دعم إيطالي بريطاني لمساعدة تونس في التصدي للهجرة غير النظامية

ميلوني وسوناك يتفقان على تمويل مشروع لمساعدة المهاجرين في تونس على العودة إلى أوطانهم، بعد تعثر تنفيذ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي.
الأحد 2023/12/17
عمل مشترك للتصدي للهجرة غير النظامية رغم الانتقادات

روما - اتفق رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال اجتماع بروما السبت على تمويل مشروع لمساعدة المهاجرين في تونس على العودة إلى أوطانهم، دون تحديد حجم المبلغ المرصود للغرض، وذلك بعد تعثر تنفيذ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلد الشمال الأفريقي والاتحاد الأوروبي.

وطلبت تونس من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الحصول على دعم لجهودها في تنفيذ برنامج العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية، وتنفيذ خطط لتجاوز أزمة ملف المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء.

ولا تزال السلطات التونسية تجد صعوبات جمة في معالجة ملف المهاجرين غير الشرعيين الذين تدفقوا بالآلاف على تونس، خاصة إلى مدينة صفاقس (وسط شرقي تونس) التي باتت إحدى أهم نقاط الانطلاق لموجات الهجرة نحو إيطاليا المجاورة إثر استقرار نحو 60 ألف مهاجر في أحياء المدينة.

وقالت رئاسة الوزراء البريطانية إنهما "التزما بالمشاركة في تمويل مشروع لتعزيز ومساعدة العودة الطوعية للمهاجرين من تونس إلى بلدانهم الأصلية".

وقال مكتب ميلوني إن ذلك يتماشى مع مشاريع الأمم المتحدة القائمة، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وتحوّل ملف الهجرة غير النظامية في تونس إلى ما يشبه كرة الثلج، كلما تدحرجت تضخمت أكثر، في ظل عجز السلطات عن اعتماد مقاربة شاملة تفضي إلى احتوائها.

ويسود اعتقاد تونسي، تتبناه جهات رسمية، بأن تونس تُركت بمفردها في مواجهة الأعداد الهائلة للمهاجرين غير النظاميين، وأنها تحولت إلى بؤرة أو بلد توطين بفعل عمليات منع الاجتياز التي التزمت للجانب الأوروبي بتنفيذها.

ويبدو أن هذا الاعتقاد دفع وزير الخارجية التونسي نبيل عمار إلى المطالبة بـ"تضامن أكبر وتعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية"، خلال زيارته إلى جنيف الاثنين الماضي.

وبحسب أرقام وزارة الداخلية التونسية، تمكنت تونس من منع اجتياز نحو 70 ألف مهاجر إلى إيطاليا خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2023، في حصيلة تتجاوز ضعف تلك المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي.

وهذا يعني أن تونس تستمر في تنفيذ ما عليها من التزامات وفق ما جاء في اتفاق الشراكة بالرغم من خلافها مع الأوروبيين بشأن تفاصيل الاتفاق ومراحل الالتزام به.

وأقرت المفوضية الأوروبية نهاية الشهر الماضي أن عدد المهاجرين الآتين من تونس إلى الاتحاد تراجع بنسبة 80 – 90 في المئة تقريبًا.

تونس تقوم بدورها في منع تدفق المهاجرين إلى أوروبا
تونس تقوم بدورها في منع تدفق المهاجرين إلى أوروبا

ووقعت تونس والاتحاد الأوروبي في منتصف يوليو الماضي مذكرة تفاهم لإرساء "شراكة استراتيجية وشاملة" في مجالات التنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة ومكافحة الهجرة غير النظامية.

وقامت الشراكة على عدة أهداف وخصوصا الحد من وصول المهاجرين من تونس إلى سواحل الاتحاد الأوروبي، وتنص على مساعدة بقيمة 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية، فضلا عن مساعدة مالية مباشرة بقيمة 150 مليون يورو للبلد الذي يواجه صعوبات اقتصادية.

لكن الرئيس التونسي قيس سعيّد أعلن في أكتوبر الماضي رفضه "صدقة" من الاتحاد الأوروبي وأعادت الحكومة التونسية، في خطوة غير مسبوقة، دعما ماليا بقيمة 60 مليون يورو كانت بروكسل قد دفعتها في إطار برنامج منفصل عن مذكرة التفاهم.

ولا تخفي تونس انزعاجها من تأخر الاتحاد الأوروبي في تحويل مذكرة التفاهم إلى اتفاق ملموس وسريع بهدف المساعدة على إنعاش الاقتصاد التونسي ودعم موازنة الدولة وتعزيز جهود مكافحة الهجرة غير النظامية.

ويبدو أن سوناك وميلوني قد وجدا في دعم المهاجرين في تونس ماليا للعودة إلى أوطانهم، حلا يحد من تدفق قوارب الهجرة غير النظامية، في ظل تعثر تنفيذ مذكرة التفاهم الموقعة بين المفوضية الأوروبية وتونس، والتي سبق أن طالبت ميلوني بتنفيذها بالكامل.

وتعد الهجرة موضوعا ذا أهمية كبيرة لدى روما ولندن. وقد واجه كلاهما انتقادات شديدة لسياساتهما، بدءا من خطط سوناك لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، وصولا إلى مساعي ميلوني للحد من أنشطة سفن الإنقاذ الخيرية في البحر الأبيض المتوسط.

وأقام سوناك وميلوني علاقة جيدة منذ توليهما منصبيهما في أكتوبر 2022. وشبه سوناك نظيرته الإيطالية برئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، قائلا إن هناك حاجة إلى بعض من "راديكالية" المرأة الحديدية لمعالجة الهجرة غير النظامية.

وأضاف "إذا لم نعالج هذه المشكلة، فإن الأعداد ستتزايد. وسوف تتدهور بلداننا وقدرتنا على مساعدة من هم في أمس الحاجة فعلا إلى مساعدتنا".

واتفق الجانبان في اجتماعهما على تكثيف الجهود لمكافحة مهربي البشر، لكن سوناك قال إن ردع الراغبين في الهجرة بشكل غير نظامي أمر أساسي أيضا.

وأشار رئيس الوزراء البريطاني إلى الاتفاق المبرم مع ألبانيا قبل عام، والذي يتيح ترحيل الألبان الذين يصلون إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة.

وأكد ريشي سوناك أنه منذ إبرام الاتفاق، انخفض عدد الألبان الذين يصلون إلى بلده بنسبة 90 بالمئة.

وفي الشهر الماضي، أبرمت جورجيا ميلوني أيضا اتفاقا تبني بموجبه ألبانيا مركزين لإيواء طالبي اللجوء الذين يعترضهم خفر السواحل الإيطالي في البحر.

وأثار الاتفاق انتقادات في كلا البلدين، ومنعت المحكمة الدستورية الألبانية مؤقتا تصديق المشرعين عليه.