دونالد ترامب حائر في الملف الإيراني

الرئيس الأميركي يريد ضرب إيران ويخشى الحرب في نفس الوقت بسبب عدم خبرته الواسعة بالشؤون السياسية.
الأحد 2019/06/23
ترامب حائر في الملف الإيراني أكثر من أي شيء

تعتبر أحداث الأيام الأخيرة من اللحظات المهمة في الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتثير تساؤلات حول استراتيجيته ومقاربته للملفات الجيوسياسية المعقدة، وهل أن لجوءه للتصريحات الحربية تارة والتردد في المواقف العسكرية طورا استراتيجية أم تردد بسبب عدم خبرته الواسعة بالشؤون السياسية.

واشنطن - يعكس الملف الإيراني الذي بلغ مستويات جديدة من التوتر بعد تدمير طهران طائرة مسيرة أميركية ترددا حد التناقض في مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي وصل إلى سدة الحكم دون أي خبرة سياسية أو دبلوماسية.

ينعكس هذا التردد في قرار ترامب بالتراجع عن توجيه ضربات جوية لإيران، قبل عشر دقائق فقط من بدئها. وجاء في التبرير أنه أراد تجنب اتخاذ خطوة غير متكافئة بالنسبة للهجوم الذي لم يؤد إلى سقوط ضحايا أميركيين.

يعرف ترامب بتصريحاته الحربية وتهديداته بزرع القتل والدمار، لكنه في المقابل، يعتبر من أشد منتقدي التدخلات العسكرية الأميركية، كما يؤكد بشكل واضح إعلانه عن إلغاء الضربات الجوية على إيران في اللحظة الأخيرة.

ويؤكد ترامب، الحريص على الحفاظ على قاعدته الانتخابية والوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية في 2016، أن الحروب العديدة في الشرق الأوسط كلفت الولايات المتحدة كثيرا من الناحية المادية والخسائر البشرية.

وقال الخميس في المكتب البيضاوي “قلت إني أود الخروج من هذه الحروب التي لا تنتهي. ركزت حملتي على هذا الموضوع”.

لكن الرئيس الأميركي غالبا ما يستخدم لهجة حربية في التغريدات العفوية والخطابات الرسمية. فبعد أن توعد كوريا الشمالية بـ“نشر النار والغضب”، هدد إيران بتدميرها بكل بساطة. وكتب في تغريدة منتصف مايو “إذا أرادت إيران المواجهة ستكون نهايتها رسميا. لا تهديدات بعد اليوم للولايات المتحدة”.

ويفتخر ترامب بانتهاج استراتيجية مغايرة لأسلافه أرفقت برفع الموازنة العسكرية، ما قد يرغم خصوم واشنطن على اللجوء إلى التفاوض. لكن مراقبين ومعارضين يشعرون بالقلق من مخاطر انزلاق نحو الحرب.

وأعلن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر أنه “لا يريد الرئيس ربما خوض حرب لكننا نخشى من أن يقع في حرب عن طريق الخطأ”.

من جهته قال روبرت غاتمان، من جامعة جون هوبكينز، “إنه متردد. ليست لديه استراتيجية واضحة”.

ويرى روبرت مالي، رئيس مجموعة الأزمات الدولية، أن دونالد ترامب حائر في الملف الإيراني أكثر من أي شيء. وتساءل “هل يتوخى الحذر أو يظهر في صورة الرجل القوي الثابت في مواقفه”.ويقول مستشار باراك أوباما السابق “لا يريد أن يكون محاربا لكن في المقابل لا يريد أن يظهر كشخص يخاف الحرب”.

والنقيض الآخر هو أن ترامب الذي سخر دائما من تردد سلفه وأكد أنه سيسلك خطا مغايرا تماما لأوباما، أصبح يقارن بالأخير لتردده في استخدام القوة.

وفي 2018، كتب ترامب في تغريدة “لو احترم الرئيس أوباما الخط الأحمر الذي حدده بنفسه لكانت الكارثة السورية انتهت منذ زمن بعيد!”.

وبعد أن أعلن أن الولايات المتحدة مستعدة لضرب أهداف للنظام السوري بعد هجوم بالأسلحة الكيميائية، تراجع الرئيس الديمقراطي عن قراره ما فاجأ الجميع.

والأكيد هو أن نظرتي الرئيسين الأميركيين الـ44 والـ45 إلى العالم مختلفتان تماما لكن استنتاجاتهما واحدة: لم يأت التدخل العسكري الأميركي في الشرق الأوسط بالنتائج المرجوة من قبل الذين دافعوا عنه.

وفي هذا الخصوص يؤكدان أن العديد من الأميركيين سئموا من التدخلات الخارجية غير الواضحة المعالم والجدول الزمني غير المحدد.

وتبقى مسألة استراتيجية ترامب على الأجل المتوسط حيال إيران عالقة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي تفاوضت بشأنه إدارة أوباما.

ويرى روبرت مالي أن ترامب يعتمد نظرية مماثلة مع إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية: تصريحات حربية وضغوط اقتصادية ودبلوماسية قصوى ووعد واحد “إذا كنتم على استعداد لقبول شروطنا الباب مفتوح لعلاقة استثنائية مع الولايات المتحدة”.

وتساءل الخبير “ما مصير هذه الاستراتيجية الثنائية إذا وصلت إلى طريق مسدود؟”. ما مصير استراتيجية الرئيس الأميركي “إذا كانت الضغوط تزيد من التشدد الإيراني؟”.

6