"دور – دور" حب من نوافذ السيارات في إيران

 الطريقة التي يجوب بها الشباب شوارع المدينة للحصول على رقم هاتف أو حتى للمغازلة، تعد أحد السبل الكثيرة المستخدمة في طهران للتعارف بين الجنسين.
الاثنين 2025/04/14
حب رغم المحظورات

غالبا ما تتعرض المواعدة بين الجنسين لتقلبات عاطفية بشكل عام، وتزيدها تعقيدا صعوبة العثور على شخص مناسب لإقامة علاقة سوية معه، بالإضافة إلى متطلبات الحياة العصرية بكل ضغوطها. في حالة إيران المحافظة دينيا، يصبح التوصل إلى شريك عاطفي مناسب أكثر صعوبة بشكل خاص.

طهران - بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن الحب في إيران، عليهم أن يحطموا من آن إلى آخر القواعد التي تحكم المجتمع وأيضا تحمل المخاطرة، وعلى سبيل المثال تتذكر سحر (35 عاما) الفترة التي كانت النساء تخاف خلالها من كل شيء، من حراس الأخلاق ومن تعليمات أسرهن.

وتقول سحر “في مرحلة لاحقة حدث تغير ما.” وتضيف سحر أن في حالة رغبة أي شخص في التعرف على شريك في إيران، فعليه أن يتحلى بشيء أكثر من مجرد الشجاعة، أي أن يضع خطة لتنفيذ هذه الرغبة.

وتبدو ملامح من هذه الخطة وسط شوارع طهران المزدحمة، حيث يفتح قائدو السيارات من الجنسين النوافذ ليتبادلوا أرقام الهواتف خفية، ويتم تبادل النظرات قبل الانطلاق بالسيارات.

وهذه الطريقة التي يجوب بها الشباب شوارع المدينة بالسيارات، والتي يطلق عليها اسم “دور – دور” للحصول على رقم هاتف أو حتى للمغازلة، تعد أحد السبل الكثيرة المستخدمة في طهران للتعارف بين الجنسين.

ومن بين وسائل التعارف الأخرى المقابلات في المقاهي العصرية، والتي تعد بشكل غير ظاهر أماكن لتبادل تفاصيل بيانات الراغبين في التعارف، ومن ناحية أخرى فإنه برغم حظر تطبيقات المواعدة الإلكترونية، يصبح التحايل لفك شفرة هذا الحظر على الإنترنت من أمور الحياة اليومية للكثيرين في إيران.

pp

وأصبح لسحر حياة مهنية كمديرة تسويق وصار لها دخل خاص بها، غير أن العثور على الحب لا يزال يمثل تحديا لها. وعندما فكرت في استخدام أحد تطبيقات المواعدة الشهيرة، شعرت بأنها تواجه كارثة، وتقول إن بعض هذه التطبيقات ليست للمواعدة على الإطلاق ولكنها مخصصة للجنس فقط.

ولكنها تريد الدخول في علاقة حقيقية صادقة، وتشير إلى أن “كل شيء أصبح سطحيا للغاية”، ولكن من ناحية أخرى أصبحت المواعدة، تعني بالنسبة لأشخاص كثيرين شيئا آخر وهو الحصول على الأمن المالي.

وتوضح سحر أن “العرف الاجتماعي كان يتمثل دائما في أن يكون الرجل أفضل من المرأة من الناحية المالية، ولكن النساء أصبحن حاليا يعملن بوظائف مختلفة ويمتلكن سيارت خاصة، ويستطعن تأجير شقق خاصة بهن، ومع ذلك لا يزال ذلك العرف سائدا، ورغم النجاح الذي حققته النساء لا تزال كثيرات منهن يتطلعن إلى العثور على شريك أكثر ثراء منهن”، وتؤكد سحر أن هذه الظاهرة جعلت المواعدة مسألة معقدة.

أما في الأوساط التقليدية فلا تزال الأمور تحكمها الأعراف، بمعنى إذا كان الشريكان يريدان العيش معا فعليهما بالزواج، وهنا تقوم أسرة الرجل بزيارة أسرة الفتاة حيث يتم احتساء الشاي ومناقشة التفاصيل، وهنا لا يمثل الحب ضرورة لإتمام الزواج فالمهم هو التناغم بين الأسرتين.

ولكن الأمور في الأوساط غير التقليدية تختلف، فالتطورات تغير المفاهيم على الدوام، وأصبح المزيد من الشركاء يعيشون معا في رابط يعرف باسم “الزواج الأبيض” الذي يتم بدون عقد رسمي، ورغم أنه محظور من الناحية الرسمية فإنه آخذ في الانتشار في المدن الكبرى.

وتعلق سحر على هذه الرابطة الجديدة قائلة “أمي ترى أن الزواج الأبيض يشبه الحال الشائع في كل مكان في العالم اليوم”، ولكن أباها من ناحية أخرى يرى أنه يمثل كارثة.

تؤكد الإحصائيات، التي يوجد القليل منها حول الموضوع، هذا الاتجاه، وفي العاصمة طهران على سبيل المثال ينتهي الحال بالطلاق في نصف حالات الزواج، وبالإضافة إلى التفسيرات التي ترجع زيادة حالات الطلاق إلى المشكلات المالية والاجتماعية، يكون لتغيرات الاتجاهات الاجتماعية دور أيضا.

oio

ومن هنا يتم النظر إلى “الزواج الأبيض” بشكل متزايد على أنه بديل للزواج التقليدي، خاصة بسبب التكاليف المرتفعة للزواج وما يحمله من التزامات اجتماعية، ومع ذلك تتحمل النساء في الغالب النصيب الأكبر من عيوب ومساوئ الزواج الأبيض، حيث لا يكفل لهن الضمان الاجتماعي أو حقوقا قانونية في حالة الانفصال. ومع ذلك فإن رغم تقلص القيود الثقافية تتزايد المشاعر بعدم الأمان.

وتقول سحر “في دولة تحوم حول مستقبل شبابها التهديدات بالحرب ومشاعر عدم التيقن يعيش الكثيرون فيها وسط حالة من الخوف الدائم”، مشيرة إلى الافتقار إلى الآمال والتطلعات نحو مستقبل أفضل، إلى جانب انفجار أسعار إيجارات المساكن، واعتماد الشباب ماليا على آبائهم، مما يعني بالنسبة لكثيرين أن الحلم بالسكن في شقة مشتركة أو تكوين أسرة خاصة بهم لا يزال بعيد المنال.

وكنتيجة لذلك كله يصبح المزيد من العلاقات معرضا للزوال والتفكك والتشظى، وتقول سحر إن “الكثير من العلاقات ينتهي بها الحال لأن تتحول إلى لقاءات قصيرة المدى ومحدودة.”

ينتاب سحر أيضا هذا الشعور عندما تخطط لمستقبلها، وتضيف “أنت تفقد الرغبة والثقة في إمكانية بدء تكوين أسرة.”

وتتوقف سحر في لحظة تفكر وتتابع “إنهم يقولون إن الفهد الآسيوي مهدد أيضا بالانقراض، لأنه لم يعد يتكاثر وسط الظروف البيئية السيئة، وهذا بالضبط ما ينطبق علينا في إيران، حيث أننا لا نعيش في الوقت المناسب لبناء حياة جديدة.”

18