رئاسيات فرنسا تجسيد للتنافس بين الأكثر عداء للمسلمين والمهاجرين

لوبان في مهمة صعبة لقلب الطاولة على ماكرون.
الخميس 2022/04/07
القاسم المشترك بينهما: معاداة المهاجرين والمسلمين

تشهد الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة الأحد القادم تنافسا محموما حول مرشحين يجمع بينهم قاسم مشترك وهو تبني سياسات متشددة إزاء المسلمين والمهاجرين، لكن الكفة لا تزال تميل إلى الرئيس إيمانويل ماكرون بالرغم من أنه ليس أقل من بقية المرشحين تشددا تجاه قضايا الهجرة والانفصالية الإسلامية وغيرها.

باريس- عند توجههم إلى مكاتب الاقتراع الأحد سيكون الفرنسيون على موعد مع اختيار أحد المرشحين إلى الانتخابات الرئاسية، ويجمع بين هؤلاء قاسم واحد مشترك وهو معاداة الإسلام والمهاجرين.

ويتنافس على المقعد الرئاسي 12 مرشحا، هم 8 رجال و4 نساء، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن ستة منهم فقط هم الأبرز في السباق.

وبين المتنافسين الستة الرئيسيين، ثلاثة ينتمون لليمين السياسي واثنان من اليسار المتطرف، أما السادس فهو الرئيس ماكرون الموجود بقصر الإليزيه منذ مايو 2017.

وخرج ماكرون (44 عاما) من عباءة الحزب الاشتراكي (يسار)، وأسس حزب “الجمهورية إلى الأمام”. ويُنظر إليه على أنه ينتمي إلى “تيار الوسط”، ويجتذب ناخبين من اليمين واليسار.

وبجانب ماكرون، المرشحون البارزون هم مرشحة اليمين الجمهوري فاليري بيكرس، ومرشحة الحزب الاشتراكي (يسار) آن هيدالغو، ومرشح “فرنسا الأبية” (يسار متطرف) جان لوك ميلنشون.

وكذلك مرشحة “التجمع الوطني” اليمينية مارين لوبان، ومرشح حزب “استعادة فرنسا” اليميني إريك زمور.

◙ ماكرون الأوفر حظا ينظر إليه على أنه ليس الأقل تشددا تجاه المسلمين حيث اتخذ قرارات أثارت جدلا وأدرجها في سياق محاربته «الانفصالية الإسلامية»
ماكرون الأوفر حظا ينظر إليه على أنه ليس الأقل تشددا تجاه المسلمين حيث اتخذ قرارات أثارت جدلا وأدرجها في سياق محاربته "الانفصالية الإسلامية"

ويغيب اليسار التقليدي عن هذه الانتخابات بعد سلسلة انتكاسات كبرى، بينما تشهد حضورا بارزا لأنصار التيار اليميني المعادي للمسلمين والمهاجرين.

ويبلغ عدد المسلمين في فرنسا نحو 5.7 مليون حتى منتصف 2016، ويمثلون 8.8 في المئة من مجموع السكان. ووفق متابعين للحملات الانتخابية، يتنافس زعماء التيار اليميني، وهم زمور ولوبان وبيكرس، على مَن منهم سيكون “الأكثر عداء وتطرفا ضد المسلمين والمهاجرين”.

وينظر البعض إلى ماكرون على أنه ليس الأقل تشددا منهم تجاه المسلمين حيث اتخذ سلسلة من القرارات أثارت جدلا لكنه أدرجها في سياق محاربته لما أسماها بالانفصالية الإسلامية غداة هجمات إرهابية شهدتها البلاد.

إريك زمور

تغذت الحملات الانتخابية لمرشحي اليمين المتطرف على تصريحات ودعوات معادية للمسلمين والمهاجرين تؤجج “الإسلاموفوبيا” (الخوف من الإسلام)، بحسب متابعين.

وفي مقدمة هؤلاء المرشحين، مؤسس حزب “استعادة فرنسا” زمور (63 عاما)، الذي تميل خطاباته إلى اليمين المتطرف أكثر من منافسته لوبان.

ويذهب زمور بخطاباته بعيدا إلى مسألة “الهوية” ومحاربة الإسلام، وأُدين مرتين بالتحريض على الكراهية.

وكشف عن سياسته المرتقبة تجاه المسلمين، في حال فوزه بالرئاسة، قائلا في تصريحات متكررة “سأمنع الحجاب وأوقف الأذان وأغلق المساجد الكبرى، فهي تعني غزو فرنسا”.

كما توعد زمور المسلمين بأنه سيمنعهم من تسمية أبنائهم باسم محمد، بقوله في سبتمبر2021 “إذا أصبحت رئيسا لفرنسا سيُحظر اسم محمد على الفرنسيين”. وتابع أنه سيُفعل “القانون 1803 في فرنسا”، الذي يحظر على الفرنسيين تسمية أسماء غير فرنسية. وألمح، في تصريحات صحافية، إلى اعتزامه منع متاجر “الجزارة الحلال” التي تخدم المسلمين.

وفي فبراير الماضي قال زمور إن فرنسا “ستستغني عن الأطباء الجزائريين” في حال فوزه بالرئاسة. وجاء هذا التصريح بعد نجاح 1200 طبيب جزائري من أصل 2000 مرشح في مسابقة تمكنهم من ممارسة مهنتهم في فرنسا.

هذه الانتخابات هي الـ12 منذ قيام الجمهورية الخامسة في فرنسا، وهي تشير إلى الدستور الجمهوري الخامس والحالي في فرنسا

وتوعد زمور بوضع حد لهذه المسابقة التي تهدف إلى جلب أطباء أجانب. وقال “نذهب منذ 30 عاما لاستقدام أطباء من الجزائر، بينما نمنع الشباب الفرنسي من التخصص في هذا المجال بسبب ربع نقطة (أقل في درجات اختبارات الدراسة)”. واعتبر زمور أن الهجرة “أضعفت فرنسا وأفقرتها وأحدثت نوعا من الفوضى”.

وبرنامجه الانتخابي يتضمن بنودا ضد المسلمين والمهاجرين، أبرزها الحد من سياسة الهجرة إلى فرنسا ووقف المساعدات الاجتماعية المقدم للمهاجرين. وهو يخطط لطرد المهاجرين غير النظاميين من فرنسا، لاسيما المتورطين في قضايا جنح وغيرها، بالإضافة إلى نزع الجنسية مَِمن يعاودون ارتكاب
جرائم.

مارين لوبان

في المقابل، تقف لوبان (53 عاما) التي تتبنى مع زمور نظرية “الاستبدال العظيم”. وفكرة هذه النظرية هي أن شعوبا أجنبية (المسلمون مثلا) ستحل محل الشعب الفرنسي، وهو السبب وراء سعيهم لوضع سياسات متشددة إزاء المسلمين.

وتركز لوبان، كما زمور، على المسلمين لكسب شعبية أكبر، ولو بإثارة التفرقة والعنصرية ضد ثاني أكبر ديانة انتشارا في فرنسا بعد المسيحية. وتعول لوبان هذه المرة كثيرا على تعبئة مناصريها لتقلب الطاولة على ماكرون الذي تتوقع جميع استطلاعات الرأي أن يُعاد انتخابه رئيسا.

ومنذ بدء إعلانها الترشح لانتخابات الرئاسة، قبل 10 أعوام، تثير لوبان مشاعر كراهية ضد المسلمين. وتُعرف لوبان بأنها سليلة “عائلة عنصرية فاشية” تحلم بـ”فرنسا بيضاء مسيحية” لا مكان فيها للأجانب بصفة عامة، والمسلمين خاصة.

فهي حفيدة جون ماري لوبان، الجد المعروف بآرائه العنصرية والفاشية، وتحيط نفسها بفكرة أن الإسلام هو العدو الأول للأمة الفرنسية.

وألمحت لوبان نهاية مارس الماضي إلى أنه في حال خسارتها الانتخابات “فربما لن تخوض سباق الرئاسة مرة أخرى”، بحسب حوار مع صحيفة “لوجورنال دو ديمانش”.

فاليري بيكرس

غراف

في فبراير الماضي وصف مدونون تصريحات فاليري بيكرس (54 عاما) المرشحة عن حزب الجمهوريين، بأنها تنافس زمور في سباق من هو الأكثر تطرفا وعنصرية ضد
المسلمين. وهاجمت بيكرس، خلال ظهور إعلامي، خصمها اليميني المتطرف زمور.

وقالت إنها خاضت صراعا ضد “الإسلاموية” ووقفت وراء قوانين منع البرقع والتضييق على المحجبات منذ أكثر من 12 عاما، بينما كان زمور مجرد مقدم برامج تلفزيونية.

وضمن دفاعها عن العلمانية، وعدت بيكرس بـ”القضاء على كل مظاهر الإسلام في فرنسا”. وقالت في تجمع انتخابي بالعاصمة باريس إن “الحجاب ليس قطعة ملابس مثل غيرها وليس فريضة دينية، إنه دليل على خضوع المرأة”. وتابعت “إذا أصبحت رئيسة الجمهورية فلن تكون أي امرأة خاضعة”.

وتقترح بيكرس “ترحيل الأجانب الذين يمثلون تهديدا للأمن العام، خصوصا من يتبنون خطابا إسلاميا متشددا”. واتهمت ماكرون بالتغاضي عن “الإسلاموية والهجرة غير الخاضعة للرقابة وزيادة انعدام الأمن”.

وإذا لم يفز أي مرشح بالأغلبية المطلقة في الجولة الأولى من انتخابات الأحد، تُجرى جولة ثانية في الرابع والعشرين من أبريل 2022 بين صاحبي المرتبة الأولى والثانية في عدد الأصوات.

وهذه الانتخابات هي الـ12 منذ قيام الجمهورية الخامسة في فرنسا، وهي تشير إلى الدستور الجمهوري الخامس والحالي في فرنسا، والذي دخل حيز التنفيذ في الرابع من أكتوبر 1958.

7