دار الإفتاء المصرية تعلن الحرب على التطرف عبر جبهة يوتيوب

السياسة الجديدة لدار الإفتاء تقوم على ضرورة الانفتاح على الوسائل الجديدة للتواصل التي تتيح انسيابا أكثر للأفكار.
الجمعة 2020/02/07
مكافحة كل أشكال التطرف ومسبباته

وعي المؤسسات الدينية الرسمية بأن محاصرة الفكر المتطرف يجب أن تخرج من أطرها التقليدية القائمة على المحاضرات والندوات أو الخطب، جعلها تبحث عن سبل جديدة لإيصال أفكارها إلى الأجيال الجديدة، للحيلولة دون انتشار الأفكار المتطرفة ولقطع الطريق الذي يصل التيارات المتطرفة بالأجيال الجديدة التي تستهدفها. ومن ذلك أن دار الإفتاء المصرية دشنت منذ مدة قناة على موقع يوتيوب، ونشرت من خلالها مجموعة من المقاطع المصورة التي تطرح محتوى يحاول التصدي للأفكار المتطرفة.

القاهرة - نشرت دار الإفتاء المصرية الأربعاء الماضي، في قناتها على موقع يوتيوب فيديو موشن غرافيك يتضمن رسوما متحركة، تهدف إلى توضيح أفكار الجماعات السياسية الإسلامية.

وفي مقطع الفيديو، الذي حمل عنوان “فشل التأسلم السياسي”، أكدت دار الإفتاء أن هناك ظاهرتين تتصف بهما الجماعات السياسية المنتسبة للإسلام. الظاهرة الأولى هي “اختزال الإسلام بكل أبعاده وقيمه ومقاصده في المسألة السياسية، وكأنه ليس رسالة ربّانية جامعة”.

وأضافت الدار في الفيديو الذي أنتجته وحدة الرسوم المتحركة، أن الظاهرة الثانية التي تتصف بها جماعات الإسلام السياسي هي أنها تعتبر الإسلام، بكل تاريخه وفكره وتراثه، يتجسد في جماعة الإخوان المسلمين فقط، فتحصر هذه الجماعات الإسلام في فكرها ورؤيتها واختياراتها، وأما ما يخالفها ويخرج عنها فهو مخالف له، وخارج عنه.

كما أشارت الدار إلى أن “الجماعات الإسلامية اعتبرت نفسها بديلا عن المجتمع، ووكيلته دون تفويض منه، بل بالوصاية عليه، لقصور في دينه، وخلل في عقيدته، وضعف في فهمه، وخور في طاقاته وقدراته”.

وأوضحت دار الإفتاء المصرية من خلال الفيديو أن هذا يمثل “انحرافا كاملا عن الحركة التاريخية للمجتمعات الإسلامية، وخروجا جذري عن نموذج إدارة المجتمعات وتنظيمها وإدارة شأنها العام، الذي رسخه المفكرون والفقهاء طوال التاريخ الإسلامي”.

يذكر أيضا أن دار الإفتاء كانت نشرت منذ نحو شهر مقطع فيديو موشن جرافيك أنتجته وحدة الرسوم المتحركة بالدار حمل عنوان “المسلم والمسيحي نسيج واحد في وطن واحد”، وركزت فيه على الوحدة الوطنية المصرية المستمرة على مر العصور.

وقالت الدار ” إن من نِعَمِ الله ومِنَنِهِ على مصرنا الحبيبة وحدتُها الوطنية الفريدة المستمرة على مر العصور، فمصر شعب واحد وعنصر واحد ونسيج واحد في وطن واحد، منا المصري المسلم ومنا المصري المسيحي”.

وجاء في المقطع أيضا أن “ما يجمعنا جميعًا أننا مصريون، تسود بيننا روح المودة والتآلف والترابط، فنعبد إلها واحدا ونشرب من ماء نيل واحد ونستظل بسماء واحدة، ونأكل من طعام واحد، وتجمعنا وحدة الحياة والمصير والآمال في مستقبل زاهر لنا جميعا”.

وأكدت دار الإفتاء “تجمعنا وحدة الحياة والمصير والآمال في مستقبل زاهر لنا جميعا، واختلاف الدين وتعدد الثقافات وتنوع العادات لا يعني التفرّق، وهذا ليس من العيوب، بل التعدد مزية تثري هذا الشعب وتزيد من عظمة هذه الأمة، والاختلاف والتعدد من سنن الله في خلقه وهو من دواعي التعاون والتكامل بين البشر”.

الواضح أن السياسة الجديدة لدار الإفتاء أصبحت تقوم على ضرورة الانفتاح على الوسائل الجديدة للتواصل التي تتيح انسيابا أكثر للأفكار مقارنة بالطرق التقليدية من قبيل الندوات والخطب التي تتلى في المساجد. وعزز هذه القناعة وعي بأن الأجيال الجديدة لا ترتاد هذه المنابر، فضلا عن الصعوبة المنهجية التي تقترن بهذه الطرق سواء من ناحية اللغة أو من ناحية الطول وطريقة التبليغ.

كما أن الانتباه لتركيز التيارات المتطرفة على الوسائل الحديثة التي تنشر من خلالها الفيديوهات أو البيانات حتّم على دار الإفتاء وعلى غيرها من المؤسسات الدينية التي طرحت على نفسها مهمة التصدي للتطرف والإرهاب، أن تحاول استغلال هذه الوسائط وسحب البساط من تحت التيارات المتطرفة ومنعها من التوسع نحو جماهير جديدة وأجيال جديدة.

وكانت دار الإفتاء قد عرضت في مؤتمر “الشباب واستخدام التكنولوجيا في مكافحة الإرهاب والتطرف” الذي انتظم في القاهرة في بداية يناير 2019 تجربة جديدة في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف عبر استخدام التكنولوجيا، حيث عرضت دار الإفتاء نموذج “محرك البحث الإلكتروني للمؤشر العالمي للفتوى” التابع لدار الإفتاء والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، كإحدى آلياتها في مكافحة الإرهاب والتطرف إلكترونيا، والذي يُعد الأول من نوعه في العالم القادر على رصد الفتاوى آليا وتحليلها والوقوف على مكامن الضعف والخلل في الفكر المتطرف، والذي يهدف إلى بناء أكبر قاعدة بيانات للفتاوى في العالم من خلال منصته الإلكترونية.

وأوضحت الدار أن محرك البحث هو بوابة رقمية تعتمد على خدمات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في جمع الفتاوى وتتبّع جديدها وردود الأفعال حولها، حيث يرصد الخطاب الإفتائي عامة والخطاب الإفتائي للتنظيمات الإرهابية على وجه الخصوص، وذلك عبر مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؛ لاستخراج التقارير والمؤشرات التي تفيد المعنيين بالفكر المتطرف وصُناع القرار، من خلال استخدام خصائص الذكاء الاصطناعي، بما يوفر الجهد البشري والوقت والتكلفة المستخدمة في رصد الفتاوى وتفنيدها يدويا.

وعرضت دار الإفتاء، في المؤتمر المشار إليه، أبرز النتائج التي توصل إليها المؤشر العالمي للفتوى، والتي كشفت أن التنظيمات المتطرفة استغلت تكنولوجيا المعلومات في شرعنة العنف باسم الدين، حيث احتلت الفتاوى الجهادية نسبة 51 في المئة من إجمالي فتاوى التنظيمات الإرهابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأن 50 في المئة من الألفاظ المستخدمة في فتاوى التنظيمات عبر مواقع التواصل تكفيرية تحرّض على هدم الأوطان وتكفير غير المنتمين لهم. وأن تنظيمي داعش والقاعدة يعتمدان بنسبة 70 في المئة على مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الفتاوى المتطرفة والعمليات القتالية. وأن 30 في المئة من الإصدارات المرئية الإرهابية المتداولة عبر السوشيال ميديا اعتمدت على العنصر النسائي.

13