دي لا فوينتي.. مسيرة قصيرة من الشك إلى النجاح

مدريد - لا شك أن النجاح الذي حققه منتخب إسبانيا بالتتويج بلقب دوري الأمم بركلات الترجيح (5 – 4) على كرواتيا في روتردام، ينسب بشكل كبير إلى المدرب لويس دي لا فوينتي الذي أثيرت حوله الشكوك بعد الإعلان عن توليه المسؤولية الفنية لـ”لا روخا” خلفا للويس إنريكي عقب إخفاق مونديال 2022.
ورغم منطقية هذه الشكوك بالنظر إلى السيرة الذاتية للمدرب الذي حقق نجاحاته كلها بين منتخبات الشباب في إسبانيا، فضلا عن البداية المهتزة في تصفيات أمم أوروبا (يورو 2024) بانتصار منطقي على النرويج، ثم خسارة أمام أسكتلندا، إلا أنه سرعان ما أثبتت خطأها بحصد أول لقب كبير لإسبانيا بعد غياب 11 عاما.
ومن المؤكد أن تتويج إسبانيا بلقب دوري الأمم على حساب منتخب قوي بحجم كرواتيا يضم بين صفوفه لاعبين كبارا أبرزهم نجم ريال مدريد لوكا مودريتش، فضلا عن تميزه بالروح الجماعية داخل الملعب، ثبت أقدام دي لا فوينتي على مقعد المدير الفني في بطولة الأمم الأوروبية (يورو 2024) الصيف المقبل في ألمانيا.
مهمة صعبة
ما يصعب من مهمة دي لا فوينتي مع إسبانيا هو الانتقادات الحادة داخل بلد يعيش على هذا النسق على كل الأوجه
وما يصعب من مهمة دي لا فوينتي مع إسبانيا الانتقادات الحادة داخل بلد يعيش على هذا النسق على كل الأوجه، ويبني استنتاجاته في أغلب الأحيان على النتائج، حيث جعل هذا الوضع المدرب أمام حتمية إظهار المزيد باستمرار.
إلا أن إجابة المدرب صاحب الـ61 عاما كانت دائما تعتمد على العمل ثم العمل، فليس هناك فرصة أكبر للمدرب من أن يتم اختياره لتدريب المنتخب الوطني لبلده، وهذا ما فعله دي لا فوينتي؛ القرب من اللاعبين والرسالة التي يستطيع أن ينقلها بإقناع وبحماس، والتحفيز الكبير، لعلها أبرز سمات دي لا فوينتي الذي يتميز بأفكاره الواضحة والبسيطة، ورغبته المستمرة في تطبيق هذه الأفكار بأقصر الطرق الممكنة.
ولعل هذا أبرز ما ميز المنتخب الإسباني تحت قيادة دي لا فوينتي، اللعب المباشر، بشكل أكبر بأقل عدد من التمريرات، مع عدم ترك الهوية التي طالما ميزت إسبانيا عبر الأجيال المختلفة، مع تفضيل وجود مهاجم صريح رقم “9”، مع خيارات عديدة مختفة على مقاعد البدلاء من أجل الحفاظ على نفس الشكل الخططي للفريق.
تنفيذ الأفكار

لكن لم يكن لهذا النجاح أن يتحقق دون أدوات تساعد على تنفيذ أفكار المدرب داخل المستطيل الأخضر، حيث أعطى دي لا فوينتي الأولوية للحاضر لكي يحصد نتائجه في المستقل، ولكن دون نسيان اثنين من الأبطال اللذين لا يزال لديهما ما يقدماه من عصر “الجيل الذهبي”، وهما خيسوس نافاس في الجهة اليمنى، وجوردي ألبا في اليسار. كل ذلك يضاف إلى بعض القراءات الجيدة لمباراتي المرحلة النهائية في دوري الأمم، حيث أصاب المدرب بتدخلاته الفنية وتبديلاته في مباراة نصف النهائي أمام إيطاليا، ثم تكرر الأمر في مباراة التتويج أمام كرواتيا.
واعتبر رودريغو هيرنانديز “رودري”، لاعب وسط منتخب إسبانيا ومانشستر سيتي، أن “هذا العام لا ينسى” بالنسبة إليه بعد أن توج مع ناديه الإنجليزي بالثلاثية (البريميرليغ وكأس إنجلترا ودوري الأبطال)، ومع “الماتادور” بلقب دوري الأمم الأوروبية.
وقال رودري في تصريحات أثناء احتفاله مع زملائه في المنتخب بلقب دوري الأمم في مدريد “لقد كان عاما مذهلا”.
كما أثنى صاحب الـ26 عاما على العمل الذي قدمه باقي زملائه في المنتخب. وأوضح في هذا الصدد “نمتلك مجموعة مذهلة، لاسيما اللاعبين الشباب، الذين لديهم طموحات كبيرة”. وأتم “اليوم وضعنا اللبنة الأولى من أجل مسيرة طيبة لغاية تنتظرنا، هذا اللقب سيمنحنا الفرصة للحلم في البطولات المستقبلية، وهذا الفريق سيمنحنا السعادة. عليكم أن تواصلوا ثقتكم فيه”.