داعش يكثف هجماته على الجيش السوري في مناطق سيطرته

مقتل 23 جنديّا من قوات النظام في شرق سوريا، خلال أكثر العمليات دموية منذ مطلع الشهر الجاري.
السبت 2023/08/12
ضربة موجعة

دمشق - قُتل 23 جنديا على الأقل في هجوم شنّه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على حافلة عسكرية في شرق سوريا، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة، في تصعيد جديد للتنظيم المتطرف الذي بدأ يكثّف عملياته مؤخراً.

ومني هذا التنظيم، الذي سيطر عام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق، بهزائم متتالية في البلدين وصولاً الى تجريده من كافة مناطق سيطرته عام 2019. ومنذ ذلك الحين قُتل أربعة من زعمائه، لكن عناصره المتوارين لا يزالون قادرين على شنّ هجمات، وإن كانت محدودة، ضد عدة جهات، خصوصاً قوات النظام.

وأفاد المرصد بأن عناصر التنظيم استهدفوا ليل الخميس حافلة عسكرية في بادية الميادين بريف دير الزور الشرقي، حيث “نصبوا كميناً للحافلة واستهدفوها بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة”.

وتسبب ذلك بمقتل “23 جندياً على الأقل وإصابة أكثر من عشرة آخرين بجروح متفاوتة”، فيما لا يزال “مصير العشرات من الجنود مجهولاً”.

ونقل الإعلام الرسمي السوري عن مصدر عسكري قوله إن “مجموعة إرهابية” استهدفت الحافلة، ما أدى إلى “استشهاد وجرح عدد من العسكريين”، دون تحديد عددهم.

وشهدت بادية ريف دير الزور الشرقي الجمعة استنفاراً لقوات النظام ومجموعات مقاتلة موالية لطهران، تنشط في المنطقة التي تعد من بين مناطق نفوذ النظام.

وهذا هو الهجوم الثالث على الأقل للتنظيم ضد قوات النظام والمسلحين الموالين لها منذ مطلع الشهر الحالي، وإن كان “الأكثر دموية”.

وقُتل عشرة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها الإثنين جراء استهداف عناصر التنظيم لحواجز عسكرية في محافظة الرقة (شمال)، التي كانت تعد أبرز معاقل التنظيم المتطرف في سوريا.

وقضى سبعة أشخاص آخرون، غالبيتهم من قوات النظام، مطلع الشهر الحالي جراء هجوم شنّه التنظيم على قافلة تضم صهاريج نفط في ريف حماة الشرقي (وسط)، الذي يشكل امتداداً للبادية المترامية الأطراف.

عناصر التنظيم استهدفوا ليل الخميس حافلة عسكرية في بادية الميادين بريف دير الزور الشرقي

وفي 28 يوليو الماضي أعلن التنظيم مسؤوليته عن هجوم بعبوة ناسفة استهدف في اليوم السابق منطقة السيدة زينب في جنوب دمشق، ما تسبّب بمقتل ستة أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من عشرين آخرين بجروح، وفق السلطات.

وغالباً ما يتبنى التنظيم استهداف حافلات عسكرية أو أخرى تقل موظفين في مرافق عامة عبر زرع عبوات ناسفة أو مهاجمتها، خصوصاً في منطقة البادية السورية الشاسعة وغير المأهولة في معظمها، والتي انكفأ إليها مقاتلو التنظيم بعد دحرهم من آخر مناطق سيطرتهم في شرق سوريا.

ويكثّف التنظيم في الآونة الأخيرة عملياته في مناطق عدة.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن “بدأ التنظيم في الآونة الأخيرة تصعيد عملياته العسكرية الدموية، ووتيرة استهدافه لبعض النقاط، بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى، في رسالة هدفها القول إن التنظيم لا يزال موجودا ويعمل بقوة رغم استهداف زعمائه”.

ومنذ خسارة مناطق سيطرته كافة، قُتل أربعة من زعماء التنظيم آخرهم أبوالحسين الحسيني القرشي، الذي قضى في اشتباكات في شمال غرب سوريا. وقد أعلن التنظيم في الثالث من أغسطس الجاري تعيين خلف له.

منذ خسارة مناطق سيطرته كافة، قُتل أربعة من زعماء التنظيم آخرهم أبوالحسين الحسيني القرشي

ورغم الضربات التي تستهدف قادته وتحركاته ومواقعه، والتي ينفّذها بالدرجة الأولى التحالف الدولي بقيادة واشنطن أو القوات الروسية الداعمة لدمشق، لا يزال التنظيم قادراً على شنّ هجمات وتنفيذ اعتداءات متفرقة خصوصاً في شرق وشمال شرق سوريا.

وفي شرق سوريا تطارد قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها مقاتلون أكراد، بدعم من التحالف الدولي مقاتلي التنظيم الذين يشنون بين الحين والآخر هجمات أو عمليات اغتيال تستهدف بشكل رئيسي عسكريين وأمنيين.

وفي عام 2014، حين أعلن التنظيم إقامة “الخلافة الإسلامية” على مساحة تفوق 240 ألف كيلومتر مربع وتمتدّ بين سوريا والعراق، بث مقاتلو داعش الرعب وفرضوا تطبيقاً صارماً جداً للشريعة الإسلامية، ونفّذوا اعتداءات وحشية في العالم، قبل أن تتقلّص مساحة سيطرتهم تدريجيا.

وبعدما مُني بهزيمة أولى في العراق عام 2017، إثر معارك مع القوات العراقية، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة أميركياً وعلى رأسها المقاتلون الأكراد، في 23 مارس 2019 عن هزْم التنظيم عقب معارك استمرت بضعة أشهر وحوصر خلالها مقاتلوه الذين ينحدرون من جنسيات مختلفة (أوروبية وآسيوية وعربية…) والآلاف من أفراد عائلاتهم في الباغوز الحدودية مع العراق.

وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبب في مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً واسعاً بالبنى التحتية واستنزف الاقتصاد. كما شرّد وهجّر أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.

2