دمار الحرب يطال متاحف الخرطوم

الخرطوم ـ مع استمرار الاشتباكات المسلحة بالعاصمة السودانية الخرطوم يخشي مثقفون ومهتمون بالتراث أن يطال الدمار والنهب متاحف سودانية تقع وسط الخرطوم، وهي أكثر المناطق اشتعالا.
وفي محيط المعارك الدائرة بوسط الخرطوم يقع متحف السودان للتاريخ الطبيعي الكائن بشارع الجامعة، في المنطقة المتاخمة لجامعة الخرطوم، فيما يقع متحف السودان القومي علي شارع النيل بالخرطوم.
ويحتوي المتحف على حيوانات حية لمختلف أنواع الزواحف والطيور والقرود التي تمثل أهمية بالغة للدراسات العلمية بكلية العلوم بجامعة الخرطوم، وطلاب الدراسات العليا والباحثين.
وتدور معارك طاحنة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالقرب من المتحفين مما يثير المخاوف من فقدان السودان لكنوز أثرية نادرة.
المتحف يحتوي على حيوانات حية لمختلف أنواع الزواحف والطيور والقرود التي تمثل أهمية بالغة للدراسات العلمية
وقالت مديرة متحف السودان للتاريخ الطبيعي سارة سعيد إن المتحف يضم عددا كبيرا من الحيوانات، بينها أنواع ربما اختفت أو انقرضت في بيئاتها الطبيعية بسبب تدهور البيئة وتغيّر المناخ. كما يضمّ المتحف عينات نادرة لأعشاب، وبذورا لنباتات ذات أهمية قصوى طبيا واقتصاديا، وعينات جيولوجية لحفريات نباتية وحيوانية، مع أنواع الصخور المختلفة، بالإضافة إلى عينات مرجعية ضخمة ومتنوعة لأنواع مختلفة من الحيوانات التي تمثل أهم مكون لأيّ متحف طبيعي في العالم.
وأضافت “لقد ماتت الحيوانات البرية الحية بمتحف التاريخ الطبيعي موتا بطيئا، جوعا وعطشا”. وتابعت “آخر إمداد وعناية بهذه الحيوانات النادرة كان يوم الجمعة 14 أبريل، قبل بداية الحرب مباشرة”.
وأضافت “تواصلنا مع كل الجهات، ولكن لم يستطع أحد الوصول إلى المتحف خشية على حياتهم من نيران الاشتباكات”.
وحذرت من فقدان السودان لحيوانات المتحف الحية وبها بعض الحيوانات التي يندر وجودها في بيئتها الطبيعية. وقالت “خسرنا أعدادا كبيرة من الثعابين والعقارب السامة التي تم جمعها بصعوبة بالغة في مشروع مشترك مع مركز أبحاث الكائنات السامة لتوطين إنتاج الأمصال بالسودان”. وزادت “خسرنا حيوانات وزواحف كانت مهمة جدا للأبحاث بكلية العلوم وللتعليم عموما لمختلف الفئات”.
ويضم المتحف عددا كبيرا من الحيوانات، كما يضم عينات نادرة لأعشاب، وبذور لنباتات ذات أهمية اقتصادية.

ويعتبر متحف السودان للتاريخ الطبيعي أحد مكونات كلية العلوم بجامعة الخرطوم، وتم افتتاحه في العام 1958.
ويواجه متحف السودان القومي الواقع على شارع النيل بقلب العاصمة السودانية الخرطوم مصيرا مجهولا، إذ تدور معارك عنيفة في محيط المتحف.
وقال الباحث في التراث السوداني عبدالله شيخ إدريس “هناك معارك عنيفة بالقرب من المتحف، وهناك روايات غير مؤكدة عن تضرر مبني المتحف”.
وأضاف “من الصعوبة بمكان الوصول إلى شارع النيل أو مبني المتحف، أو تفقد المقتنيات الثمينة المعرّضة للسرقة والنهب”.
وتابع “هناك تقارير غير مؤكدة عن رؤية تماثيل ومقتنيات ثمينة في أيدي لصوص، هذه التقارير مقلقة، ونأمل أن تتحرك السلطات لحماية المتحف واستعادة المسروقات”.
والخسارة الفادحة لا تقتصر على المتحف أو السودان فحسب، إنما تتعدى ذلك بكثير باعتبارها تراثا علميا، خاصة السلالات المهددة بالانقراض والاختفاء الأبدي.
ويعد متحف السودان القومي أكبر المتاحف بالسودان، ويقع على مقربة من النيلين الأزرق والأبيض بالخرطوم، وتم افتتاحه عام 1971.
ويحتوي متحف السودان القومي على مقتنيات أثرية من مختلف أنحاء السودان، يمتد تاريخها إلى عصور ما قبل التاريخ، وحتى فترة الممالك النوبية.
وتشتمل الصالات الداخلية للمتحف على العديد من المقتنيات الحجرية، والجلدية، والبرونزية والذهبية، والحديدية، والخشبية، وغيرها في شكل منحوتات وآنية، وأدوات زينة وصور حائطية وأسلحة وغيرها.
أما فناء المتحف وحديقته فعبارة عن متحف مفتوح، يشتمل على العديد من المعابد والمدافن والنصب التذكارية، والتماثيل بأحجام مختلفة، والتي كان قد جرى إنقاذها قبل أن تغمر مياه السد العالي مناطق وجودها وتمت إعادة تركيبها حول حوض مائي يمثل نهر النيل، حتى تبدو وكأنها في موقعها الأصلي، وأهمها معابد “سمنه شرق” و”سمنه غرب” و”بوهين”، كما تشتمل على مقبرة الأمير “حجو تو حتب” وأعمدة كاتدرائية فرس.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل الماضي اشتباكات دامية بين أكبر قوتين عسكريتين في السودان، وهما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأدى القتال إلى نزوح ولجوء الآلاف من السودانيين إلى مناطق آمنة بالسودان وإلى دول الجوار ومنها مصر وإثيوبيا وتشاد، وفقا لإحصاءات أممية.
وأسفرت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن مقتل 550 شخصا وإصابة نحو 5 آلاف بجروح، وفقا لآخر إحصائية لوزارة الصحة السودانية.