رالي دكار يفتح عيون العالم على سحر الطبيعة في السعودية

تتجه المملكة العربية السعودية للترويج لسياحتها من خلال تنظيم الفعاليات الرياضية العالمية بعد أن اتخذت قرارات لتنويع اقتصادها الذي كان يعتمد على النفط، وتنظم هذه الفترة رالي داكار لأول مرة في القارة الآسيوية لتطلع العالم على جمال طبيعتها المتنوعة وإرثها الحضاري والتاريخي.
الرياض - تتواصل فعاليات رالي السعودية الذي يقام لأول مرة في القارة الآسيوية وانطلق من قرية دكار الواقعة على كورنيش جدة الشمالي الأحد 5 يناير ويستمر حتى 17 يناير الجاري.
ويعد السباق امتدادا للدورات السابقة من الرالي، الذي جرى عبر تاريخه في 3 دول أوروبية، و21 دولة أفريقية، و5 دول في أميركا الجنوبية، ويمتد السباق في دورته الأولى بالمملكة لمسافة 7856 كيلومترا، منها 5097 كيلومترا على الطرق الوعرة، وهي المسافة الأطول في تاريخ دكار، بينما تبلغ مسافة السباق على الطرق الممهدة 2759 كيلومترا.
وتتابع جماهير غفيرة من مختلف دول العالم هذا السباق بالحضور المباشر أو عبر الفضائيات التي تنقله، مما سيسمح لها باكتشاف جمال الطبيعة وسحر التضاريس والجبال في المملكة، يساعدها في ذلك شريط دعائي يعرض على شاشات عملاقة في عدد من المدن مثل باريس وميلانو ومدريد ولندن ودبي، إضافة إلى مدن سعودية، يروى من خلاله “قصة المملكة عبر التاريخ”.
وتتم تغطية الرالي عبر مواقع التواصل الاجتماعي أيضا، منها تويتر باللغتين العربية والإنكليزية وسناب شات وتتميز بإبراز التنوع في مسارات السباق والذي تتفرد به السعودية مقارنة بجميع مسارات السباقات في الدول الأخرى.
وبجانب تغطية السباق، فقد ركزت الحسابات “دكار في السعودية” و “دكار العربية السعودية”، وحساب البطولة الرسمي “رالي دكار” على نشر فيديوهات لعبور السائقين التضاريس والهضاب والسهول والرمال الصحراوية والسير وسط الجبال.
كما أبرزت المناطق الأثرية والتاريخية التي يمر بها مسار السباق مع معلومات عنها خاصة في حساب الإنجليزية، خاصة في الوجه ونيوم إذ حظيت بالتفاعل الأكبر من متابعيه.
وحظي العديد من فيديوهات التغطية بمشاهدات عالية وتعليقات كبيرة أبرزها منظر مرور دراجة نارية بقطيع من الإبل التي ظهرت وهي تركض وكأنها مشاركة في السباق.
وقال رئيس الهيئة العامة للرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل في تصريحات سابقة، “سيرى العالم عبر جولاته (الرالي) طبيعة بلادنا الخلابة، وصحراءها الرائعة، وسيقترب العالم أكثر من أي وقت مضى من شعب المملكة المضياف (…) هنا بداية تاريخ جديد لرالي دكار”. يشار إلى أن الرالي يشهد مشاركة 556 سائقا من 62 دولة حول العالم، من بينهم 47 سائقًا مخضرمًا شاركوا في 10 نسخ على الأقل من دكار، كما ستكون صحراء المملكة شاهدة على مشاركة 85 متسابقا يشاركون للمرة الأولى في السباقات.
حفل الافتتاح
شهدت مدينة جدة، السبت الماضي، حفل الافتتاح الرسمي لسباق الرالي، انطلاقا من قرية دكار على الكورنيش أحياه موسيقيون من المملكة، فضلا عن تقديم العديد من الفقرات المتنوعة وفي طليعتها عروض السيرك الحركية لفريق “كيتونب”، إلى جانب الفعاليات المتعلقة برياضة المحركات، حيث صعد السائقون بمركباتهم ودراجاتهم إلى مسرح القرية أمام الجماهير الحاضرة.
واستضافت القرية متحف “اكتشف دكار”، الذي يحتوي على مواد مصورة ومرئية توثق تاريخ الرالي الأعرق في العالم، وتقديم لمحة عن المملكة العربية السعودية وتاريخها وثقافتها الأصيلة، كما شهدت القرية إقامة أربعة عروض لـ”موتوكروس”، وأكروباتي للدراجات النارية، كما كان للأطفال والعائلات نصيب من الفعاليات المقامة، من خلال الاستمتاع بألعاب السيارات الكهربائية والواقع الافتراضي.
وقد أشاد منظمو الرالي والمتسابقون الذين يمثلون 62 دولة بحفل الافتتاح الذي وصفوه بالتاريخي من حيث التنظيم والتفاعل الجماهيري والفعاليات التي صاحبت الحفل في القرية.
بطاقة بريدية
تأمل المملكة في سحر عيون المشاهدين من كافة أنحاء العالم للرالي الذي يمر عبر مسارات طبيعية مختلفة تتنوع بن الجبال والكثبان الرملية وهي طبيعة بكر لم يكتشفها السياح بعد، قال مكونتين دي بيمودان، من معهد أبحاث الدراسات الأوروبية والأميركية، إن استضافة المملكة لحدث رياضي كبير مثل رالي دكار، من شأنه أن يعزز السياحة في المملكة.
ووصف رالي دكار، بأنه سيخدم المملكة بنفس الطريقة التي يخدم بها تور دو فرانس فرنسا، وهي منافسة رياضية للدراجات مكونة من 21 مرحلة.
وتابع، “سوف يعرض المناظر الطبيعية والتراث في وقت يتزامن مع انفتاح المملكة للسياحة، حيث يُبث رالي دكار في 190 دولة، ويمر عبر مجموعة من المواقع من نيوم، إلى موقع العلا التراثي والكثبان الرملية في الصحراء”، مشيرا إلى أن “الفكرة هي الإشادة بجمال المناظر الطبيعية والبنية التحتية”.
من جانبها، قالت كارول غوميز الباحثة بمعهد العلاقات الدولية والإستراتيجية، إن “المملكة تستخدم الدبلوماسية الرياضية كجزء من برنامج ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الإصلاحي ضمن رؤية 2030″، مشيرة، إلى أن “الفكرة هي التباهي بجمال المناظر الطبيعية والبنى التحتية التي يمكنها استضافتك حال جئت في رحلة لتكون بمثابة بطاقة بريدية” من السعودية.
ووصفت قناة “آر.أف.آي” الفرنسية في وقت سابق استضافة السعودية لرالي دكار، بأنه سيكون “أكبر دفعة للسياحة في السعودية”.
ونقلت القناة الفرنسية عن الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، قوله إن استضافة هذا السباق، ستساعد على تسليط الضوء على مناطق الجذب السياحي، خاصة مع انفتاح السعودية على جذب السياحة الدولية لزيادة العائدات غير النفطية.
من جدة إلى القدية
تغيير الرالي من أفريقيا إلى آسيا، سيفرض على المتسابقين القادمين من مختلف الجنسيات ضغوطات جديدة، لكن ذلك سوف لن يحرمهم من متعة المسار الذي يحتوي على تضاريس ورمال متنوعة، وقال السائق الفرنسي المخضرم وبطل رالي دكار 13 مرة بيتر هانسيل الذي عاد إلى المملكة بعد 25 عاما، “شعرت بالكثير من الحماس بعد رؤية المناظر الخلابة لصحراء المملكة بكثبانها الرملية والجبال الرائعة والأودية، كما تقام بعض المراحل بمحاذاة الشاطئ مما يجعل من السباق خليطاً فريداً من مختلف المناظر الطبيعية، خصوصاً وأن المملكة العربية السعودية بلد ضخم ويحتوي على مناطق شاسعة خالية من العمران ومساحات كبيرة من الصحراء”. وأضاف قائلا، “ستكون صحراء المملكة موقعاً مثالياً لرالي دكار”.
وعن استضافة بلاده لرالي دكار للمرة الأولى في قارة آسيا، قال السائق السعودي يزيد الراجحي أحد المشاركين في السباق، “يمكنك أن تجد كل شيء في السعودية، والجميع سيندهش بما سيجدونه، فالسعودية بلد كبير جدا وجميل جدا. يمكنك أن تعيش الصيف والشتاء في نفس اليوم في الشمال أو في الغرب أو غيرها من المناطق، كما يمكنك أن تجد جميع أنواع التضاريس”.
من جانبه قال السائق الإسباني كارلوس سينز، “الجميع متشوق لبدء السباق بسبب كل ما رأيناه، حيث تبدو تضاريس المملكة العربية السعودية أنها حقاً ما يحتاجه رالي دكار. أتمنى للجميع أن يستمتع بالسباق وأن تكون نسخةً مميزةً”.
يذكر أن 557 مشاركا من 35 جنسية في دكار 2020، بأغلبية فرنسية تصل إلى 258 مشاركاً، تليها إسبانيا مع 77 مشاركاً ومن ثم هولندا مع 53 مشاركا. وتأتي الزيادة الأكبر من البلد المستضيف المملكة العربية السعودية حيث سيمثلها 13 مشاركا، على رأسهم يزيد الراجحي، كما أن مشعل الغنيم سيكون أهم المشاركين السعوديين ضمن فئة الدراجات في الرالي.
وتضم لائحة المنافسين 13 مشاركة نسائية من بينهنّ كاميليا ليباروتي وأنيت فيشر.
وسينطلق المتسابقون من عروس البحر الأحمر جدة، مطلقين العنان لسيارات ودراجات معدلة خصيصاً لتتحمل هذا التحدي الكبير لتقطع مسافة 752 كيلومترا عبر الكثبان السريعة المتعرجة قبل أن يستمر التحدي الصعب إلى الشمال لقرابة 900 كيلومتر، عبر مشروع البحر الأحمر حتى يصل إلى مدينة نيوم التي تقع في أقصى شمال غربي السعودية
وتضم المدينة شواطئ خلابة، تمتد على أكثر من 460 كم من السواحل، والعديد من الجزر البكر، وجبال شاهقة تطل على خليج العقبة والبحر الأحمر، وتغطي قممها الثلوج في فصل الشتاء، بالإضافة إلى صحراء شاسعة ستجذب الزوار من عشاق الرياضات الميكانيكية.
وتتخلل رحلة الرالي سلسلة من الوديان والجبال إلى أعلى نقاطها بارتفاع 1400 متر، ويمر السائقون وفرقهم بعد ذلك بمنطقة من الرمال والحصى لمسافة تمتد لمسافة 676 كيلومترا، في رحلة صعبة من نيوم إلى العلا في المرحلة الرابعة.
وبعد المرور على التلال الرملية لحائل في طريقهم المنحدر صوب الرياض، يحصل المشاركون على يوم راحة في العاصمة حيث سيتعرفون على تاريخها المعماري، قبل أن تستأنف الرحلة باليوم الأطول من أيام الرالي على مسافة 741 كيلومترا.
وينعطف مسار الرالي تجاه الغرب في وسط صحراء المملكة الشاسعة قبل الالتفاف للخلف والمضي شرقاً تجاه منطقة حرض في محافظة الأحساء، وهو ما يعني دخول منطقة الربع الخالي، ثم الاقتراب نحو خط النهاية في القدية، الوجهة المتخصصة في الترفيه والثقافة والرياضة، التي ستشهد تتويج الفائزين.
وقال الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل رئيس الهيئة العامة للرياضة إن استضافة حدث بحجم رالي دكار، يظهر مدى شعبية رياضة المحركات وعشق الجمهور السعودي لها “نعتز بشدة بأن ينطلق الفصل الثالث من مغامرة رالي دكار من هنا في المملكة، وأن نستضيف السباق في قارة آسيا للمرة الأولى على الإطلاق”.
وأضاف، “لدي ثقة أن هذا المسار سيكون أحد أفضل المسارات في تاريخ رالي دكار، كما سيشكل فرصة رائعة للعالم لكي يرى المملكة بحق ويلتقي مع شعبها المضياف الذي يملؤه الطموح والإصرار والاحترافية في تنظيم مثل هذه الأحداث العالمية”.
من جهته، قال الأمير خالد بن سلطان الفيصل رئيس الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، “نريد للعالم أن يرى صحراءنا الساحرة التي تنتظر كتابة العديد والعديد من قصص المغامرات، نريد للعالم أن يرى كرم الشعب السعودي المضياف، الذي يستعد للترحيب بالعالم في بلادنا لكي يطلع على رؤيتنا وقدراتنا في تنظيم كبرى الأحداث العالمية”.