رالي داكار في صحراء السعودية: مراحل سباق مضنية

فصل المسارات بين الدراجات النارية والسيارات، وربما الشاحنات أيضا، يعد في بعض المراحل الميزة الرئيسية لهذه النسخة.
السبت 2025/01/04
درب صعب

يعدّ رالي داكار في صحراء السعودية من أكبر وأصعب سباقات التحمل في العالم، حيث يتم تنظيمه سنويا في بيئة قاسية، وتقدم الصحراء السعودية تحديات فريدة تتطلب تخطيطا دقيقا ورسما معقدا لمسار السباق، فالعملية التي يتم بها تحديد الطريق تشمل عدة خطوات مضنية ومفصلة.

بيشة (السعودية) - ما إن يهدأ غبار السيارات والدراجات النارية لرالي داكار في صحراء السعودية، يفتح مدير الرالي دافيد كاستيرا الكمبيوتر الخاص به ويبدأ رحلة شاقة بكتابة مسار النسخة التالية من خلال خرائط الأقمار الاصطناعية.

تنطلق نسخة 2025 من الرالي المرموق الجمعة في المملكة العربية السعودية، بمشاركة  778 متنافسا من 72 دولة، بينهم 43 سائقة وبمسار يمتد على مسافة تقارب 8 آلاف كيلومتر منها أكثر من خمسة آلاف مراحل خاصة بين بيشة والشبيطة على مدى أسبوعين، لكن التصميم الهادئ لمساره بدأ منذ ما يقارب العام.

بعد عودته من النسخة الأخيرة لرالي داكار التي أقيمت أيضا في السعودية، أمضى كاستيرا شهري فبراير ومارس ساعات وهو يحدق في خرائط غوغل إيرث.

“متجولا” في الصحراء السعودية الشاسعة والقاحلة، يتتبع آثار المسارات أو إطارات السيارات رباعية الدفع في الرمال، مما يشير إلى مرور المركبات الآلية.

يشرح من داخل عربة مقطورة في مخيم المبيت في بيشة (جنوب – غرب) “أمضي أمسيات، ليالي، في الرسم والكتابة ومحاولة إنشاء مناطق.”

بخبرة المتسابق القديم في رالي داكار، يرصد الخمسيني من السماء التضاريس المحتملة المحفزة للمسارات وتلك التي تطلق العنان للسرعة، الصعود والهبوط وباقي التفاصيل. مترا بعد متر، تنبثق فكرة المرحلة التمهيدية بالإضافة إلى المراحل الـ12.

Thumbnail

يوضح كاستيرا “هو توازن بين المسافات، الكثبان، الرمال، بطريقة تتوزّع فيها درجة الصعوبة وأن يكون التنافس حاضرا من البداية حتى النهاية مما يفرز قصصا مثيرة.”

يتابع “علينا أن نتوصل إلى كسر الإيقاع. نبحث دوما عن الجبال لأنها متعرجة في الغالب (…) لا يمكنك قطع 500 نقطة من المسار بأقصى سرعة، لا معنى لذلك، لا فائدة منه.”

بعد التوافق مع السلطات السعودية على المسار العام والمدن – المراحل، يتجه فريق في فصل الربيع إلى الصحراء السعودية. على مدى ثلاث مهمات من 15 يوما بين أبريل ويونيو، يسلك موكب صغير من سيارتين رباعيتي الدفع وشاحنة لوجستية المسار المتصوّر من باريس والذي سيتنافس عليه نحو 800 مشارك.

أوضح المنظمون في بيان “لأول مرة، تم اعتماد خمس مراحل خاصة على مسارات تفصل بين المشاركين في فئة الدراجات النارية ‘فيم’ والسيارات تحت راية الاتحاد الدولي للسيارات ‘فيا’، أي ما مجموعه 45 في المئة من نسبة المراحل الخاصة”.

ويعد فصل المسارات بين الدراجات النارية والسيارات، وربما الشاحنات أيضا، في بعض المراحل، الميزة الرئيسية لهذه النسخة، والتي تصب ضمن خانة تعزيز إجراءات السلامة.

يروي بيار لانفان، المنسق الرياضي لرالي داكار الذي يشرف على تلك المهمات، “هنا ندرك على أرض الواقع ما إذا كان الأمر مثيرا للاهتمام. لأنه في بعض الأحيان نعتقد أنه جيد لكن المسار يكون سيئا أو لا ينطوي على قيمة رياضية.”

Thumbnail

من خلال الذهاب والإياب للمدير وفريقه يُشذَّب المسار ويأخذ تقريبا شكلا نهائيا. تبدأ عجلات الماكينة العملاقة للمنظم “أسو” بالدوران.

يرسل المشروع مجددا إلى السعودية، حيث يتم تدقيقه طوال فصل الصيف (أمن داخلي، طاقة، بيئة، ثقافة…).

على متن عربة مقطورة، وخلال ثلاث رحلات متتالية، يُعمل على دليل المسار (رودبوك)، كتيب الملاحة الدقيق المساعد للمشاركين خلال الرالي.

يقول بيار لانفان “الإيقاع يكون أكثر بطئا، بمعدل 15 كيلومترا في الساعة، 20 عندما تكون الأمور جيدة جدا، لأننا نكون في طور بناء كل مضمون الدليل.”

يُحتفظ بـ”دليل المسار” كأسرار الدولة، ولا يُكشف على الأجهزة اللوحية للمشاركين سوى عند وصولهم إلى بداية المراحل الخاصة.

مطلع ديسمبر، يصل فريق جديد إلى السعودية لمحاولة “فتح” المسار بمنظور جديد يشبه ظروف التنافس. يسمح هذا الاختبار بإجراء التعديلات الأخيرة. يقترب العام من نهايته، وبمقدور رالي داكار أن ينطلق.

للتذكير، بعد قارة أفريقيا التي تعتبر مهد رالي داكار بين عامي 1979 و2007، انتقلت المنافسات إلى أميركا الجنوبية لفترة 11 سنة (2009 – 2019)، قبل أن تستضيف المملكة العربية السعودية الرالي منذ عام 2020.

16