روزاريو مدينة صناع نجوم الكرة في الأرجنتين

روزاريو (الأرجنتين) - تُعدّ مدينة روزاريو الأرجنتينية منجما لتخريج أبرز نجوم كرة القدم في بلاد التانغو على مرّ العقود، وسيكون أبرز سفيرين لها في مونديال قطر ليونيل ميسي وانخل دي ماريا.
وقد دأبت روزاريو الواقعة في شمال الأرجنتين، وثالث أكبر مدن البلاد بعد بوينوس أيرس العاصمة وكوردوبا، على تخريج ألمع نجوم الكرة الأرجنتينية. واللائحة طويلة، من غابريال باتيستوتا وخافيير ماسكيرانو وصولاً إلى جيوفاني لو سيلسو.
ولا يقتصر الأمر على اللاعبين فقط بل يتعداه إلى أبرز المدربين، بدءا بسيسار لويس مينوتي مهندس فوز الأرجنتين بأوّل كأس عالم في تاريخها عندما استضافت البطولة على أرضها عام 1978، مرورا بمارسيلو بييلسا، وخيراردو مارتينو (مدرب المكسيك في مونديال قطر)، وماوريسيو بوشيتينو، وصولا إلى مدرب المنتخب الحالي ليونيل سكالوني ومسقط رأسه بوخاتو التي تبعد 35 كيلومترا عن روزاريو.
وعام 2019 خصّص الصحافي الرياضي نيكولاس غالييري كتابا عن هذه الظاهرة بعنوان “روزاريو مهد النجوم الساطعين”، تحدّث فيه عما لا يقل عن 50 لاعباً أنجبتهم روزاريو، وبحث عن أسباب تألق هؤلاء.
لائحة نجوم الكرة من مدينة روزاريو طويلة، من غابريال باتيستوتا وخافيير ماسكيرانو وصولا إلى جيوفاني لو سيلسو
وقال غالييري “لاحظ خيراردو مارتينو أنه في هذه المنطقة الخصبة يولد الأطفال مع بنية جسدية قوية. إنها نقطة مهمة. كما أن ثمة تقليدا بتواجد مدربين كبار ساهموا في هذا الأمر أيضا. ثمة عوامل أخرى مثل التطوّر البدني من خلال النظام الغذائي المتبع في هذه المنطقة كتناول لحوم الحيوانات التي تربت في مزارعها وذلك رغم معاناة كثيرين من الفقر”.
ويقول خورخي غريفّا، أحد اللاعبين الدوليين في صفوف المنتخب الأرجنتيني في حقبة خمسينات القرن الماضي وستيناته والقادم من روزاريو قبل أن يصبح مدربا للشباب في هذه المدينة، “في هذه المنطقة ثمة تغذية جيدة بالإضافة إلى عائلات صالحة تعتني بأبنائها بشكل جيد، وهما عاملان أساسيان لتطوير أي شاب”.
أشرف غريفّا البالغ من العمر 87 عاماً على الفريق المحلي في السبعينات ونجح في اكتشاف بييلسا وباتيستوتا وفالدانو، ويروي أنه كان يقوم بسلخ العجل من ماشيته وإطعام شبان نادي نيويلز أولد بويز بلحمه.
وما ساهم أيضاً في تخريج هؤلاء النجوم العداوة الكبيرة بين ناديي المدينة نيويلز وروزاريو سنترال، حيث يملك كل منهما ملعبا يتسع لأربعين ألف متفرج ولا يفصل بينهما سوى 5 كيلومترات. وحين تقام مباراة الديربي (كانت الأولى عام 1905) تصبح المدينة خالية تماماً.
وفي وسط المدينة تظهر لوحة جدارية عملاقة لليونيل ميسي تزيّن أربعة طوابق (70 متراً)، وقد وضعت عام 2021 بعد أن أصبح اللاعب الأكثر مشاركة مع منتخب بلاده، محطمًا رقم خافيير ماسكيرانو، كما أصبح قريباً من معادلة رقمين مختلفين للأسطورتين دييغو أرماندو مارادونا وبيليه في
التهديف.
وتُعدّ روزاريو، مسقط رأس ميسي، مركزا لتعاطي المخدرات. وهي أخطر مدينة في الأرجنتين لكن ملاعبها “كانت الأساس للعديد من المواهب حيث بدأ الشبان تكوينهم الكروي الصحيح” بحسب غالييري.
وأبرز مثال على ذلك جناح يوفنتوس الإيطالي أنخل دي ماريا الذي -قبل بلوغه السابعة عشرة لدى خوضه بدايته الرسمية في صفوف روزاريو سنترال- كان يجوب بساقيه الرفيعتين ملاعب كلوب أتلتيكو إل توريتو في شمال المدينة حيث ترتفع فيه صورة للاعب تستقبل الزائر.
في المقابل عاش ميسي مشواراً أكثر هدوءاً في صفوف نادي نيويلز أولد بويز لدى بلوغه السابعة من عمره حتى توقيعه عقده الرسمي الأول مع برشلونة في عمر الثالثة عشرة. وبعد 20 عاما صار مجرد تواجده في هذه المدينة حلما يراود الكثيرين.
ويقول خواكين باتيستا، المدرب الشاب لفئة ما بين 6 و12 عاما، “الكثير من الأطفال يأتون لأنه (ميسي) لعب هنا، ولا يزال من أنصار النادي”.
وأضاف “نحاول مساعدة هؤلاء الأطفال على عدم التفكير في أنهم ميسي، ليس لكي نحطّم حلمهم، بل لكي يواصلوا الرغبة في تطوير أنفسهم”.
وتفتخر روزاريو بما قدّمته للكرة الأرجنتينية. ويضيف باتيستا “سيتضمن منتخب الأرجنتين ممثلين اثنين رائعين من هذه المدينة (ميسي من نيويلز ودي ماريا من روزاريو)، واحد من كل ناد.
ويحلم باتيستا بأن “يرى جادة مونومنت الشهيرة في المدينة ممتلئة بالأبيض والأزرق (ألوان الناديين الخصمين في المدينة) متحدين بفرحة التتويج بالمونديال بفضل لاعبين من روزاريو”.