دلتا النيجر غنية بالموارد لكن الدمار البيئي يفقِّر الناس

أبوجا - منطقة دلتا النيجر في نيجيريا غنية بالموارد الطبيعية. وتشكل احتياطاتها الهائلة من النفط والغاز الدعامة الأساسية لاقتصاد البلاد. وتتميز المنطقة، الواقعة في أقصى جنوب البلاد، بالجزر الساحلية العازلة وأشجار المانجروف وغابات مستنقعات المياه العذبة والغابات المطيرة المنخفضة. ويوفر الساحل طرقا مختلفة لكسب العيش، مثل صيد الأسماك والسياحة وإنتاج الملح وزراعة جوز الهند والموز.
وجاء في تقرير نشر على موقع ذو كونفرسايشن أنه مع ذلك تشير التقديرات إلى أن أكثر من 47 في المئة من سكان المنطقة يعيشون تحت خط الفقر. ويرى محللون علاقة وطيدة بين تدمير النظم البيئية الساحلية في هذه المنطقة والصعوبات الاقتصادية التي يواجهها الناس.
ويضيف المحللون أن النظم البيئية البحرية تأثرت كثيرا بعدد من العوامل، بما في ذلك تزايد عدد السكان والتلوث والإفراط في صيد الأسماك وتقنيات الصيد الضارة والاحتباس الحراري. ويؤثر تدهور البيئة على الفقراء أكثر من غيرهم لأنهم يعتمدون على الموارد الطبيعية مثل المأكولات البحرية والخشب من أجل البقاء. ولا يكسبون ما يكفي للانتقال من المناطق الملوثة.
وفي الفترة الممتدة بين عامي 1976 و2006 حدث ما لا يقل عن 7000 تسرب نفطي في المنطقة، مما أثر على مساحة تزيد عن 2500 كيلومتر مربع. وقد أسهمت الانسكابات النفطية في تلويث التربة والمياه والهواء، وكان لها تأثير مدمر على الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة. وسبب تدمير النظام البيئي مشاكل بيئية مثل الفيضانات وتآكل التربة، مما أدى إلى تدمير المنازل والمحاصيل، واتسعت دائرة الفقر. كما أدى عدم وجود نظام بيئي صحي إلى حدوث مشاكل صحية لسكان المنطقة.
ويتم حرق أكثر من 2.5 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي يوميا في دلتا النيجر. وتتسبب هذه العملية في إطلاق غازات دفيئة وملوثات أخرى في الغلاف الجوي، كما تهدر موردًا قيمًا يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء أو تدفئة المنازل.
وعادة ما تُفقَد أشجار المانجروف بسبب تلوث المياه. وبالنسبة إلى المجتمعات المحلية تشكل غابات المانجروف مصدرا هاما للغذاء والدخل، وقد أدى فقدانها إلى انخفاض المخزون السمكي والموارد البحرية الأخرى. وقد أسهم ذلك في الإضرار بسبل عيش الصيادين وزيادة أسعار الأسماك في الأسواق المحلية.
وتشمل العواقب البيئية لتدمير أشجار المانجروف التآكل وزيادة التعرض للعواصف والفيضانات. وتكثر الموارد الطبيعية، مثل التربة الغنية بالمغذيات والمياه والأشجار والوقود الأحفوري، في النظم البيئية البحرية. إلا أن الإفراط في استغلال هذه الموارد، من خلال التعدين وقطع الأشجار والتنقيب عن النفط، له تأثير سلبي.
وترتبت على تدمير النظام البيئي في دلتا النيجر دورة من الفقر؛ حيث أجبرت زيادة عقم التربة وتناقص الإنتاج الزراعي المزارعين على الانتقال أو البحث عن مصادر عيش غير مشروعة. وقد أدى تدهور مناطق الصيد التقليدية إلى تفاقم الجوع والفقر في مجتمعات الصيد. ويحذر خبراء البيئة من أن تأثير التدهور البيئي سوف يزداد إذا لم يتم القيام بأي شيء لحماية النظم البيئية.
◙ 47 في المئة من سكان منطقة دلتا النيجر الغنية بالموارد يعيشون تحت خط الفقر
ولتفادي ذلك يقترح الخبراء تنظيم الأنشطة البشرية إذ ينبغي مراقبة الصيد والقنص في المنطقة لمنع استنزاف الأسماك والحياة البرية. وينبغي أيضًا تنظيم الأنشطة الصناعية، مثل التنقيب عن النفط وشحنه، لمنع المزيد من تلوث الهواء والماء والتربة.
كما يؤكدون على وجوب معالجة ملف النظم البيئية المتدهورة. ويمكن إعادة زراعة غابات المانجروف في المناطق التي دمرت فيها وبناء قدرة المجتمعات المحلية على إدارة مواردها الطبيعية، إلى جانب إنشاء مناطق بحرية محمية مما يساعد في الحفاظ على الحياة البحرية وضمان استمرار المجتمعات الساحلية في الاستفادة من الموارد التي تعتمد عليها.
ويوصي الخبراء أيضا باتخاذ خطوات لمعالجة الأسباب الجذرية للفقر وعدم المساواة. وتتمثل أولى هذه الخطوات في توفير الوصول إلى التعليم الجيد والرعاية الصحية، إذ يمكن للتعليم أن يساعد على تعزيز الوعي بالقضايا البيئية ويوفر الفرص الاقتصادية، كما أن توفر الخدمات الاجتماعية يمكن أن يقلل من جاذبية الجماعات المتمردة التي تعد بفوائد اقتصادية واجتماعية.
أما الخطوة الثانية فتتمثل في معالجة مشكلة التهميش، إذ يمكن منح مجموعات مثل النساء والأقليات العرقية فرصًا متساوية للوصول إلى الموارد من خلال عملية صنع القرار الشاملة على المستوى المحلي ومستوى الولايات والمستوى الوطني. ويجب أن تستهدف برامج التنمية احتياجات هذه المجموعات. وأخيرا لا بد من بذل جهود متجددة لمعالجة مشكلة الصراع وانعدام الأمن في دلتا النيجر من خلال تعزيز الحكم وسيادة القانون.
ومن الممكن أن يؤدي تحسين الإدارة إلى دعم إنفاذ القوانين واللوائح البيئية، وهو ما يمكن أن يحمي النظم البيئية من المزيد من التدهور. وبالإضافة إلى ذلك، يمكنه حماية حقوق الأراضي وخلق بيئة أكثر استقرارًا وتوفر الفرص الاقتصادية.