رحلة البحث عن ناجين من الزلزال في المغرب تزداد صعوبة

تواجه فرق الإنقاذ المغربية وأخرى من الدول الصديقة صعوبات في مساعيها المضنية لإنقاذ الناجين من تحت ركام المنازل التقليدية المبنية بالطوب بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب في قرى منطقة جبال الأطلس الكبير وخلف عددا كبيرا من القتلى والجرحى في أعنف هزة أرضية شهدتها المملكة.
تلات نيعقوب (المغرب)- سابق رجال الإنقاذ المغاربة الزمن الاثنين بدعم من فرق أجنبية للعثور على ناجين وتقديم المساعدة لمئات المشردين الذين فقدوا منازلهم بعد مرور أكثر من 48 ساعة على الزلزال المدمر الذي خلف 2497 قتيلا على الأقل.
وحذرت فرق الإنقاذ التي تبحث عن ناجين وسط الركام، بعد الزلزال العنيف الذي ضرب المغرب، من أن البيوت التقليدية المبنية من الطوب اللبن والحجر والخشب، والمنتشرة في منطقة جبال الأطلس الكبير، تقلل فرص العثور على ناجين.
وبسبب بناء العديد من البيوت من الطوب اللبن والخشب أو الإسمنت وكتل النسيم (لبنات بناء خفيفة الوزن) انهارت المباني بسهولة لتتحول إلى أكوام من الحطام عندما وقع الزلزال في وقت متأخر مساء الجمعة دون إتاحة جيوب هوائية يمكن أن توفرها المباني الخرسانية الجاهزة في مواجهة الزلازل.
وقال خبراء إنه حتى المنازل أو المباني الخرسانية تفتقر في الكثير من الأحيان إلى تصميم مضاد للزلازل في منطقة غير معتادة على الهزات القوية مما يترك الناجين وعمال الإنقاذ يتنقلون بين أكوام الأنقاض مع عدم وجود أي جدران تقريبا حيث كانت تقف منازل ذات يوم.
وقال أنطونيو نوجاليس منسق عمليات منظمة “رجال الإطفاء المتحدون بلا حدود”، وهو فريق إنقاذ إسباني، “هذا النوع من الانهيار يسبب صعوبة في ولوج الهواء بسبب أنواع المواد، مثل الطوب اللبن”.
وأضاف “الصلب والخرسانة يسهلان إمكانية وجود ناجين، لكن هذه المواد (مثل الطين والطوب، وهما شائعان في المغرب) تعني أن فرص إخراج أحياء (من تحت الأنقاض) تقل منذ اللحظات الأولى”.
وقالت وزارة الداخلية ضمن بيان “في حصيلة محينة، إلى حدود الساعة العاشرة من يوم الإثنين، بلغ عدد الوفيات الذي خلفته الهزة الأرضية 2497 شخصا، وعدد الجرحى 2476”.
وأعلن المغرب مساء الأحد أنه استجاب لأربعة عروض مساعدة قدمتها بريطانيا وإسبانيا وقطر والإمارات، لمواجهة تداعيات الزلزال.
وأفاد مراسلون صحافيون بأن رجال إنقاذ إسبان وصلوا إلى منطقتين ضربهما الزلزال جنوب مراكش، وهما تلات نيعقوب وأمزميز في إقليم الحوز الجبلي ذي التضاريس الوعرة.
وانتشرت في تلات نيعقوب 12 سيارة إسعاف والعشرات من السيارات رباعية الدفع التابعة للجيش والدرك وحوالي مئة من رجال الإنقاذ المغاربة يتابعون إرشادات رؤسائهم قبل بدء عمليات البحث في القرية.
وغير بعيد عنهم يقوم فريق، مكوّن من 30 رجل إطفاء إسبانيا وطبيب وممرضة وفنيين، بالتنسيق مع السلطات المغربية لبدء أعمال البحث، بينما تحلّق طائرة هليكوبتر في سماء المنطقة.
◙ المباني الخرسانية تفتقر في الكثير من الأحيان إلى تصميم مضاد للزلازل في منطقة غير معتادة على الهزات القوية
وتقول رئيسة الفريق الإسباني أنيكا كول “الصعوبة الكبيرة تكمن في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها كما هي الحال بالنسبة إلى هذا المكان، ويتم نقل الجرحى بالطائرة العمودية”.
وتضيف “من الصعب الجزم بما إذا كانت فرص العثور على ناجين تتضاءل، لأنه على سبيل المثال في تركيا التي ضربها زلزال عنيف جدا في فبراير تمكنا من العثور على امرأة على قيد الحياة بعد ستة أيام ونصف اليوم. دائما يكون هناك أمل”.
وتتابع “من المهم أيضًا العثور على الجثث لأن العائلات يجب أن تعرف (ما إذا كان المفقودون في عداد الأحياء أم في عداد الموتى)”.
وعلى بعد 70 كيلومترًا شمالًا أقام فريق آخر مكون من 48 رجلاً من وحدة الطوارئ العسكرية الإسبانية معسكرًا عند مدخل بلدة أمزميز الصغيرة منذ مساء الأحد.
ويقول ألبرت فاسكيز، مسؤول الاتصالات في الفريق، “نحن في انتظار اجتماع مع الحماية المدنية المغربية لتحديد المكان الذي يمكننا الانتشار فيه”.
وترافق الفريق أربعة كلاب ومزود بكاميرات دقيقة لاختراق فجوات صغيرة بين الركام، وأجهزة لكشف أي تواجد لأشخاص أحياء.
اقرأ أيضا:
وكان لحسن وحبيبة باروج ينتظران تحت أشعة الشمس الحصول على أخبار عن والدهما البالغ من العمر 81 عاما والذي تم نقله للتو بسيارة إسعاف إلى المستشفى المحلي الصغير، بعد أن دُفنت والدتهما التي ماتت خلال الزلزال.
وتفصح حبيبة وملامح الحزن بادية عليها “ساقه مكسورة. منزلنا مدمّر. لم نر أي مساعدة. واضطررنا إلى انتشال والدنا من تحت الأنقاض بأنفسنا، في بطانية وحملناه لأميال. وننام منذ ذلك الحين في حقل. لقد دُمرنا”.
وذكرت وزارة الداخلية في بيان أن “السلطات المغربية استجابت في هذه المرحلة بالذات لعروض الدعم التي قدمتها الدول الصديقة إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، والتي اقترحت تعبئة مجموعة من فرق البحث والإنقاذ”.
ويعمل مسعفون ومتطوعون وأفراد من القوات المسلحة من أجل العثور على ناجين وانتشال جثث من تحت الأنقاض، خصوصا في قرى إقليم الحوز، مركز الزلزال جنوب مدينة مراكش السياحية في وسط المملكة.
والزلزال الذي وقع ليل الجمعة – السبت، بقوة 7 درجات على مقياس ريختر بحسب المركز المغربي للبحث العلمي والتقني (6.8 درجات وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية)، هو الأقوى في المغرب على الإطلاق.
وسُجل أكثر من نصف القتلى في قرى إقليم الحوز الجبلية. ويمتد هذا الإقليم في معظمه على جبال الأطلس الكبير محتضنا العديد من القرى النائية في الغالب، وسط تضاريس وعرة، ومعظم بيوتها تقليدية لا تحترم شروط مقاومة الزلازل.
ونبّهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت إلى أهمّية حاجات المغرب المستقبلية، مع “24 إلى 48 ساعة حرجة” وحاجات “لأشهر أو حتى سنوات”.
وتقرّر تعليق الدراسة في 42 جماعة (دائرة) في الأقاليم التي ضربها الزلزال اعتبارا من الاثنين، وفق ما أعلنت عنه وزارة التربية الوطنية الأحد.
وتبنت الحكومة مشروعا لإحداث “الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية”، سيُفتح لتلقي التبرعات.
وإضافة الى الحصيلة البشرية والدمار أثار الزلزال خشية على مصير مواقع تاريخية، خصوصا في مراكش حيث تعرضت المدينة القديمة ومواقعها المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي إلى أضرار بسبب الزلزال.
في هذه المدينة القديمة بدت الأضرار مروعة في بعض الأماكن، حيث دُمّرت مساكن وارتفعت بعض أكوام الركام في الأزقة، وتهدّم جزء من الأسوار العائدة إلى القرن الثاني عشر والمحيطة بالمدينة التي بنتها سلالة المرابطين عام 1070.
وقال المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو في المغرب العربي إريك فالت “يمكننا أن نقول بالفعل إن الأضرار أكبر بكثير مما توقعنا. لاحظنا تشققات كبيرة في مئذنة (جامع) الكتبية البناء الأكثر شهرة، ولكن أيضًا التدمير شبه الكامل لمئذنة مسجد خربوش” في ساحة جامع الفنا.
وبثت القنوات التلفزيونية الأحد صورا من الجو تظهر قرى دُمر بعضها تماما، من بينها قرية تفغاغت الواقعة على بُعد حوالي 50 كيلومترا من بؤرة الزلزال، ونحو 60 كيلومترا جنوب غرب مراكش.