ردود فعل دولية مرحبة بالاتفاق بين الفرقاء في السودان

حصد الاتفاق السياسي، الذي وقعه كل من المجلس العسكري الانتقالي وائتلاف “قوى الحرية والتغيير” الذي يقود الحراك الاحتجاجي في السودان، ترحيبا كبيرا من دول عربية وقوى إقليمية ودولية أعربت كلها عن دعمها للاتفاق الذي يرسم ملامح المرحلة الانتقالية في البلاد. كما ينهي الاتفاق الموقع في الخرطوم أزمة سياسية زادت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية سوءا، وقد اعتبرته العديد من القوى الدولية خطوة إيجابية على مسار إرساء الأمن والاستقرار والتقدم نحو تحقيق مطالب وتطلعات السودانيين.
الخرطوم - تواصلت ردود الفعل الإقليمية والدولية المرحبة بالاتفاق السياسي بين “قوى الحرية والتغيير”؛ قادة الحراك في السودان والمجلس العسكري الانتقالي.
ورحبت الولايات المتحدة، السبت، بالاتفاق الذي توصل إليه المجلس العسكري الحاكم في السودان وتحالف قوى المعارضة والجماعات الاحتجاجية ووصفته بأنه “خطوة هامة للأمام”.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، إن المبعوث الخاص للسودان دونالد بوث سيعود إلى المنطقة قريبا.
وتابعت “نتطلع إلى الاستئناف الفوري لإمكانية الدخول على الإنترنت وتأسيس المجلس التشريعي الجديد والمحاسبة على أعمال القمع العنيف للاحتجاجات السلمية والمضي قدما نحو إجراء انتخابات حرة ونزيهة”.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عبداللطيف الزياني، إنه يرحب بـ”الاتفاق الذي تم التوصل إليه الجمعة بين المجلس العسكري، وقوى الحرية والتغيير، بشأن ترتيبات المرحلة الانتقالية بالسودان”.
ووصف الزياني، في بيان أصدره السبت، الاتفاق بأنه “خطوة إيجابية ومهمة، لتجاوز الظروف الحالية والانطلاق إلى مرحلة جديدة يسودها الأمن والسلام”.
ورحبت الإمارات العربية المتحدة، الجمعة، بالاتفاق معربة عن “تطلعها إلى أن تشكل هذه الخطوة الإيجابية والمهمة” بداية لمرحلة جديدة يسودها الأمن والاستقرار، بما يلبي تطلعات الأشقاء في السودان.
وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات “على ثبات موقف الإمارات الداعم للسودان وشعبه الشقيق في كل ما يحقق أمنه واستقراره وازدهاره، وعلى دعمها لكل الإجراءات التي تحفظ أمن واستقرار السودان”.
فيما أعلنت السعودية، في بيان صدر مساء الجمعة، ترحيبها بالاتفاق السوداني متطلعة إلى أن “تشكل هذه الخطوة المهمة بداية لمرحلة جديدة يسودها الأمن والاستقرار”.
وفي توقيت مماثل، وصف الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف العثيمين، في بيان، اتفاق الخرطوم بـ”الخطوة الإيجابية”.
وشدد العثيمين، على “أهمية تمسك الطرفين بهذا الاتفاق التاريخي، وسرعة تنفيذه”، مؤكدا استعداد المنظمة لتسخير إمكاناتها لدعم الأمن والتنمية في السودان.
من جانبه، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط بالاتفاق وأثنى على الروح الإيجابية البناءة والمرونة التي تحلى بها المجلس العسكري وقيادات قوى إعلان الحرية والتغيير وكافة الحركات السياسية والمدنية، والتي أفضت إلى الوصول إلى هذا التوافق السوداني المهم لتمكين السودان من عبور الصعاب التي تواجهها.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يحث على تنفيذ الاتفاق في الوقت المناسب وبشكل شامل وشفاف ويرحب بالتزام الطرفين بإجراء تحقيق مستقل في أعمال العنف ضد المتظاهرين
وفى المنامة، رحبت وزارة خارجية مملكة البحرين بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن ترتيبات المرحلة الانتقالية في السودان، وقالت إنه “يعد خطوة مهمة وموفقة لتحقيق طموحات الشعب السوداني في الأمن والسلام والاستقرار والحفاظ على مؤسسات الدولة ووحدتها”.
وأضاف البيان “تجدد وزارة الخارجية التأكيد على موقف مملكة البحرين الثابت المتضامن دوما مع جمهورية السودان وشعبها الشقيق، ودعمها لكل الإجراءات التي تسهم في التغلب على تحديات هذه المرحلة الصعبة، وبما يحفظ لجمهورية السودان الشقيقة سيادتها وأمنها واستقرارها”.
ورحبت مصر بالإعلان عن التوصل إلى اتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي في السودان وقوى إعلان الحرية والتغيير.
وذكر بيان صادر عن مكتب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن مصر تعتبر أن هذا الاتفاق يمثل خطوة مهمة على طريق تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في البلاد، معربة عن “دعمها الكامل لخيارات الشعب السوداني الشقيق بكامل أطيافه من أجل تحقيق آماله في الأمن والاستقرار والرخاء”.
ورحب رئيس البرلمان العربي، مشعل بن فهم السلمي، بالاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي و”قوى الحرية والتغيير” حول تشكيل المجلس السيادي في السودان.
وقال السلمي، في بيان، “إن البرلمان العربي يقف مع السودان لتجاوز المرحلة الدقيقة التي يمر بها تحقيقا لتطلعات الشعب السوداني الشقيق في تحقيق الأمن والاستقرار والعيش الكريم”.
بدوره، أكد الأردن في بيان لوزارة الخارجية على “أهمية الحفاظ على أمن السودان واستقراره وتلبية طموحات شعبه الشقيق”.
وأعرب عن وقوفه إلى جانب السودان وهو “يعمل على تجاوز تحديات المرحلة لبناء المستقبل الديمقراطي الآمن المنجز الذي يتطلع إليه الشعب الشقيق”.
وفي السياق ذاته، أكدت تونس في بيان للخارجية على “أهمية هذا الاتفاق باعتباره خطوة مهمة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ السودان”.
والجمعة، رحبت دول عديدة أخرى بالاتفاق- الموقع بين المجلس العسكري والمعارضة التي تقود الاحتجاج- من بينها تركيا وبريطانيا وإثيوبيا وقطر وفلسطين واليمن.
ودوليا، وصف الاتحاد الأوروبي اتفاق الخرطوم بـ“التقدم الكبير”. وجاء ذلك في بيان صادر السبت، عن مكتب الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغريني.
وأكد الاتحاد الأوروبي على أهمية تطبيق كافة الأطراف، للاتفاق الذي تم التوصل إليه بـ”حسن نية”، داعيا لتشكيل الحكومة المدنية -التي من شأنها بناء السلام وتحقيق التنمية الاقتصادية- بأسرع وقت.
كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعم الاتفاق والتزام المنتظم الأممي بالمساعدة في العملية الانتقالية. ورحب غوتيريش بالاتفاق معربا عن ارتياحه له حاثا على تنفيذه “في الوقت المناسب وبشكل شامل وشفاف” ورحب بالتزام الطرفين بإجراء تحقيق مستقل في أعمال العنف ضد المتظاهرين المسالمين، ومن بينها الأحداث التي وقعت في 3 يونيو الماضي.
وشعبيا كان الاتفاق السياسي بارقة أمل للسودانيين المتطلعين إلى الديمقراطية وتحسن أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية. وخرج العديد منهم الجمعة للاحتفال حاملين الأعلام وينشدون الأغاني ويرقصون على إيقاعها مملوئين ببهجة استعادة الأمل في تحقيق الديمقراطية بالسودان.
وفي شرق الخرطوم في حي بري الشعبي أحد مراكز انطلاق الاحتجاجات، تلقى الناس الخبر بفرح أعربوا عنه بالغناء وقرع الطبول، خلال تجمع ضم المئات من الأشخاص في أواخر النهار.
وقالت حنان (51 عاما) التي حضرت برفقة ابنتها وحفيدتها وجيرانها “لقد واجهنا هنا تجارب صعبة منذ بدء الحراك. لاحقت قوات الأمن العديد من شبابنا وضربتهم”.
وقتل أكثر من مئة متظاهر وفق حركة الاحتجاج منذ انطلاق الحراك في 19 ديسمبر الماضي احتجاجا على قرار الحكومة رفع سعر الخبز ثلاثة أضعاف.
ورأت إسراء (18 عاما) التي قدمت للمشاركة أيضا في الاحتفالات في حي بري “إنها نهاية حقبة البشير: تجب معاقبته وهو يستحق أن يلقى نفس مصير شهدائنا”.

ووقف سكان هذا الحي في ضواحي الخرطوم دقيقة صمت، رافعين شعار النصر، تكريما لمن قتلوا في التظاهرات، بينهم من لقي مصرعه في 3 يونيو خلال التفريق الوحشي للاعتصام أمام مقر الجيش في الخرطوم.
مرتدية الثوب الأبيض التقليدي الذي “يمثل السلام”، أشارت هبة (18 عاما) إلى ندبة على يدها.
وأوضحت “أصبت بضربة وتعرضت للغاز المسيل للدموع خلال تظاهرة”، مؤكدة أن مقابل الثمن الذي دفع فإن الشعب السوداني لا يمكن أن يقبل إلا “بحكومة مدنية مئة بالمئة”.
ومحاطا بمجموعة أطفال، يرسم محمد (19 عاما) العلم السوداني على وجناتهم.
ويرى هذا الفنان الشاب “يجب أن يحب الصغار بلدهم وأن يكون لديهم وعي سياسي عندما يكبرون”. وأضاف “يوما ما، سيعود السودانيون الذين فروا للخارج إلى البلاد. وسيصبح هذا البلد جميلا”.
وكان المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير قد أعلنا، صباح الجمعة، التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية تقود إلى انتخابات.
ويتضمن الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بوساطة إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، إقامة مجلس سيادي يقود المرحلة الانتقالية في السودان لمدة 3 سنوات و3 أشهر، ويتكون من 5 عسكريين و5 مدنيين، إضافة إلى عضو مدني يتوافق عليه الطرفان، ليصبح المجموع 11 عضوا.
وسيرأس المجلس في البداية أحد العسكريين لمدة 21 شهرا، على أن يحل مكانه لاحقا أحد المدنيين لمدة 18 شهرا، أي حتى نهاية المرحلة الانتقالية.
كما اتفق الطرفان أيضا على تشكيل “حكومة مدنية سميت حكومة كفاءات وطنية مستقلة برئاسة رئيس وزراء”، وعلى “إقامة تحقيق دقيق شفاف وطني مستقل لمختلف الأحداث العنيفة التي عاشتها البلاد في الأسابيع الأخيرة”.
واتفقا أيضا على “إرجاء إقامة المجلس التشريعي والبت النهائي في تفصيلات تشكيله، حالما يتم قيام المجلس السيادي والحكومة المدنية”.