رائحة الربيع تفوح من النرجس في إقليم كردستان

أقيم في مدينة دهوك مهرجان لهذه الزهرة جرى خلاله تقديم نحو 40 مليون زهرة نرجس.
السبت 2022/03/12
هدية ومزاج

حين يتفتح زهر النرجس في إقليم كردستان العراق تفوح رائحة الربيع وألوانه الزاهية، ويعشق أكراد الإقليم هذه الزهرة حتى أفردوا لها مهرجانا، ويكثر باعتها في الشوارع والساحات العامة، فهي هدية لا يوجد لها منافس في المزاج والذائقة الكردية الشعبية.

دهوك (العراق) – تبشّر زهرة النرجس بقدوم فصل الربيع في إقليم كردستان، وأقيم مؤخرا في مدينة دهوك مهرجان لهذه الزهرة التي تتميز بجمال منظرها ورائحتها الزكية.

ويعرف عن الشعب الكردي أنه من الشعوب التي تحب الطبيعة وتعشق العيش بين مناظرها المزدانة بألوان شتى، فالإقليم من المناطق الغنية بطبيعتها وجمال أجوائها الجبلية خصوصا في موسم فصل الربيع.

وجرى خلال المهرجان تقديم نحو 40 مليون زهرة نرجس في منطقة بابلو السياحية، فمع بداية فصل الربيع تمتلئ الشوارع والطرقات وتقاطعات المرور والساحات العامة بباعة باقات أزهار النرجس.

يقول رجب ياسين علي، صاحب مشتل “حودا كلا” (لوحة الزهور) إن “الأكراد يحبون النرجس بشكل يفوق أي نوع آخر من الأزهار البرية، ومن الغريب أن تخلو حديقة منزلية من هذا النبات الفواح، فضلا عن أن الكثير من الأكراد يزرعون باقات النرجس قرب قبور موتاهم أو حولها”، مبينا أن لزهرة النرجس دلالة خاصة على زرع بذور المحبة والتماسك في المجتمع.

ويضيف أن “نحو 90 في المئة من الحدائق المنزلية في مختلف مدن إقليم كردستان العراق لا تخلو من أزهار النرجس، بل إن البعض لا يكتفي بذلك، ويقوم بشراء باقات الأزهار من الباعة ويضعها بمزهريات في مختلف غرف المنزل إبان موسم ازدهارها، لتعطير أجواء الغرف الداخلية برائحتها”.

ويقول “هناك المئات من أنواع النرجس، لكن الأكثر شهرة لدينا يسمى ‘قطمر’، ويتميز بكثرة عدد الأزهار في البصيلة الواحدة وبعطره النفاذ، خلافا لبقية الأنواع، ويأتي بالدرجة الثانية في التفضيل النوع المسمى ‘قاطي’ أو ‘كيتك’، ويتميز ببث عطره لفترة طويلة بعد قطفه، قد تصل إلى أسبوعين”.

وحول مصدر باقات النرجس التي يبيعها الأطفال، قال “إنها من مصادر عدة، بعضها يجمعونها من البراري، وأخرى من حدائق المنازل الشخصية، وأيضا من المشاتل التي تزرعها”.

الشعب الكردي من الشعوب التي تحب الطبيعة وتعشق العيش بين مناظرها
الشعب الكردي من الشعوب التي تحب الطبيعة وتعشق العيش بين مناظرها

أندريوس يعقوب، العامل في مشتل “كركوك” وسط دهوك، يقول إن “الإقبال على النرجس أمر متوقع في هذه الأيام من السنة، ولهذا نستعد له من خلال نقل الكثير من شتلات النرجس من البرية إلى مشاتلنا”.

ويتابع “في فصل الربيع نقوم برصد المناطق الجبلية التي يتواجد فيها النرجس، وفي شهري سبتمبر وأكتوبر من كل عام نتوجه إلى تلك المناطق، ونقتلع البصيلات من هناك ونأتي بها لزرعها في مشاتلنا، ونعطيها الكثير من السماد العضوي الطبيعي، فهي تنمو وتزدهر بشكل أفضل مع التسميد الطبيعي، إذ لا تنمو بشكل جيد مع السماد الكيمياوي”.

ويقول المهندس الزراعي سامان حسن إن “هناك حوالي 800 نوع من نبتة النرجس تنمو في براري إقليم كردستان العراق وجباله، ولكن ليست كلها ذات رائحة، وغالبيتها نادرة أو غير معروفة لدى عامة الناس”.

ويضيف “كانت أزهار النرجس المجففة تستخدم في الطب الشعبي سابقا، كمهدئة للأعصاب ومضادة للتشنج وخافضة للحرارة، وربما لمعالجة أمراض أخرى”.

ويقول إن “بالإمكان استخراج زيوت عطرية من زهرة النرجس واستخدامها في صناعة العطور، لكن للأسف لا يوجد أي استثمار طبي وصناعي للنرجس في إقليم كردستان”.

ويضيف أن “أزهار النرجس بعد تفتحها، يصيبها الانكماش والذبول المؤقت مع سقوط الأمطار أو هطول الثلوج أو الانخفاض في درجات الحرارة، لكن مع بزوغ الشمس تعود الأزهار يانعة، وهذا سر من أسرار هذه الزهرة”.

وتقول الأديبة والشاعرة الكردية جنور نامق إن “هذه الأيام من السنة تعتبر باقة نرجس إيذانا بقدوم الربيع والهدية الأكثر روعة وقدرة على تغير المزاج في نفس الشخص، علاوة على رائحتها وعبقها الأخاذ، وشكلها ولونها اللذين يسران الناظر ويهدئان النفس”.

وتتابع “لا يوجد منافس في المزاج أو الذائقة الكردية الشعبية لزهرة النرجس متعددة الألوان والروائح”.

20