رجل شجاع: الكويت تبدو مستعدة لعصر أردوغان

الشركات التركية تضع يدها على أهم المشاريع الكبرى في الكويت.
الأربعاء 2021/07/14
احتفاء رسمي كويتي بشنطوب

الكويت – لفت وليّ العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الانتباه من خلال تصريح وصف فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه “الرجل الشجاع موقفا وكلمة وأفعالا” في موقف اعتبرته أوساط كويتية مؤشرا على انفتاح واسع على تركيا واستعداد لاستقبال النفوذ الأردوغاني في البلاد دون أيّ ضوابط.

وقال الشيخ مشعل الأحمد لدى استقباله رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب “نتحدث عن متانة العلاقات بين الكويت وتركيا، ونشير إلى كافة أوجه التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري والأمني”.

واعتبرت الأوساط الكويتية أن تصريحات وليّ العهد بشأن شخصية أردوغان وتقدم العلاقات مع أنقرة تعكسان فعليا النفوذ التركي في الكويت، خاصة في الجانب الاقتصادي، حيث تسيطر الشركات التركية على أغلب المشاريع الكبرى في البلاد.

لكنّ المحلل السياسي الكويتي عبدالله خالد الغانم اعتبر أن الأمر أكبر من ذلك، وأن حديث الشيخ مشعل يأتي في سياق التوازنات الضرورية التي تفرضها المستجدات الدولية، أكثر من كونه إعجاباً شخصياً يفتح باباً لنفوذ تركي في البلاد.

عبدالله خالد الغانم: حديث الشيخ مشعل يأتي في سياق التوازنات الضرورية في المنطقة
عبدالله خالد الغانم: حديث الشيخ مشعل يأتي في سياق التوازنات الضرورية في المنطقة

وأضاف الغانم في تصريح لـ”العرب”، “مع تسارع وتيرة الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط واقتراب الرئيس الأميركي جو بايدن من عقد اتفاق نووي جديد يزيد من نفوذ إيران في المنطقة، ودخول الأتراك والإسرائيليين في معادلة الأمن الخليجي، أصبح من الضروري أن تعيد الدول الخليجية صياغة مقاربتها الدولية لتعوّض أيّ اختلال استراتيجي في الميزان الإقليمي”، مشيرا إلى أن لقاء وليّ العهد الكويتي مع رئيس البرلمان التركي يأتي في السياق الإقليمي والدولي.

وحظي رئيس البرلمان التركي بترحيب من أعلى المستويات فبعد لقاء وليّ العهد، استقبله رئيس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، كما التقى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم.

وفاجأ تصريح وليّ العهد المتابعين للشأن السياسي الكويتي باعتبار أن الانطباع السائد أن الشيخ مشعل الأحمد هو من يتصدى للنفوذ الإخواني، لكن مديحه لأردوغان يعطي إخوان الكويت المتغلغلين في مفاصل الدولة دفعا استثنائيا.

وكانت الكويت، إلى جانب قطر، قد تحمّست لعودة تركيا إلى الخليج بعد قمة العلا واستفادتها من المصالحة الخليجية. كما كان هناك تعاطف شعبي مع أنقرة خلال توتر علاقتها مع الرياض بسبب تداعيات قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

وفي الوقت الذي كان فيه السعوديون ينفّذون مقاطعة شعبية واسعة للمنتجات التركية، كانت هناك حركة تضامن واسعة يقودها إخوان الكويت لدعم أردوغان، ولم تتحرك السلطات للحد من تلك الحركة بالرغم من أن الكويت كانت تتولى الوساطة بين الدوحة والرياض وتحتاج إلى كسب ود السعودية لإنجاح مجهودها.

وفي فترة البرود في العلاقات الخليجية مع تركيا التي انحازت إلى قطر في صراعها مع دول المقاطعة زادت أنشطة الكويتيين في تركيا التي غدت قبلة للكويتيين الراغبين في شراء العقارات في الوقت الذي كان فيه قطاع العقارات في تركيا يعيش أزمة كبيرة جراء نقص السيولة في العملة الأجنبية بسبب انهيار الليرة، ما أدى إلى توقف العديد من المشروعات التي كانت قيد الإنشاء.

Thumbnail

وتصدر الكويتيون نظراءهم الخليجيين في عدد الشقق المملوكة في تركيا منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية مايو الماضي، وذلك وفقا لمركز الإحصاء التركي. ورغم الإغلاق الطويل في تركيا بسبب جائحة كورونا إلا أن شراء الكويتيين للشقق في البلاد تضاعف أكثر من 10 مرات في مايو الماضي.

كما أن الكويت كانت ترسل أكبر عدد من السياح إلى تركيا خلال الأزمة الخليجية، وهو ما أشار إليه وليّ العهد الكويتي في كلمته الاثنين حين قال “ولا نغفل مجال حب الكويتيين لبلدهم الثاني تركيا ولكل مدنها الجميلة حيث أصبحت تركيا وجهة للسياحة الكويتية”.

وحظي وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال زيارته الأخيرة إلى الكويت في أبريل الماضي بلقاءات على أعلى مستوى تظهر الاهتمام الكويتي بالحفاظ على علاقات متطورة مع أنقرة.

وكان جاويش أوغلو زار الكويت والتقى كلاّ من أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح ووليّ العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ورئيس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ووزير الخارجية الشيخ أحمد ناصر الصباح.

عائشة كويتاك: تطوير التعاون مع الكويت يشمل الصناعات العسكرية والدفاعية
عائشة كويتاك: تطوير التعاون مع الكويت يشمل الصناعات العسكرية والدفاعية

وقال مراقبون كويتيون إن الحفاوة الرسمية بزيارة جاويش أوغلو تعطي إشارة قوية على حجم النفوذ التركي في المجال الاقتصادي، مشيرين إلى حصول تركيا على فرص إنجاز أهم المشاريع في الكويت مثل مشاريع الطرق والبنية التحتية والمستشفيات والجسور والمباني العامة وتوسعة المطار.

وفي يناير 2020 فازت شركة “ليماك” التركية بحق تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع “مبنى المسافرين” الرئيسي في مطار الكويت الدولي، الذي تبلغ تكلفته الإجمالية ملياراً و300 ألف دينار (4 مليارات و260 مليون دولار).

وكانت الشركة التركية نفسها قد حصلت على حق تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع، والتي بدأ تنفيذها في مايو 2016. ووضع حجر الأساس للمشروع عام 2017 بحضور أردوغان.

ويعد المشروع البالغة قيمته أكثر من أربعة مليارات دولار، أكبر مناقصة تفوز بها شركة تركية في دولة أجنبية.

وكشفت السفيرة التركية في الكويت عائشة كويتاك الثلاثاء الماضي أن بلادها تسعى لتطوير التعاون مع الكويت ليشمل مجال الصناعات العسكرية والدفاعية، وخاصة ترويج المسيّرات.

وقالت كويتاك في تصريحات نشرتها وسائل إعلام كويتية إن بلادها منفتحة على جميع أنواع التعاون مع الكويت، بما في ذلك تبادل المعلومات ونقل التكنولوجيا في مجال الصناعات الدفاعية.

وعبّرت عن ثقتها بوجود إمكانيات للتعاون، خاصة في مجال المركبات المدرعة والطائرات دون طيار (الدرون) والمركبات البحرية المختلفة والحرب الإلكترونية والأمن السيبراني.

1