داء السكري.. الاقتراب خطوة من حياة خالية من العلاج بالإنسولين

بروتين "أس 100 أي 9" ينظم نسبة الجلوكوز والدهون والكيتونات في الدم.
السبت 2022/07/30
العلاج بالإنسولين لا يخلو من المخاطر

اكتشف العلماء علاجا بديلا للإنسولين يعتمد على بروتين  “أس 100 أي 9” من شأنه أن يحسن حياة مرضى السكري بشكل كبير. وكانت الآثار الجانبية الشديدة للإنسولين، مثل نقص السكر في الدم المهدد للحياة، وزيادة الكوليسترول، سببا في تطلع العلماء إلى تطوير علاجات تكميلية أو بديلة تكون أكثر فعالية وأقل خطورة.

جنيف - يعتمد مرضى السكري في شكله الحاد، حيث لا تنتج خلايا بيتا في البنكرياس أو لا تنتج ما يكفي من الإنسولين، على حقن أنفسهم بانتظام بالإنسولين الاصطناعي من أجل البقاء على قيد الحياة.

ويشير خبراء الصحة إلى أن العلاج بالإنسولين لا يخلو من المخاطر، حيث أنه على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي أيضا إلى مشاكل خطيرة في التمثيل الغذائي والقلب والأوعية الدموية.

ويعمل العلماء في جامعة جنيف منذ سنوات عدة على علاج بديل يعتمد على بروتين  “أس 100 أي 9” وقدموا الآن دليلا على أن هذا البروتين يمكن أن يحسن بشكل كبير عملية التمثيل الغذائي في نقص الإنسولين.

وبالإضافة إلى ذلك، من خلال فك شيفرة الآليات البيولوجية في العمل، اكتشفوا تأثيرا مضادا للالتهابات غير معروف سابقا يمكن أن يكون مفتاحا بعيدا عن مرض السكري.

ونُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة “ناتشر كمينيكايشن”.

الآثار الجانبية للإنسولين، مثل نقص السكر في الدم المهدد للحياة هو السبب في أن العلماء يتطلعون إلى تطوير علاجات تكميلية

وفي حين أن العلاج بالإنسولين، الذي احتفل بالذكرى المئوية لاكتشافه في عام 2021، أنقذ حياة مئات الملايين ممن يعانون من مرض السكري من النوع الأول أو الأشكال الحادة من داء السكري من النوع الثاني، إلا أنه ينطوي على بعض المخاطر، إذا كانت الجرعات عالية جدا أو منخفضة جدا، وحتى أنها مسؤولة بشكل مباشر عن بعض الحالات المميتة. وبالتالي، فإن متوسط العمر المتوقع لمرضى السكر المعتمدين على الإنسولين ينخفض بمقدار 10 إلى 15 عاما مقارنة بالمعيار.

ويشيرروبرتو كوباري، أستاذ في قسم فسيولوجيا الخلايا والتمثيل الغذائي ومنسق مركز السكري في كلية الطب بجامعة جنيف، الذي قاد هذا العمل، إلى أن الآثار الجانبية الشديدة للإنسولين، مثل نقص السكر في الدم المهدد للحياة، والأثر السلبي على التمثيل الغذائي للدهون وزيادة الكوليسترول، “هو السبب في أننا نتطلع إلى تطوير علاجات تكميلية أو بديلة تكون أكثر فعالية وأقل خطورة”.

وفي عام 2019، حدد فريق البروفيسور كوباري بروتينا يسمى “أس 100 أي 9” ينظم نسبة الجلوكوز والدهون والكيتونات في الدم (أحد منتجات الأكسدة الحمضية الدهنية في الكبد عندما لا يكون لدى الجسم ما يكفي من الجلوكوز ليعمل)، دون آثار جانبية للإنسولين.

ويقول جيرورجيو رامادوري، الباحث المشارك في مختبر البروفيسور كوباري، والمؤلف الرئيسي لهذه الدراسة “لتطوير دواء، كان علينا فهم كيفية عمل هذا البروتين بدقة وإظهار فعاليته في النماذج الحيوانية”.

وشرع الفريق أولا في فك شفرة طريقة عمل  “أس 100 أي 9”  في الفئران المصابة بمرض السكري.

وتقول غلوريا أورسينو، زميلة ما بعد الدكتوراه في فريق البحث، والمشاركة في الدراسة “اتضح أن هذا البروتين يعمل في الكبد. إنه ينشط مستقبل “تي إل أر 4”، الموجود على غشاء خلايا معينة، ولكن ليس على خلايا الكبد، وهي الخلايا الوظيفية الرئيسية للكبد”.

وهذا ما يعد مهما للغاية من وجهة نظر دوائية، كونه يعني أن”أس 100 أي 9″ لا يحتاج إلى دخول خلايا الكبد للعمل ويسمح بنمط حقن بسيط للإعطاء.

وبالنسبة إلى مرضى السكري، يمكن أن يتسبب نقص الإنسولين في زيادة مفاجئة في الكيتونات وتحمض الدم، وهي آلية تسمى الحماض الكيتوني السكري. وهذه حالة طارئة تهدد الحياة وتؤثر على 3 في المئة من مرضى السكري من النوع الأول كل عام.

وتوضح غلوريا أورسينو أن “تنشيط  “تي إل أر 4” في الكبد يتحكم في إنتاج الكيتونات. لكن عملية التنشيط هذه لا تؤدي إلى حدوث التهاب، في حين أن “تي إل أر 4” عادة ما تكون معززة للالتهابات. لذلك يبدو أن حوار  “أس 100 أي 9” و”تي إل أر 4”  يعمل كعقار مضاد للالتهاب غير متوقع تماما”.

وأكمل العلماء نتائجهم بفحص دماء مرضى السكري الذين وصلوا إلى غرفة الطوارئ يعانون من نقص حاد في الإنسولين. ويوضح جورجيو رامادوري “تم الكشف عن زيادة طبيعية طفيفة ولكنها غير كافية في “أس 100 أي 9” لذلك من المتوقع أن تؤدي الإدارة الإضافية لـ”أس 100 أي 9” إلى تعزيز هذه الآلية التعويضية”.

الإنسولين مازال ينقذ مئات الملايين ممن يعانون من مرض السكري
الإنسولين مازال ينقذ مئات الملايين ممن يعانون من مرض السكري

وبينما تم بالفعل استكشاف فكرة مزيج من الأدوية، ركزت الأبحاث السابقة على الأدوية التي تزيد من حساسية الإنسولين. ويوضح روبرتو كوباري “لكن هذا يؤدي فقط إلى نفس النتائج بجرعات أقل. وتظل الآثار الجانبية للعلاج بالإنسولين كما هي. وهنا، نقترح استراتيجية مختلفة جذريا مع دواء يعمل بشكل مستقل عن الإنسولين ولا يمكن أن يؤدي إلى نقص السكر في الدم أو تعطيل التمثيل الغذائي للدهون”.

وسيختبر العلماء في البداية دواءهم بالاقتران مع جرعات منخفضة من الإنسولين، لكنهم لا يستبعدون إمكانية إعطاء بروتين”أس 100 أي 9” وحده في المستقبل، في ظروف معينة.

ويحدث مرض السكري عندما يكون الجسم غير قادر على امتصاص السكر للحصول على الطاقة، ما يؤدي إلى تراكم الجلوكوز في الدم.

ويمكن أن يسبب هذا مضاعفات فورية وطويلة الأجل، مع وجود أدلة تشير إلى أن المرض يمكن أن يمهد الطريق لمشاكل أخرى مثل التدهور المعرفي. لذلك لا ينبغي أبدا تجاهل العلامات التحذيرية، مثل حكة الجلد على اليدين والقدمين وأسفل الساق.

وتميل العلامات المنذرة لمرض السكري إلى الظهور بمجرد أن ترتفع قيم الجلوكوز بشكل ملحوظ وتتطور ببطء.

وفي الواقع، تشير بعض الهيئات الصحية إلى أن علامات التحذير من ارتفاع نسبة السكر في الدم تميل إلى الظهور على مدار عدة أيام أو أسابيع.

بالنسبة إلى مرضى السكري، يمكن أن يتسبب نقص الإنسولين في زيادة مفاجئة في الكيتونات وتحمض الدم، وهي آلية تسمى الحماض الكيتوني السكري

ويوضح الخبراء أن الحكة المتكررة والساحقة في اليدين والقدمين وأسفل الساقين هي عرض آخر أقل شهرة لمرض السكري. ويؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى انخفاض الدورة الدموية في الأطراف، ما يتسبب في الشعور بالحكة والجفاف. وبالطبع هناك أسباب أخرى للبشرة الجافة والحكة”.

ومن المعروف أن ارتفاع نسبة السكر في الدم والتهابات الجلد وضعف الدورة الدموية تسبب حكة في الجلد.

وتعد حكة الجلد إحدى المضاعفات التي من المحتمل أن تظهر قبل أن يبدأ جلوكوز الدم في إتلاف الألياف العصبية.

وقبل أن يبدأ تلف الأعصاب، تميل مستويات عالية من السيتوكينات إلى الدوران في الجسم.

ومن المعروف أن هذه المواد الالتهابية تسبب الحكة.

ويُعتقد أن داء السكري من النوع 2 يمكن الوقاية منه إلى حد كبير عن طريق إجراء العديد من التعديلات البسيطة في نمط الحياة.

ومن المهم الحفاظ على الوزن تحت السيطرة، وممارسة الرياضة بشكل أكبر، واتباع نظام غذائي صحي وعدم التدخين.

17