موروث مقتدى الصدر منحه فرصة تاريخية في أن يكون إلى جانب المظلومين بين الشيعة، وأن يتحول إلى بطل لكل العراقيين لو تجاوز الخطاب التعبوي المذهبي إلى برنامج سياسي وطني متفاعل مع الأحداث.

هل قامت الحرب وانتهت فصولها العسكرية لتبدأ صفحة تقسيم المصالح وترسم الحدود الجديدة للشرق الأوسط على أعقاب حروب النيابة.

ما يمكن حدوثه اليوم في العراق من سيناريو متوقع هو "البيان رقم صفر" وهو نتاج صراع يحتدم حاليا في بغداد، يتبلور من خلاله البحث عن البطل "الشيعي المنقذ" وهنا تكمن الأزمة.

العبادي وحده القادر على تحديد خياراته، رغم أن المؤشرات تؤكد استسلامه لقرارات كتلته، هل سيكون له دور في التغيير المقبل أم سيظل طائرا ضائعا في حقله الشيعي.

مأزق العبادي أنه يحاول استنساخ "الفشل" في ما يعزم عليه من تغيير أو إصلاح، وواقع الحال أنه يحاكي مأزقه ومأزق الكتلة الشيعية الحاكمة.

ما نسمعه من تسريبات تتناول مشاريع وتوجهات أميركية لتغيير جذري في العراق، مازالت عند حدود الكلام، وهي أقرب إلى نشاطات العلاقات العامة منها إلى البرنامج العملي القريب.

الطائفية تبيح كل شيء ما عدا كشف مراميها وأهدافها، وتسمح بالتطرف الديني الشيعي والسني، لأنه يشكل سياجا حاميا لها.

رغم أهمية تبني مشروع تعبوي لمساندة المظلومين والمهجرين والمحروقة منازلهم، إلا أن المشروع الأهم هو مشروع الإنقاذ الوطني لتعديل جذري للعملية السياسية، وإزاحة جميع المتورطين بالكارثة العراقية.

هل يتوقع من بلد ترتضي حكومته ألا يرفع علم بلدها في بعض الزيارات الرسمية، وهناك أكثر من فضيحة موثقة، أن تسمع كلمته في وساطة.

مفردات الصراع السعودي الإيراني، اليوم، قد تقود إلى الصدام المسلح إذا ما سمح الكبار رغم تأكيدات الدبلوماسية السعودية باستبعاد ذلك، فالمناخ شبيه بما حصل قبيل وبعد الحرب العراقية الإيرانية.

إيران "القومية" لا تريد عراقا وطنيا عروبيا يطرد التيار الطائفي من صفوف أبنائه، تريده عراقا "شيعيا".

العجز العام داخل العراق لا يمكن أن يبقى ساكناً عند حدوده الراهنة فالتدحرج حينما يحصل فإنه يسير بقوة نحو الهاوية فالمشكلة هي في بنية الحكم.

إيران لم تتعجل بموقف رسمي تجاه الحلف السعودي وأحالت التعبئة الإعلامية القوية ضد المشروع الجديد إلى حلفائها وأدواتها الحزبية والدعوية في لبنان والعراق وسوريا.

الأتراك والإيرانيون تقاتلوا لمدة 700 عام ولم تكن بينهما أطماع متقابلة لكن كليهما يحلم بأطماع ذات نزعات تاريخية تجاه العراق عندما يكون في أضعف حالات الوهن والتفكك.

الخطة الأميركية الجديدة فشلت في إحلال نظام سياسي يفتح الآمال في إعادة التوازن إلى الحياة السياسية وفي إزالة الظلم عن العرب السنة، ومنحهم فرصة القضاء على داعش بسهولة.

الدعوة إلى تشكيل تكتل سياسي من طرف من يدعون تمثيلهم للعرب السنة، إحياء جديد للطائفية السياسية التي وصلت حالة الانهيار، ومد حبل الإنقاذ للطرف الشيعي الذي حاصرته التظاهرات وكشفت مأزقه في الفشل والفساد.

الإرهاب يجد ملاذاته في بيئات التخلف والجهل والدعوات الضيقة وانعكاساتها لدى الأحزاب السياسية الطائفية التي نمت بسرعة في العالم العربي لأسباب استراتيجية ترتبط بمصالح الدول الكبرى.

بقدر ما خرب الاحتلال العسكري بأدواته المباشرة قاعدة البناء المادي للعراق ونهب غالبية موجوده الحضاري (الآثار)، فإن أهدافه الأخطر سعت إلى تخريب البنيان المعنوي للإنسان العراقي.