ذاكرة الحيتان تدلها على أماكن الطعام

باحثون من الولايات المتحدة يرجحون أن الحوت الأزرق العملاق يعتمد على قدرته على التذكر عندما يهاجر بحثا عن الطعام، أكثر من اعتماده على وفرة الغذاء في مكان ما أو على الظروف البيئية.
واشنطن - يعتقد فريق من العلماء الأميركيين أن الحيتان الزرقاء، وهي أكبر الحيوانات في العالم، تعتمد بشكل كبير على ذاكرتها لتتخذ القرارات بشأن تحركاتها، وهذا الأمر مختلف عن معظم الحيوانات البرية المهاجرة التي تلجأ في طريقها إلى تغيير مساراتها لتتأقلم مع تغيّر أماكن وجود مصادر الغذاء.
وتهاجر الحيتان الزرقاء في كل ربيع، من مناطق التكاثر الشتوية قبالة كوستاريكا باتجاه الشمال على طول الساحل الغربي للولايات المتحدة لتحصل على طعامها المفضّل، وهو نوع من الرخويات الصغيرة المعروفة بأسماك الكريل.
ويمكن أن يصل طول الحوت الأزرق إلى 33 مترا، وأن يبلغ وزنه 200 طن، وهو بذلك أضخم حيوان على سطح الأرض، حيث يمكن أن يزن الحوت الواحد بسهولة ما يعادل 25 فيلا، ويمكن أن يتسع فمه لمئة شخص في وقت واحد. ويقضي الحوت الأزرق فصل الشتاء في البحار معتدلة الحرارة والبحار شبه المدارية، حيث يتزاوج أيضا.
ويتعقّب العلماء، منذ وقت طويل، هجرة هذه الحيتان الضخمة، إلا أنهم ما زالوا يعجزون عن معرفة الطريقة التي تختار فيها مسارها.
وراجعوا بيانات جمعت على مدى 10 سنوات حول تحركات 60 حوتا وقارنوها بالتوقيت السنوي لتزهير العوالق النباتية التي تقتات عليها هذه الرخويات.
وقال العلماء في دراسة نشرتها حوليات الأكاديمية الوطنية للعلوم، إن الحيتان تعتمد بشكل كبير على ذاكرتها لتتخذ القرارات بشأن تحركاتها، وهذا الأمر مختلف عن معظم الحيوانات البرية المهاجرة التي تلجأ في طريقها إلى تغيير مساراتها لتتأقلم مع تغير أماكن وجود مصادر الغذاء.
مخاوف من أن يجعل اعتماد الحيتان على ذاكرتها من الصعب عليها التعامل مع التغيّرات في الأنظمة البيئية المحيطة بها
أما بالنسبة إلى الحيتان الزرقاء، “فهي تستخدم ذاكرتها” كما قالت بريانا أبرامز العالمة البيئية التي تعمل لحساب “الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي”.
وأضافت أبرامز “أو أنها تستخدم التوقعات التي اكتسبتها مع الوقت للذهاب في متوسط التوقيت (لأسماك الكريل)”، مشيرة إلى أن أحد الأسباب للقيام بذلك، هو أن “هناك الكثير من المتغيّرات في المحيط ومن الصعب جدا التنبؤ بأنّ شيئا ما سيحصل”.
ولفتت إلى أن “المحيط مكان ديناميكي والمساكن الطبيعية (للكائنات البحرية) تتغير مع الوقت، وهناك الكثير من المتغيّرات التي تحصل من سنة إلى أخرى”.
غير أن الباحثين عبّروا عن مخاوفهم من أن يجعل اعتماد الحيتان على ذاكرتها من الصعب عليها التعامل مع التغيّرات في الأنظمة البيئية المحيطة بها، تلك التغيرات الناتجة عن التغير المناخي على سبيل المثال.
وأكدت أبرامز أن الاحترار المناخي يمثّل تحديّا للحوت الأزرق الذي يصنّف على أنه مهدد بالانقراض.
وأوضحت أن “الاحترار المناخي يثير القلق من أنّ التغيير يحدث أسرع بكثير مما يمكن للحيتان أو للحيوانات الأخرى التكيّف معه”. وأشارت إلى أنه “لا يزال علينا تعلم الكثير بشأن كيفية حركة الحيوانات في المحيطات، وكيف تستطيع العثور على بيئة عيش جيدة، وكيف تتأثر بالأنشطة البشرية والتغيّرات البيئية”.