رئيس الحكومة الليبية يتقرب من باريس بعقد لـ"توتال"

محاولات عبدالحميد الدبيبة التقرب من الجانب الفرنسي عبر تسهيل الاستثمار في ليبيا تلاقي رفضا سياسيا واسعا من قبل نواب بالبرلمان اعتبروا الخطوة تجاوزا لصلاحياته.
الأربعاء 2021/11/24
الدبيبة يستنجد بالدعم الخارجي قبل موعد الانتخابات

طرابلس- يحاول رئيس حكومة تصريف الأعمال في ليبيا عبدالحميد الدبيبة التقرب من باريس بتقديم مشاريع استثمارية واقتصادية مقابل الدعم السياسي الفرنسي، قبل أيام قليلة من خوض غمار الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم.

وقالت شركة “توتال” الفرنسية وشركة “إيني” الإيطالية إنهما مستعدتان لاستثمار المليارات من الدولارات في ليبيا مع خروج البلاد من عقد من الصراع والحرب الأهلية.

وأضاف الرئيس التنفيذي لشركة توتال باتريك بويان لوكالة بلومبرغ الأميركية إن “الشركة تريد أن تسهم في عودة ليبيا، مضيفا أن البعض قد يرى جرأة أكثر في قرار توتال للدخول في شراكة مع ليبيا لكن أينما كانت المخاطر هناك الفرص”.

◄ ستّة وخمسون نائبا هددوا بفتح تحقيق رسمي واتخاذ ما يلزم لوقف الصفقة وحماية ثروة البلاد ومحاسبة كل المعنيين بالأمر

وأكّد بويان أن “الشركة ستخصص ملياري دولار لمشروع الواحة النفطي في ليبيا ما سيعزز الإنتاج بنحو مئة ألف برميل يوميا، كما ستعمل على زيادة الإنتاج في حقل مبروك والمساعدة في بناء خمسمئة ميغاوات من الطاقة الشمسية لتغذية الشبكة المحلية”.

وقالت الحكومة الليبية إنها بحاجة إلى الكثير من الاستثمار الأجنبي للحفاظ على مستويات الإنتاج، والوصول إلى هدفها البالغ ما بين 2 و2.5 مليون برميل يوميا في غضون ست سنوات (ارتفاعا من 1.1 مليون برميل حاليا).

ولاقت محاولات الدبيبة الذي قرر خوض غمار الانتخابات الرئاسية، للتقرب من الجانب الفرنسي عبر تسهيل الاستثمار في ليبيا، رفضا سياسيا واسعا.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن ستّة وخمسين نائبا بمجلس النواب الليبي طالبوا، بـ”وقف صفقة التفريط في حصة بشركة ‘الواحة’ للنفط”.

ورفضوا في بيان مشترك “تفريط حكومة الدبيبة، في حصة من شركة ‘الواحة’ بنسبة 8.16 في المئة، عبر السماح لشركة ‘توتال’ الفرنسية بالاستحواذ على حصة شركة ‘هيس’ الأميركية”، بالإضافة إلى رفضهم “التوقيع على الصفقة من قبل رئيس الحكومة متجاوزا وزارة النفط”.

وأشار الموقعون على البيان إلى أن “وزارة النفط جهة الاختصاص الأصلية والمخولة بالدراسة والتقييم، والإحالة إلى مجلس الوزراء إذا دعت الضرورة”، معتبرين أن “هذه الخطوة المفاجئة غير مدروسة وتعد تفريطا في مصدر قوت الليبيين، وتلحق الضرر الجسيم بالاقتصاد الوطني، وشركة ‘الواحة’ مستحوذة على مساحات استكشاف كبيرة والعائد على الاستثمار بها بمثل هذه النسبة قيمة عالية جدا ولا يجب التفريط بها، وبإمكان المؤسسات الليبية شراء هذه الحصة أو إشراك القطاع الخاص أو الاقتراض لتمويل الشراء، هذا الإجراء مخالفة صريحة للمادتين 2 و17 من قانون النفط”.

وأكد البرلمانيون على أن “الإجراء مخالف للقانون 24 لسنة 1970 بشأن إنشاء المؤسسة الوطنية للنفط، وللقانون 10 لسنة 1979 بشأن إعادة تنظيم المؤسسة”.

وحذروا “حكومة الدبيبة من المضي في هذه الصفقة خصوصا أن ذلك تجاوز لصلاحياتها”، مطالبين بـ”وقف الصفقة استنادا لحق الشفعة الذي ضمنه القانون المدني الليبي”، كما هددوا بـ”فتح تحقيق رسمي في مجلس النواب واتخاذ ما يلزم لوقف الصفقة وحماية ثروة البلاد ومحاسبة كل المعنيين بالأمر”.

رئيس مؤسسة النفط الليبية مصطفى صنع الله على علم بتفاصيل الصفقة

وسبق أن كشفت تقارير إعلامية، عن “مراسلة عبدالحميد الدبيبة، لشركة ‘توتال’ الفرنسية، عارضا عليها شراء حصة في شركة الواحة، والتي تمتلكها شركة أماريدا هيس الأميركية”.

وأوضحت تصريحات مسربة لتفاصيل الخطابات التي وجهها الدبيبة إلى شركة “توتال”، عن مطالبته للشركة بإتمام الصفقة بسرعة، حيث بلغ حجم الحصة التي يرغب رئيس الحكومة في بيعها 8.16 في المئة من قيمة الشركة.

وأفادت التسريبات بأن الدبيبة خاطب الشركة قبل ثلاثة أيام من انعقاد مؤتمر باريس، في محاولة منه “لتغيير وجهة نظر فرنسا في الانتخابات الليبية، وتغيير وجهتها الداعمة لإجراء الانتخابات”.

ولم تكشف الخطابات المسربة عن قيمة الصفقة أو العرض الذي عرضه الدبيبة على شركة “توتال”، إلا أن رئيس الحكومة الليبية طلب “مبلغ خمسة وأربعين مليون دولار لتسخيره في مجال التنمية والشباب”.

وأكدت مصادر مطلعة أن “مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط الليبية، على علم بتفاصيل تلك الصفقة، وبالخطاب والعرض الذي قدمه الدبيبة للشركة الفرنسية، لخبرته في هذا المجال، خاصة وأنه باع من قبل حصة شركة ‘ماراثون أويل’ في شركة الواحة لنفس الشركة الفرنسية عام 2019”.

وفي وقت سابق، اعتبر الدبيبة أن “خيار الوصول بالبلاد إلى إنجاز الاستحقاق الوطني الأهم المتمثل في عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية في موعدها يعدّ بالنسبة لنا استحقاقا تاريخيا لا تنازل عنه”.

وقال في المؤتمر الدولي لدعم ليبيا بباريس، إن “ليبيا عانت ويلات الانقسام والخلافات والحروب، والتوقيت الاستثنائي لهذا المؤتمر يأتي بعد أن اتفق الليبيون على وقف الاقتتال والانقسام السياسي، بعد أن أصبح لليبيا سلطة تنفيذية وحكومة موحدة ممثلة للجميع دون إقصاء أو تهميش بعيدا عن صراع الشرعيات التي عانينا منها لسنوات عديدة”.

وفي يونيو الماضي، وخلال زيارة أداها إلى فرنسا، قال الدبيبة إن “ليبيا تتطلع لدور مهم لفرنسا في دعم الاستقرار من خلال دعم الشرعية والمساهمة في إخراج المرتزقة”.

4