دور مزادات الأعمال الفنية العالمية تنتعش رقميا

لجأ العديد من دور المزادات العلنية إلى الفضاء الافتراضي لمواصلة النشاط في سوق الأعمال الفنية في ظل حالة الطوارئ التي فرضت العزل العام وتوقف الأعمال التجارية في العديد من البلدان في العالم.
نيويورك – مع إغلاق قاعات البيع ووجود الموظفين في الحجر اضطرت دور المزادات العلنية إلى تسريع مبيعاتها عبر الإنترنت من أجل الاستمرار في سوق الأعمال الفنية التي تقاوم أزمة كوفيد – 19.
وأغلقت دار “سوذبيز” العريقة التي تتخذ في لندن مقرا لها، مكاتبها في لندن وهونغ كونغ ودبي وجنيف وميلانو وباريس ونيويورك، ما أدى إلى تأجيل مزاداتها التي كان من المفترض تنظيمها في مايو.
في الوقت نفسه، قالت منافستها الرئيسية “كريستيز” إنها “تعمل بسرعة” لإعادة جدولة المزادات المؤجلة.
وأوضح جايلز بيبيات مدير الفن الأفريقي الحديث والمعاصر في دار “بونهامز” للمزادات ومقرها لندن “إنه تهديد لنا جميعا لكنني أعتقد أننا سنتجاوزه”.
وبما أن دور المزادات العلنية لم تعد قادرة على تنظيم نشاطاتها على أرض الواقع، فإن الوباء سرّع الانتقال إلى المبيعات عبر الإنترنت.
وكانت دار سوذبيز قد اتبعت الإجراءات الوقائية ضد انتشار جائحة كورونا بتنظيم مزادها التقليدي إلكترونيا أواخر شهر مارس الماضي بلندن. وبيعت خلال هذا المزاد لوحة “السود” للفنان المغربي محمد المليحي بسعر 494 ألف دولار فيما بيعت لوحة “عائلة من الفلاحين” للفنان العراقي محمود صبري بسعر 372 ألف دولار، حيث حطمت اللوحتان الأرقام القياسية ببيعهما بأسعار تفوق المتوقع ضمن مزاد الدار اللندنية المخصص للفن الحديث والمعاصر بأفريقيا والشرق الأوسط.
وقال بيبيات “من حسن الحظ أن هناك مزادات إلكترونية”. وأضاف “عندما بدأت المبيعات عبر الإنترنت، اعتقد جميع المزايدين أنها ستقضي على المزادات الحية. لكن من المدهش أن أكثر ما كنا نخشاه في ذلك الوقت، سيصبح المنقذ”.
وقالت جاين زاتورسكي رئيسة “كريستيز أميركا”، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، إن الشركة تصدت للوضع عبر تسريع عملية إعادة برمجة منصتها للبيع عبر الإنترنت باستخدام التكنولوجيا الخاصة بها التي طورتها خلال العقد الماضي.
وأوضحت “إن سوق الفن وزبائننا جاهزان ويرغبان في هذا النوع من التعامل الرقمي”.
ويرى خبراء أن تفشي الوباء يطرح تحديات مختلفة لدور المزادات بأحجامها المختلفة ولقطاعات عدة من السوق وفقا لخبراء. وصرحت كلير مكاندرو، الرئيسة التنفيذية لـ”آرتس إيكونوميكس”، “أعتقد أن دور المزادات الصغيرة ستكافح بجد للبقاء خلال هذه المرحلة لأنها لا تملك السيولة اللازمة لتجاوزها”.
لكن بيرس نونان رئيس دار “ديكس نونان ويب” للمزادات في لندن ومديرها التنفيذي قال إن الشركات الصغيرة قد تزدهر إذا عملت بذكاء. وأضاف “أولا ستكون التكنولوجيا هي الوسيلة الوحيدة لتنظيم المزادات”، معتبرا أنها “لحظة حاسمة”. وتخطط داره المتخصصة في المقتنيات الصغيرة مثل الساعات والمجوهرات، لتنظيم عملية بيع مباشرة عبر الإنترنت الأسبوع المقبل، مع إدارة المزاد من المنزل، إذا لزم الأمر. وسيخصص جزء من العائدات لخدمة الصحة الوطنية “أن.آتش.أس” في بريطانيا.
وتابع “هناك حركة كبيرة على موقعنا الإلكتروني” موضحا أن الناس محصورون في منازلهم مع القليل من النشاطات لإنفاق أموالهم.
وقد يصبح امتلاك أصول ملموسة أكثر جاذبية مع انهيار خيارات الاستثمار الأخرى. وقالت خبيرة الاقتصاد الفني كاثرين براون من جامعة لوبورو البريطانية إن “الحقيقة المحزنة هي أن الفن ينجو من الكوارث”.
وأضافت “استمر الناس في شراء الأعمال الفنية خلال الحرب العالمية الأولى. يمكنكم إلقاء نظرة على المراسلات بين الشاعر (الفرنسي) غيوم أبولينير الذي كتبها من الخنادق إلى تاجر في باريس وإخباره بالأعمال التي يجب شراؤها”.
وقال رئيس “كريستيز” جوسي بيلكانين إن الدار لم تشهد “انخفاضا في شهية المشترين”.
وشرحت مكاندرو أنه قد تكون هناك مشكلة أكبر تكمن في العرض. وقالت “المشكلة هي أن الناس قد يعتبرون هذه الفترة وقتا غير مناسب للبيع”. لذلك، فإن الباحثين عن شراء أعمال لبيكاسو بأسعار مخفضة يمكن أن يصابوا بخيبة أمل.
ويبدو أن هذا ما يراه رئيس دار “كريستيز” في الولايات المتحدة مارك بورتر أيضا الذي أوضح “لم نر بعد أشخاصا يحتاجون إلى زيادة أموالهم بشكل فوري” من خلال عرض مقتنيات قيّمة.
ويعتقد بيبيات أن تفشي الوباء قد يصيب أجزاء مختلفة من السوق بشكل أكثر حدة.