دُقة.. منطقة أثرية تونسية تروج للسياحة

إبرازا لأهميته التاريخية وتعزيزا للسياحة احتضن الموقع الأثري بدقة التونسية عرض أزياء لمصممين تونسيين موهوبين حاولوا المزج بين الحاضر والماضي في الموقع المدرج على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، ما جعل الجمهور يستمتع بهذا الدمج بين الحقبتين.
تونس - دبت الحياة في منطقة دُقة الأثرية التونسية بعرض أزياء رائع لملابس أبدعها عشرة من مصممي الأزياء التونسيين الموهوبين.
وأُقيم العرض في إطار مهرجان دُقة الدولي الذي يستهدف الاحتفال بالأزياء وإبراز الأهمية التاريخية للموقع الأثري.
وعرض المصممون الأزياء التي أبدعوها على مسرح في الموقع الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس الميلادي.
ودمج المصممون الميزات الحديثة مع العناصر التاريخية والتقليدية في الموقع مما جعل الجمهور يستمتع بالمزج بين الماضي والحاضر.
المصممون التونسيون عرضوا الأزياء التي أبدعوها على مسرح في الموقع الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس الميلادي
وأصبح الموقع المدرج على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي مكانا يستضيف أحداثا ثقافية وموسيقية تجذب مئات الزوار.
وقالت المغنية السورية فايا يونان، التي شاهدت عرض الأزياء، “تعرفت على دُقة منذ أسبوع، غنينا في مهرجان دُقة. فهي من أحلى المناطق الأثرية التي يمكن أن تزورها، وأن تقام مثل هذه الأحداث فهذا يسلط الضوء ويشجع ليس فقط على السياحة وإنما أيضا على حب الاطلاع والتعرف أكثر على المنطقة، وليت دقة تظل مليئة بالموسيقى والموضة وكل شيء حلو”.
وقالت التونسية درصاف مملوك “هذه المنطقة الأثرية لديها تأثير كبير، فقد زادت عرض الأزياء جمالا كبيرا. لكن أيضا من قاموا بالعرض، قاموا بعمل ممتاز، لقد كان كل شيء مثاليا والمكان كان جميلا جدا”.
وقال مختار بالعاتق مدير مهرجان دُقة الدولي “عرض الأزياء الذي تم في مهرجان دُقة هو في نهاية الأمر تثمين للموقع. فأول هدف من هذا العرض هو التعريف بموقع دُقة، الموقع العالمي، وإظهار قيمته من خلال مثل هذه الأنشطة”.
وأضاف “الهدف من خلال هذه البرمجة هو أن نؤسس لرؤية ثقافية سياحية، يعني أن نعمل بعقلية الثقافة السياحية، هذا هو هدفنا. لاحظتم أن الجماهير تتوافد على مهرجان دُقة من كامل تراب الجمهورية، وهذا هو الهدف”.
وقال التونسي محمد بلطي “لقد كانت حفلة جميلة جدا، أرادت (المغنية سعاد ماسي) أن تنهي الحفلة بعد ساعة من بدايتها لكن الجمهور ضغط قليلا عليها لتكمل، فقامت هي بغناء القليل من أغانيها القديمة والتي طلبها الجمهور، لقد كانت سهرة ممتعة، المكان جميل جدا كالعادة وأتمنى أن يبقى مهرجان دُقة هكذا دائما”.
ودقة هي مدينة أثرية تقع بمعتمدية تبرسق من محافظة باجة في الشمال الغربي لتونس. وأُدْرِجت ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1997، باعتبارها أفضل مدينة رومانية محفوظة في شمال أفريقيا. تموقع دقّة وسط ضيعة زراعية جعلها محميّة من الزّحف العمراني، عكس قرطاج مثلا، التي نُهبت وتمّت إعادة بنائها عدة مرّات.
وتتميّز المدينة بامتدادها على مسافة 70 هكتارا ومحافظتها على الآثار، وبثراء تاريخها البونيقي والنوميدي والروماني والبيزنطي . وتستمد مدينة دقة اسمها الحالي من اسمها الأمازيغي القديم وهو “توغا” ويعني الجبل الصّخري.
ورغم صغر حجمها تمثّل مدينة دقة إحدى أكثر المناطق احتفاظاً بمعالمها الأثرية في شمال أفريقيا. فحجم المدينة وآثارها المحفوظة جيداً، وتاريخها الثريّ المتنوع بين البربر والنوميدية والغينية والبونية والرومانية القديمة والتاريخ البيزنطي…، كل ذلك جعل منها منطقة استثنائية. ولذلك أدرجتها اليونيسكو ضمن مواقع التراث العالمي. والتاريخ الأكثر شهرة لمدينة دقة يبدأ مع الغزو الروماني، على الرغم من اكتشاف العديد من الآثار التي سبقت الرومان، كاكتشاف ضريح ومقبرة ومعابد، وكل ذلك يشكل مُؤشّراً على أهمية الموقع قبل وصول الرومان، إلا أن التاريخ الأكثر وضوحاً وتحديداً للمدينة هو العصر الروماني.
وكانت دقة مُستوطنة بشريّة مهمة، ومما يدلُّ على طابعها الحضري وجود مقبرة فيها مذبح صخري للقرابين، وهي الاكتشاف الأثري الأشدّ قدماً في دقة، وكان مُخصّصاً للبعل حمون، إله الخصوبة والمحاصيل في ديانات شمال أفريقيا. كما توجد المسلات والشظايا المعمارية وضريح ومعبد مخصص لماسينيسا، وبقايا كثيرة تم العثور عليها خلال الحفريات الأثرية. وتقول اليونيسكو “رغم عدم المعرفة الجيدة بتاريخ المدينة قبل العصر الروماني فإن الاكتشافات الحالية في الموقع أحدثت ثورة في التصور الذي كان موجوداً عن هذه الفترة”.