دعاية حزب الله تسعى لمنع حرب أوسع مع إسرائيل

يبدو أن هجوم حزب الله كان فاشلا إلى حد كبير، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيشارك في ضربات لاحقة.
الجمعة 2024/08/30
الحزب في مأزق

بيروت - لمدة شهر تقريبا، انتظر الشرق الأوسط والمجتمع الدولي على أحر من الجمر رد حزب الله على اغتيال إسرائيل لقائده العسكري فؤاد شكر في بيروت في 31 يوليو.

وتحقق انتقامه الموعود في صباح 25 أغسطس. ويبدو أن هجوم حزب الله كان فاشلا إلى حد كبير، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيشارك في ضربات لاحقة.

ويقول ديفيد داود هو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في تقرير نشره المعهد الأطلسي إن ما فشلت صواريخ الجماعة في القيام به ستملأه أجهزة الدعاية التابعة لها، مما يعطي صورة لقاعدة حزب الله بأنه قادر على تصفية الحسابات مع الإسرائيليين.

ويشير داود إلى أن التأخير في انتقام حزب الله لشكر لم يكن ناجما عن ضعفه النسبي أمام إسرائيل أو خوفه من رد إسرائيل وحده.

وعندما بدأت الجماعة في مهاجمة إسرائيل في 8 أكتوبر 2023، كانت تنوي أن تصبح “جزءا كاملا من المعركة”، على حد تعبير الأمين العام حسن نصرالله، والتي اندلعت في اليوم السابق عندما هاجمت حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة جنوب إسرائيل، والتي أطلق عليها “طوفان الأقصى”.

وكان الغرض من “جبهة الدعم” هذه، التي حددها نصرالله بوضوح في 3 نوفمبر 2023، هو إثقال كاهل إسرائيل ــ عسكريا واقتصاديا واجتماعيا ــ بحرب على جبهتين لإبطاء حملتها في قطاع غزة وضمان “خروج المقاومة الفلسطينية في غزة، وحماس على وجه الخصوص، منتصرة”.

ما فشلت صواريخ الجماعة في القيام به بعد الهجوم الفاشل على إسرائيل تملأه أجهزة الدعاية التابعة لها

وبما أن حزب الله ملتزم بإنقاذ حلفائه في غزة، فإنه لا يريد حاليا حربا كاملة مع إسرائيل. والواقع أن الظروف التي قد يواجهها حزب الله وحلفاؤه الأوسع نطاقا في محور المقاومة الذي تقوده إيران ليست مثالية.

وفي الثامن من أكتوبر 2023، كما هي الحال الآن، كانت الجماعة مثقلة بعبء التعامل مع المشاكل الداخلية اللبنانية: اقتصاد وعملة انهارا قبل ما يقرب من خمس سنوات، وخفض الداعمين الخليجيين والغربيين للمساعدات، وفراغ رئاسي، والركود السياسي الناتج عن ذلك.

وكان تفاقم مشاكل لبنان بإثارة حرب مع إسرائيل من أجل فلسطين ــ مهما كانت القضية مهمة بالنسبة إلى اللبناني العادي ــ ينطوي على مخاطر رد فعل عنيف يفضل حزب الله تجنبه.

وسمح إطلاق حرب الاستنزاف الحالية للحزب بموازنة التزاماته تجاه محور المقاومة مع الاعتبارات اللبنانية المحلية. كما مكن الضغط الدولي والأميركي المتزايد على إسرائيل بشكل عام، ولكن بشكل خاص لعدم فتح جبهة لبنانية كاملة، حزب الله من السيطرة على وتيرة هذا الصراع وتعزيز حسن نيته في دعم فلسطين مع ضمان احتواء القتال.

ولكن حتى أفضل الخطط الموضوعة غالباً ما تفشل. ففي شهر أبريل اشتكى نائب نصرالله نعيم قاسم من أن حزب الله “لم يتوقع أن تستمر الحرب كل هذا الوقت”. ولكن بعد أن التزم بالقتال حتى توقف إسرائيل حملتها على غزة، لم يكن بوسع الحزب أن يتراجع من جانب واحد دون أن يبدو ضعيفاً.

إطلاق حرب الاستنزاف الحالية سمح للحزب بموازنة التزاماته تجاه محور المقاومة مع الاعتبارات اللبنانية المحلية

ومع تعثره واستمرار القتال، أصبح الاستنزاف المتبادل يميل بشكل متزايد لصالح إسرائيل. فقد قتلت إسرائيل عدداً أكبر من مقاتلي حزب الله، بما في ذلك كبار القادة، ودمرت أصولاً أكثر أهمية.

ونزح ما يقدر بنحو تسعين إلى مئة ألف جنوبي لبناني من منطقة القتال، مما أثقل كاهل الدولة اللبنانية المفلسة بالفعل، والتي سوف تضطر إلى تحمل تكاليف إعادة إعمار الجنوب ولكن بموارد أقل بكثير من اقتصاد إسرائيل.

وأصبح وضع حزب الله أكثر تعقيدًا بعد 27 يوليو، عندما ضرب صاروخ طائش من المجموعة ملعب كرة قدم في مجدل شمس في مرتفعات الجولان وقتل اثني عشر طفلاً. ومنذ تلك اللحظة، لم يتمكن حزب الله من المضي قدمًا كالمعتاد.

وهدد نصرالله الإسرائيليين قائلا “ردنا قادم لا محالة… لا جدال في هذا، والأيام والليالي وساحة المعركة هي التي ستحسم الأمر بيننا”. وبعد أسبوع، في السابع من أغسطس، أكد أن حزب الله لا يستطيع التعامل مع اغتيال شكر “كعدوان عادي” وأن “حزب الله سيرد حسب الضرورة مهما كانت العواقب”.

وفي الأسابيع التي تلت ذلك، سعى حزب الله إلى صرف انتباه قاعدته عن صمته بشأن شكر. ومن حسن حظ حزب الله أن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة استؤنفت في الوقت المناسب لتبرير التأخير.

وطالما استمرت المحادثات، كان بوسع الجماعة أن تزعم أنها كانت تؤجل الانتقام ليس بسبب الضعف أو الخوف من الحرب، بل لتجنب تقويض الهدف الأكبر والأساسي المتمثل في إنهاء الحرب في غزة.

وعلاوة على ذلك، طالما استمرت محادثات وقف إطلاق النار، كان بوسع حزب الله أن يزعم أن التهديد بهجماته الانتقامية كان يدفع القوى الغربية ــ التي تنفر من الصراع في لبنان ــ إلى الضغط على إسرائيل لقبول صفقة وعلى الإسرائيليين الموافقة عليها.

6