رمضان في لندن ملتقى الديانات والثقافات

الإفطار الرمضاني في لندن يعد تجربة فريدة بفضل تعدد الثقافات التي تحتضنها، حيث تقدم العديد من الفعاليات التي تجمع المسلمين من مختلف أنحاء العالم مع غير المسلمين في جو من التفاهم والاحترام المتبادل.
لندن - في أماكن تاريخية وحداثية بالعاصمة البريطانية لندن، يجتمع أفراد من ديانات وأعراق وثقافات متعددة في “موائد الرحمن” الرمضانية، ضمن برنامج “الإفطار المفتوح”، الذي يتزايد عدد المشاركين فيه عاما بعد آخر. وتقام فعاليات “الإفطار المفتوح” ضمن مشروع “خيمة رمضان” في بريطانيا منذ عام 2013، وتعزز التضامن الاجتماعي والتفاعل الثقافي، عبر جمع أفراد مختلفي الأديان والأعراق والثقافات حول مائدة واحدة.
وطيلة شهر رمضان المبارك، يتم تقديم وجبات إفطار مجانية، ضمن هذا المشروع الهادف إلى نشر روح رمضان في لندن، المدينة التي تزخر بفسيفساء من سكان تتنوع انتماءاتهم. وتلفت فعالية “الإفطار المفتوح” الانتباه، مع تزايد عدد المشاركين فيها كل عام، فهي لا تفتح أبوابها للمسلمين فحسب، بل أيضا لأي شخص يريد فهم رمضان والتعرف على ثقافات مغايرة.
ويتجاوز “الإفطار المفتوح” (موائد الرحمن) مجرد كونه مائدة إفطار فحسب، إذ يمثل أحد أفضل الأمثلة على التسامح الاجتماعي والتفاهم الثقافي، مما يخلق بيئة من الأخوة والتسامح العالمي. وفي لندن تقام هذه الفعاليات في أماكن تاريخية وأخرى حداثية، وتقدم للمشاركين فيها الأجواء الروحانية لشهر رمضان المنسجمة مع نسيج المدينة.
ويشارك أشخاص من أعمار مختلفة وخلفيات عرقية وثقافية متباينة في موائد الإفطار، التي توفر لهم منصة مهمة لزيادة التفاعل بين الثقافات. وتساهم تلك الفعاليات في نسج علاقات صداقة بين المشاركين، والتعرف على ثقافات أخرى، مما يعزز التسامح.
وتعد “رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى” من بين الرعاة الرئيسيين لفعاليات الإفطار، بهدف بناء جسور بين المجتمعات المتنوعة. وخلال رمضان الحالي، أُقيمت “موائد الرحمن” في أماكن عديدة، بينها مبنى غيلدهول التاريخي، الذي بني في القرن الخامس عشر الميلادي.
◙ "الإفطار المفتوح" يتجاوز مجرد كونه مائدة إفطار فحسب، إذ يمثل أحد أفضل الأمثلة على التسامح الاجتماعي والتفاهم الثقافي
وكذلك في متحف فيكتوريا وألبرت، أحد أكثر المتاحف زيارة في لندن والذي تأسس عام 1852، إضافة إلى مسرح شكسبير غلوب التاريخي، وملعب ويمبلدون لكرة القدم. وحضر أكثر من 600 شخص، بينهم مسلمون من جنسيات مختلفة وأشخاص من ديانات ومعتقدات أخرى، “الإفطار المفتوح” في القاعة الرئيسية لمبنى غيلدهول، الذي يعكس التاريخ السياسي والثقافي والتجاري للعاصمة.
وفي متحف فيكتوريا وألبرت، اجتمعت روح المدينة الممزوجة بالفن مع الأجواء الروحانية لشهر رمضان، وتناول المشاركون وجبة الإفطار معا. وحضر المئات من المسلمين وغير المسلمين حفل الإفطار في مسرح شكسبير غلوب، المبني بشكل حديث لمسرح غلوب التاريخي، حيث عرضت مسرحيات الكاتب الإنجليزي الأشهر ويليام شكسبير.
كذلك في ملعب ويمبلدون لكرة القدم جنوب غرب لندن، شارك مسلمون من جنسيات مختلفة، إضافة إلى آخرين من ديانات ومعتقدات أخرى، في الإفطار المفتوح. وقبل الإفطار تم رفع الأذان وإقامة الصلاة في الملعب، وتناول المسلمون وجبة الإفطار، ثم أدوا الصلاة في جماعة.
وسيقام آخر برنامج إفطار رمضاني في ساحة ترافالغار الشهيرة وسط العاصمة، كما حدث في العام الماضي برعاية تركية. وقال مؤسس مشروع “خيمة رمضان” عمر صالحة “نستضيف أشخاصا من مختلف الأطياف ومعتقدات مختلفة في مناسبات الإفطار لخلق مجتمع يحتفل بالشمول والتنوع.”
وأوضح أن هذه الفعاليات توفر وسيلة لرفع مستوى الوعي والفهم حول شهر رمضان بين الأفراد من جميع الأديان وأولئك الذين لا يؤمنون بأي دين. فيما قال دوشان حمزة، أحد أعضاء المجلس الاستشاري للمشروع والمشاركين في فعاليات الإفطار، إن الهدف الأهم من فعاليات “الإفطار المفتوح” هو جمع الناس معا، وإزالة الحواجز والمساعدة في بناء الجسور.
وأضاف “سواء كنت صائما أم لا، مسلما أم لا، مؤمنا أم لا، يمكن للجميع تناول الإفطار هنا، لنجتمع معا، ونتعلم من بعضنا البعض، ونستمتع بوقتنا.” وأردف أن “الهدف الرئيسي من فعالية الإفطار المفتوح لمشروع خيمة رمضان هو تحويل الغرباء إلى أصدقاء، وبناء جسور التواصل بين مجتمعاتنا.”
وقالت ماجدالينا، وهي سيدة بولندية حضرت الإفطار، إنها كانت تبحث عن الإسلام لفترة من الوقت، وتعد هذه أول مرة تحضر فيها إفطارا جماعيا. وأوضحت أنها جاءت إلى برنامج الإفطار بناء على نصيحة زوجها المسلم. وتابعت “أعتقد أن فعاليات الإفطار هذه مبادرة جيدة للغاية لجمع الناس معا، وتعريف الآخرين بجوانب غير معروفة عن الإسلام ورمضان."
أما عبدالرحمن، وهو من أصل جنوب أفريقي وأحد المشاركين في الإفطار، فقال إن هذه الفعاليات تعكس روح الجماعة. وتابع "يتيح الإفطار فرصة للقاء أشخاص جدد والاستمتاع بإفطارات تقام في مناطق مختلفة من لندن، معظمنا بعيد عن الوطن، لذا لا نحظى بفرصة تناول الإفطار كثيرا." وختم بقوله "من الجميل أن نتعرف إلى أفراد آخرين من المجتمع."