دواء شائع لالتهاب المفاصل يقدم أملا جديدا لمرضى الثعلبة

يواجه مرضى داء الثعلبة حرجا وحزنا كبيرين نظرا لما يسببه لهم هذا المرض الذي من أهم أعراضه فقدان الشعر وتساقطه المفاجئ من فقدان الثقة في النفس. ويرى الخبراء أنه بإمكانهم مساعدتهم والتخفيف عنهم وذلك باكتشافهم لما يفعله عقار التهاب المفاصل “براسيتينيب” الذي يخفف الاستجابة المناعية لدى بعض المرضى، ما يسمح لبصيلات الشعر بالبدء في النمو مرة أخرى.
واشنطن – يشترك التهاب المفاصل الروماتويدي والشكل الحاد من تساقط الشعر المسمى داء الثعلبة في الكثير، رغم أن أحدهما يتسبب في آلام المفاصل بينما يؤدي الآخر إلى تساقط الشعر.
وفي كلتا الحالتين قرر الجهاز المناعي أن خلايا الجسم تشكل تهديدا، ففي حالة الثعلبة يؤدي هذا إلى مهاجمة الجهاز المناعي لبصيلات الشعر، بينما في التهاب المفاصل يهاجم الأنسجة في المفاصل.
وأظهرت دراسة جديدة للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية أن علاجات هاتين الحالتين يمكن أن تكون متشابهة، حيث يعالج عقار التهاب المفاصل المسمى “باريسيتينيب” بفعالية داء الثعلبة في ثلث المرضى.
وهذه ليست رصاصة فضية لأولئك الذين يعانون من داء الثعلبة، وفق ما يؤكده العلماء، ولكنه تطور طبي مثير يأملون أن يكون متاحا قريبا للمرضى كخيار علاجي.
دراسة جديدة للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية أظهرت أن علاجات الحالتين يمكن أن تكون متشابهة
وقال بريت كينغ الباحث في الأمراض الجلدية بجامعة ييل إن داء الثعلبة هو رحلة مجنونة تتسم بالفوضى والارتباك والحزن العميق للكثيرين ممن يعانون منها، مشيرا إلى أن التجارب الكبيرة الخاضعة للرقابة تخبره أنه يمكن تخفيف بعض المعاناة من هذا المرض الرهيب. ويرجع سبب نجاح ذلك إلى وجود بروتين يسمى “جانيوش كينايز” أو “جي.أي.كي.إس”. وهذه الإنزيمات هي جزء من مسار إشارات يسمى جي.أي.كي ـ ستات، والذي يشارك في العديد من المجالات، بما في ذلك الجهاز المناعي.
كما أن مثبطات “جي.أي.كي” مثل “براسيتينيب” قادرة على تخفيف هذه الاستجابة المناعية لدى بعض المرضى، ما يسمح لبصيلات الشعر بالبدء في النمو مرة أخرى.
وكانت التجارب مزدوجة التعمية، عشوائية، خاضعة للتحكم، ما يجعلها المعيار الذهبي لتحليل كيفية عمل “براسيتينيب” لمن يعانون من الثعلبة الشديدة.
وقسم الباحثون 1200 مريض إلى ثلاث مجموعات. وتم إعطاء المشاركين إما دواء وهميا، أو 2 ملليغرام من “براسيتينيب” أو 4 ملليغرام منه على امتداد 36 أسبوعا. وأولئك الذين حصلوا على 4 ملليغرام من “براسيتينيب” لديهم نتائج أكثر دراماتيكية، مع أكثر من ثلث في المئة من هؤلاء المرضى يشهدون نمو شعر كبير.
واستخدمت التجربة شيئا يسمى أداة شدة الثعلبة (سالت) لتكون قادرة على تقييم فعالية الدواء. وتتراوح النتيجة من 0 (لا يوجد تساقط للشعر) إلى 100 (تساقط كامل لشعر فروة الرأس).
وفي بداية التجربة حصل جميع المشاركين على درجة (سالت) تزيد عن 50، وبحلول نهاية التجربة حصل حوالي 35 في المئة من المرضى الذين عولجوا على 4 ملليغرام من “براسيتينيب” ، على 20 درجة أو أقل، وهي نتيجة مثيرة. وحوالي 20 في المئة من المرضى الذين تناولوا 2 ملليغرام من “براسيتينيب” انتهى بهم الأمر بدرجة 20 أو أقل.
وكتب الفريق في دراستهم “كانت النتيجة الأولية هي الحصول على درجة (سالت) بمقدار 20 أو أقل في الأسبوع 36. وتم تحديد درجة (سالت) البالغة 20 أو أقل على أنها نتيجة علاجية ذات مغزى للمرضى الذين يعانون من داء الثعلبة الحاد”.
لكن، لم يكن هذا العلاج خاليا من الآثار الجانبية لجميع المرضى، حيث أبلغ الباحثون عن مجموعة من الأعراض في مجموعات الاختبار مقارنة بالضوابط، بما في ذلك حب الشباب والتهابات الجهاز التنفسي العلوي والصداع والتهابات المسالك البولية ومستويات الكوليسترول المرتفعة.
وبالإضافة إلى ذلك، نظرا لقدرة الدواء على تعطيل جهاز المناعة، يمكنه أيضا تقليل قدرات الجهاز المناعي للدفاع عن الجسم من التهديدات الفعلية، مع زيادة العدوى التي شوهدت سابقا لدى أولئك الذين يستخدمون العقار لعلاج التهاب المفاصل.
الباحثون يؤكدون أن المزيد من الأبحاث جارية حاليا لتأكيد السلامة والفعالية على المدى الطويل، ولكن هذه نتيجة مثيرة
ومع وضع ذلك في الاعتبار، وعلى الرغم من ذلك، انسحب عدد قليل جدا من المشاركين في التجربة الجديدة بسبب الآثار الجانبية، ما يشير إلى أنه يمكن تحملها بشكل عام.
ويؤكد الباحثون أن المزيد من الأبحاث جارية حاليا لتأكيد السلامة والفعالية على المدى الطويل، ولكن هذه نتيجة مثيرة.
ومع الانتهاء الآن من نتائج المرحلة الثالثة من هذه التجربة، والنتائج تبدو واعدة، يمكن أن نشهد قريبا تجديد تسويق هذا الدواء لعلاج تساقط الشعر الشديد أيضا.
والثعلبة باسمها الطبي أو السعفة (الاسم الشائع بين العامة) هي مرض من أهم أعراضه أنه يسبب فقدان الشعر وتساقطه المفاجئ في المنطقة المصابة سواء في شعر رأس المصاب أو حاجبيه أو الرموش أو اللحية أو في أجزاء فيها شعر من الجسم وذلك في مدة قصيرة، حيث في حال مثلا كانت الثعلبة في الشعر في منطقة الرأس فإنه سوف تظهر مناطق صلعاء دائرية أو بيضاوية الشكل على أرض الرأس فارغة من الشعر، ومن الممكن أن تتسع مع الزمن ويزيد عددها في مناطق أخرى من الشعر وشعر باقي أنحاء الجسم أيضا.
وغالبا تظهر الثعلبة لدى الرجال أكثر من النساء، عند الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما، ولكن جميع الأعمار مرجح أن تصاب به. ويرتبط مرض الثعلبة في الشعر بالجهاز المناعي للجلد، والذي يسمى علميا المناعة الذاتية، ولكن السبب الدقيق غير معروف. ويعتقد غالبا أن الضغط النفسي هو الذي يبدأ مرض الثعلبة ويحرضه.