دور الأزياء تنتف ريش الطيور لسترات شتوية فاخرة

أغلب ماركات الأزياء توفر في تشكيلاتها سترات شتوية محشوة بريش الحيوانات رغم تنديد نشطاء بعدم نتف هذه الطيور المائية حية وعدم تغذيتها قسرا.
الخميس 2022/03/24
أناقة البط العاري

مع احتجاجات جمعيات الرفق بالحيوان وناشطو البيئة تراجعت دور الأزياء عن استعمل فرو الحيوانات لصناعة الملابس الفارهة وباهظة الثمن، لكنها بالمقابل مازالت تنتف ريش الطيور لتقديمها سترات شتوية فاخرة لزبائن يدفعون دون حساب.

باريس- رغم تسابق دور الأزياء للاستغناء عن الفراء الطبيعي، لا تزال تعتمد الزغب (أو ريش الحيوانات) في عروض السترات الشتوية المنتفخة، ومع أن الحشوة الاصطناعية هي الغالبة في هذا النوع من الملابس المهمة في فصل البرد والأمطار، فإن البدائل تشهد ازدهاراً.

ومن أبرز ما يميز الريش أنه خفيف وعازل وله مفعول النفخ، وتشير تقديرات المتخصصين في القطاع إلى أن لذلك الذي يعود مصدره إلى الإوز والبط خصائص لا مثيل لها مقارنة بالمواد المشتقة من البترول التي لا تزال تستخدم في أكثر من 80 في المئة من الأغطية والسترات الشتوية الواقية من البرد في العالم.

وباتت معظم ماركات الأزياء والملابس اليومية توفر في تشكيلاتها سترات شتوية محشوة بريش الحيوانات رغم تكلفتها المرتفعة، وهي تباع بما بين 60 و70 يورو في متاجر مثل “أيتش أند أم” و”زارا”، وقد يصل سعرها إلى الآلاف من اليوروهات لدى “مونكلير” و”لوي فويتون”.

منظمات تعمل على إنقاذ البط من القسوة التي تفرضها الصناعة

وشرح المسؤول عن التنمية المستدامة لدى “ذي نورث فايس” المعروفة بملابسها المرتبطة بالرياضة في الطبيعة جوليان لينغز أن “عدد الزبائن الذين يجعلون من الاستدامة عاملاً رئيسياً في قرار شرائهم إلى تزايد”.

وأضاف “بما أن مصادر الريش طبيعية، فإن المستخرج منه بطريقة مسؤولة يشكل خياراً جيداً للاستخدام جنباً إلى جنب مع المواد الاصطناعية”.

وتلقت “ذي نورث فايس” في العام 2014 بلاغاً عن “مخاطر إساءة معاملة الحيوانات ضمن سلسلة التموين الغذائي” التي تحصل منها على الريش، فبادرت بالتعاون مع جمعية “تسكستايل إكستشاينج” غير الحكومية وهيئة الإفادات، إلى اتخاذ إجراءات تضمن عدم نتف هذه الطيور المائية حية وعدم تغذيتها قسراً.

وأكدت جمعية “تسكستايل إكستشاينج” أن المعايير التي طُبّقت “حمت 636 طيراً في العام 2020 في كل أنحاء العالم”.

وأفادت هيئة “داون باس” التي تشكل هي الأخرى مرجعاً للمعايير في هذا القطاع إلى التصريح باستخدام أكثر من 5700 طن من الريش في العام نفسه، ضمن سوق عالمية يقدّر حجمه بنحو 180 ألف طن (كل الاستخدامات مجتمعة) وتسيطر عليها الصين.

وأشار المختبر المستقل “آي دي أف أل” إلى أن أقل من1 في المئة من الطيور المائية في العالم – التي تُربى أساساً من أجل لحومها – لا تزال تخضع للنتف الحي، في الصين وأوروبا الشرقية.

أما الريش المعاد تدويره فيتسم بقدر أكبر من المسؤولية البيئية من الريش نفسه. فشركة “يونيكلو” العملاقة المعروفة بالسترات فائقة الخفة التي تُلبس تحت المعطف، أطلقت فكرة “إشراك” الزبائن في عملية التدوير، من خلال دعوتهم إلى أن يعيدوا إلى المتاجر السترات التي لم يعودوا يرتدونها. واستردت الشركة نحو 830 ألف سترة من الريش منذ العام 2019 وأعيد استخدامها في تشكيلات جديدة.

وأطلقت دار “مونكلر” الراقية المتخصصة في صناعة السترات الشتوية برنامجاً لإعادة التدوير أيضاً في منتصف العام 2021، وأعلنت في يناير التخلي عن استخدام الفراء مثل الكثير من دور الأزياء، لكنها لا تنوي الاستغناء عن الريش.

أقل من1 في المئة من الطيور المائية في العالم – التي تُربى أساساً من أجل لحومها – لا تزال تخضع للنتف الحي، في الصين وأوروبا الشرقية

وثمة أيضاً بدائل أخرى مدهشة، فشركة “أيتش أند أم” العملاقة للملابس وفّرت سترات مصنوعة من ريش الوسائد المعاد تدويره، وابتكرت سترة بحشوة نباتية “وافقت عليها” منظمة حقوق الحيوان “بيتا”، وتحتوي على زهور برية، وتباع بـ249 يورو.

وفي أجواء أقل ريفية لكنها لا تقلّ مراعاةً للبيئة أيضا، بادرت شركة” تشاو ميغو” الناشئة والبيئية تماماَ إلى إزالة ملوثات أعقاب السجائر “من دون ماء أو مستحضرات سامة” لتصنع منها مادة عازلة أو لصناعة الملابس. إذ تستخدم على سبيل المثال 4500 من أعقاب السجائر لصنع سترة شتوية.

وسواء تمت إعادة تدوير الريش أم لا، من غير الوارد استخدام الريش الحيواني لصناعة السترات الشتوية للماركة التجارية الإيطالية “سايف ذي داك” (إنقاذ البط) التي تسعى قبل كل شيء الحفاظ على البط “من القسوة التي تفرضها الصناعة”، حسبما قال مدير الشركة نيكولا بارجي.

وأضاف أن “الشّركة باعت في غضون عشر سنوات خمسة ملايين سترة وأنقذت تالياً أكثر من 20 مليون طائر مائي”، إلا أنه يستخدم “المزيد والمزيد من الحشو المستخرج من إعادة تدوير الزجاجات البلاستيكية” للحدّ من التأثير البيئي للمواد الاصطناعية.

20