دعوة إلى حلف فضول عالمي تنطلق من أرض الإمارات

منتدى تعزيز السلم يحمل رسالة إنسانية وسياسية إلى العالم تقوم على مبادئ تجمع بين الدين والروح الإنسانية وترفض التمركز حول ديانة معيّنة.
الجمعة 2018/12/07
رسالة إنسانية وسياسية إلى العالم

أبوظبي - للعام الخامس على التوالي يواصل منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة جهوده من الإمارات العربية المتحدة من أجل تعايش أكثر إنسانية في قرية عالمية مليئة بالتحديات على أصعدة مختلفة. هذا العام شارك أزيد من 800 شخصية من جميع أنحاء العالم، علماء ورجال دين ينتمون إلى الديانات الثلاث ومفكرين وباحثين وساسة، في مدينة أبوظبي في ملتقى حمل عنوان “حلف الفضول: فرصة للسلم العالمي”.

عنوان الملتقى حمل رسالة إنسانية وسياسية إلى العالم بأسره، خصوصا القوى الكبرى ذات النفوذ في النظام العالمي الراهن، مفادها التأسيس على تجربة عربية رائدة شكّلت نموذجا فريدا في الدفاع عن حقوق الإنسان مهما كان دينه أو لونه أو لغته، هي تجربة حلف الفضول في الجزيرة العربية قبل مجيء الإسلام، عندما تداعت القبائل العربية في الجاهلية إلى تشكيل حلف بينها للدفاع عن المظلومين ومناصرة أصحاب الحق ممن يتعرضون للحيف على يد القويّ.

ولعل في اختيار حلف الفضول دون غيره، حتى في ظل وجود تجربة إسلامية هي صحيفة المدينة التي شكّلت مثالا للتعايش بين الأديان الثلاثة في يثرب بعد البعثة، أن حلف الفضول لم يكن له لون ديني معيّن، بل كان ذا تطلع إنساني شامل ومحايد، وهو ما جعل نبي الإسلام يقول “لو دعيت به في الإسلام لأجبت”، ما يعني أن ما هو ديني يلتقي مع ما هو إنساني في الأهداف والمقاصد. وهي رسالة هامة في هذا الوقت تؤكد بأن المبادرة الصادرة من الإمارات تنطلق من مبادئ تجمع بين الدين والروح الإنسانية وترفض التمركز حول ديانة معيّنة.

وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أكد في كلمته الافتتاحية للملتقى أن الإمارات لديها نهج راسخ قائم على ترسيخ قيم التسامح والسلم والتعايش بين الشعوب وتعزيز الحوار بين الأديان بما يحقق الخير للبشرية جمعاء.

وتزامن هذا الملتقى مع تسليم “جائزة الحسن الدولية للسلم” لعام 2018 في دورتها الرابعة لكل من أسياس أفورقي رئيس إريتريا وأبي بكر أحمد رئيس جمهورية إثيوبيا، سلمها الشيخ عبدالله بن زايد، كمبادرة لدعم تصالح الشعوب وتجاوب مع هدف الملتقى.

ومنذ انطلاق المنتدى عام 2014 حرص على أن تكون الملتقيات التي يعقدها خاضعة لفلسفة منسجمة أساسها الدعوة بالتي هي أحسن ومحاولة إسماع صوت دعاة السلام ونبذ العنف، ولم يكن مفاجئا أن ينعقد اللقاء الخامس بتزامن مع الذكرى السابعة والأربعين واحتفال شعب الإمارات بعام زايد، فقد أجمع الحاضرون على أن مؤسس الإمارات الحديثة، الشيخ زايد، كان طرازا نادرا من رجال السياسة العرب الذين عملوا بجهد من أجل سلام دائم بين أتباع الديانات المختلفة، وترك وراءه رصيدا تاريخيا مهما تدين له به الإمارات والعالم العربي.

الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس “مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي” ورئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ألح في كلمته على البعد التشاركي بين الشعوب في بناء السلام ومحاربة كل أشكال العنف داخل الديانات والثقافات، وضرورة القطع مع “المنظور الصدامي الذي يركز على الخصوصيات ويلغي دوائر المشترك بين بني البشر”. وقال إن العالم يعيش اليوم أوضاعا استثنائية تفرض عملا استعجاليا يرمي إلى “إطفاء الحريق المشتعل”.

وعن دواعي اختيار حلف الفضول محورا للملتقى قال الشيخ بن بيه إن هذا الاختيار يهدف إلى تفعيل إعلان واشنطن الذي عقد في مطلع فبراير من العام الجاري، وذلك في أفق “تعميق الحفر المعرفي في شروط إمكان حلف الفضول الجديد بين الأديان، ومدى راهنية التعاون الديني في سياق الواقع المعاصر المحكوم بمنطق مغاير، والمحتكم إلى المواثيق الدولية الجديدة”.

13