطى زامبيا قبل بضع سنوات.

وفي حالة التخلف عن السداد، تستطيع الصين السيطرة على واحد أو كل المشاريع التي موّلتها لتعويض خسارتها. وتشمل هذه المشاريع ميناء البلاد ومنطقة التجارة الحرة الدولية.

والصين وروسيا ليسا حليفين رسميين. لكنهما وسعتا العلاقات على مدى العقد الماضي. ووصف شي الرئيسي الروسي فلاديمير بوتين بأنه “أفضل صديق وزميل له”، بينما وصف الرئيس الروسي نظيره الصيني بأنه “صديق عزيز”.

كما وافقت الصين على تعزيز علاقاتها مع روسيا بشكل أكبر بعد اجتماع بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ووزير الخارجية الصيني وانغ يي في بكين في التاسع من أبريل. ومن الممكن أن يشكل البلدان شراكات مع نفس الحلفاء الأفارقة في المستقبل مما يسمح لنفوذ الكرملين في القارة بالنمو بشكل أكبر.

7