رندة حجازي فنانة سورية تحوّل الألم إلى أيقونات

باريس – استطاعت الفنانة التشكيلية السورية المغتربة في كندا رندة حجازي أن تحقق تميزاً وحضوراً بارزاً من خلال نيلها الميدالية الفضية عن مشاركتها في معرض فني أقيم مؤخرا في باريس.
وفي تصريح لها قالت الفنانة حجازي “قبل سنتين تم قبولي في دائرة فناني ونحاتي إقليم كيبيك بكندا لأكون أول فنانة سورية يتم قبولها في هذه الدائرة، وبعد توقف النشاطات والفعاليات في الفترة الماضية بسبب جائحة كورونا عاد المعرض السنوي لفناني الدائرة في العاصمة الفرنسية باريس في شهر سبتمبر من العام الماضي بدورته الـ51”.

نالت الميدالية الفضية في فرنسا عن لوحة تتحدث عن القيود التي تحد من تطور المرأة
وأوضحت الفنانة حجازي أن لجنة تحكيم المعرض المكونة من سبعة حكام دوليين اختارت الأعمال الثلاثة الفائزة بالمراكز الأولى، لتنال هي الميدالية الفضية عن لوحة بأسلوب سريالي تتحدث عن القيود التي تحد من تطور المرأة فجاءت ضمن اللوحة حبيسة إطار على شكل عجلة دراجة مربعة الشكل، مبينة أن النتيجة صدرت آخر يوم من العام الماضي لتختتم 2021 بإنجاز فني جديد لها في المغترب.
وضم المعرض الذي أقيم في القاعة الملكية بكنيسة القديسة مادلين في باريس 90 عملاً فنياً بين لوحات ومنحوتات لـ65 فناناً وفنانة.
وكانت الفنانة السورية رندة حجازي فازت عام 2020 بمسابقة لاختيار تصميم نصب تذكاري تابع لجمعية أندية الليونز الدولية ليتم وضعه لاحقاً في ساحة من ساحات كندا العامة.
وخلال وجودها في كندا أصبحت التشكيلية حجازي عضواً في دائرة فناني ونحاتي كيبيك – كندا 2019، كما تمّ قبولها مؤخراً في المجلس الفيدرالي الكندي للفنانين التشكيليين في العاصمة الكندية أوتاوا، وهو أكبر وأهم تجمع فيدرالي كندي للفنانين منذ عام 2000.
ولدت الفنانة التشكيلية السورية رندة حجازي ونشأت في مدينة الياسمين دمشق، ومن ثم انتقلت للعيش في إمارة دبي، وانتهت رحلتها حالياً في كندا بعدما شعرت فيها بالاستقرار والطمأنينة والسلام لها ولأسرتها، كما قالت سابقا، مؤكدة على أن كندا تمثل لها بلد الإنسانية والقانون والمساواة والحريات، وهذا ما نفتقده ونحتاجه كشعوب عربية، ولكنها مازالت متنقلة بين عدّة دول.
والفنانة حاصلة على الليسانس في الصحافة والإعلام من كلية الآداب بدمشق، وربما هذا ما انعكس على جل أعمالها الفنية التي تشبه التقارير الصحافية بما تحمله من رسائل مصورة.
تقول الفنانة “قناعاتي بالفن أنه ملتزم بقضايا المجتمع، ومحبتي للمواضيع الإنسانية والإجتماعية هي التي دفعتني إلى متابعة دراستي في الإعلام، فالإعلام ساعدني كثيراً في توثيق أي موضوع موجود في الحياة وتقديمه للناس بشكل فني متميّز”.

لوحات تصور الواقع
وتشبّه الفنانة نفسها دائماً بالصحافي المصور الذي يوثّق أعماله بالصورة، لكنّها تضيف إلى هذا التّوثيق لمسات فنية لطيفة، لتخفّف من حدّة وصعوبة المشاهد القاسية.
وقد عملت حجازي في مجال كتابة المقالات الصحافية وإعداد وتقديم فقرات تلفزيونية تخصّ عالم الفن والجمال والديكور والعمارة والحضارات، محبّةً منها لمعنى العطاء وتقديم المعلومات المفيدة للمجتمع، ومساهمة منها لرفع الذائقة الفنية للقارئ.
فهي كما تقول عن نفسها فنانة لا “أحب أن أرسم لوحة يتيمة، عادة ما أحضر لموضوع كامل متكامل بمجموعة كبيرة من اللوحات تتحدث عن نفس الموضوع”.
ربما هذا هو السبب، كما تقول، أنها لم ترسم حتى الآن مواضيع طارئة وأحداثا هامة مثل انفجار بيروت، المدينة التي لا تخفي الفنانة حبها لها، ولكن هذا لا يعني أن الموضوع لا يعني لها شيئاً، بل على العكس تماماً، ما حدث في بيروت يدمي القلب ويستنزف الروح، وخصوصاً الفنان، و”أنا بكل تأكيد ينتابني شعور كبير أن أعبر عما حدث في بيروت من فظاعة مؤلمة لكل قلب يعشق ست الدنيا”.
في أعمالها تنتقل حجازي إلى الضفة الأخرى سعيا للانعتاق من مشاهد ويلات الحرب وقوارب الموت، ومحافظةً على عبق الياسمين وأشكال حبّة الرمان وغير ذلك من تفاصيل جمالية، وهي تحاول أن تقدم رسالتها بهدوء لوني وحركات مدروسة وعناصر تبدأ خاصة من الجسد الأنثوي والذكوري ومن الأيقونات الدينية والجمالية.
ويرى الفنان التشكيلي السوري من جيل الفنانة حجازي عبود حسكور أنه يلامس في لوحات زميلته وابنة موطنه حالات ألم ومعاناة وحيرة وشجن وكبت ودلالات على الحزن والوجع، “حتى اللون الزهري الذي لا يجرؤ الفنانون التشكيليون على استخدامه شكّل بالنسبة إلي صرخة مدوّية في لوحة رنده حجازي”.