خُيول المغرب وجِماله تشارك في فيلم "الخيميائي"

يستعد مصمم مشاهد سينمائية لتصوير فيلم “الخيميائي” المستوحى من الرواية الشهيرة التي تحمل العنوان نفسه للكاتب البرازيلي باولو كويلو. ويحرص على مشارف مدينة مراكش المغربية على تدريب الخيول والجمال التي شارك بها في عدد من الملاحم الهوليوودية ومن بينها “صراع العروش”.
مراكش (المغرب) – يجهز مروض الخيول جويل بروست أحصنته استعدادا لاستئناف تصوير أفلام أجنبية في المغرب بعد توقف طويل بسبب جائحة فايروس كورونا، بعد أن عمل ممثلا بديلا في لقطات المجازفة ومصمم مشاهد في أفلام عالمية مثل “ألكسندر” لأولفير ستون و”كوندون” لمارتن سكورسيزي.
تهز حوافر الخيول هدوء ساحة وسط مركز لتدريب الخيل في مدخل مراكش العاصمة السياحية للمغرب، حيث يلقنها بروست تقنيات العدو أو السير بتؤدة. وتتابع الأحصنة، ذات الأصول المتنوعة، عربية وهولندية وإسبانية، بتركيز تعليمات مدربها بنبرته الصارمة مرتديا قميصا صيفيا وحذاء الفروسية.
وشارك بروست (65 عاما) وهو فرنسي مقيم في المغرب منذ ثمانينات القرن الماضي، في تصميم مشاهد الخيل في أفلام عالمية صُورت في المملكة مثل “كينغدوم أوف هافن” للمخرج ريدلي سكوت (2005) و”ذي مامي” (المومياء) لستفن سومرز (1999)، “مع أكثر من 200 حصان تجري بملء سرعتها”.
كما درب نجوم سينما مثل جوني ديب أو روبرت باتينسون على ركوب الخيل في فيلم “وايتينغ فور ذي بارباريانز” للمخرج سيرو غيرا العام 2019.
ولطالما وفرت الرمال الصحراوية المثيرة في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا والوديان المليئة بالنخيل التي تجتازها قطعان الإبل أستوديو طبيعيا مفتوحا لتصوير مجموعة من الأفلام ذات الميزانيات الكبيرة التي تحتاج إلى مواقع في الشرق الأوسط، لكن إغلاق الحدود بسبب جائحة كوفيد – 19 منذ 15 شهرا عطل كل شيء، ويأمل بروست حاليا “أن يعاد فتحها قريبا وإلا سيصير وضعنا معقدا”.
ويحضر مروض الخيول الفرنسي حاليا للمشاركة في ثلاثة إنتاجات دولية كبيرة بينها فيلم “ذي ألكيميست” (الخيميائي) الأميركي المستوحى من الرواية الشهيرة التي تحمل العنوان نفسه للكاتب البرازيلي باولو كويلو والذي يُفترض أن يبدأ تصويره منتصف يوليو المقبل تحت إدارة المخرج كيفن سكوت فرايكس.

ويدرب بروست أيضا جمالا جيء بها من الصحراء لأداء مشاهد قوافل، في حين ستشارك خيوله في مشاهد معارك.
وكان العام الماضي “صعبا” بالنسبة إلى بروست حيث “شاركت خيوله فقط في إعلان ترويجي للسياحة بالمغرب وفيلم فرنسي، بينما نصور عادة 10 أفلام كل سنة”، كما يقول المروض الذي بدأ عمله بالمغرب في الثمانينات مدربا للفروسية قبل أن يتحول إلى مجازف سينمائي، وهي المهنة التي توقف عن ممارستها منذ 8 سنوات.
ويشرف بروست بالموازاة مع عمله في السينما على تدريبات للفروسية وعلى تسيير ثلاثة منتجعات سياحية مع تنظيم جولات على ظهر الخيول في الصحراء. ويقدر خسائره بسبب تعطل كل هذه الأنشطة في ظل الجائحة بأكثر من 120 ألف دولار.
ويضيف الرجل الذي يبدو متحفظا وأكثر ارتياحا برفقة الحيوانات “نحاول الصمود لكن يجب أن يُستأنف العمل قريبا”.
وسجل نشاط القطاع في المغرب العام الماضي مثل باقي بلدان العالم التي تضررت فيها صناعة السينما كثيرا بسبب الأزمة الصحية، انخفاضا بنحو 78 في المئة وفق تقرير للمركز السينمائي المغربي.
ولم تُصوَّر في المملكة العام الماضي سوى ثمانية أفلام دولية بميزانية بحوالي 5.6 مليون دولار مقابل نحو 30 مليون دولار العام 2019.
ويحاول المغرب منذ سنوات استثمار التنوع الطبيعي الذي يتمتع به لاستقطاب أكبر الإنتاجات العالمية، بالإضافة إلى تقديم تحفيزات ضريبية.
وأغرت المملكة مخرجين كبارا منذ الخمسينات مثل الإيطالي بيار باولو بازوليني والبريطاني ألفريد هيتشكوك والأميركي أورسن ويلز، قبل أن تجذب إنتاجات كبرى مثل “كوندون” لمارتن سكورسيزي، الفيلم الذي يصور حياة الدالاي لاما.
ودرب بروست “على مدى أربعة أشهر 40 مشاركا في الفيلم جاؤوا من التيبت على ركوب الخيل لأداء مشاهد طقوس دينية”، في تجربة “مهمة” بالنسبة إلى المدرب المتخصص في مشاهد الحركة.
ويحتفظ بروست أيضا بطرائف من كل الأفلام التي شارك في تصويرها، ففي “ألكسندر” يذكر يوم “استطاع الممثل الأميركي كولن فاريل الإفلات من تدريب عسكري يدوم 15 يوما في مخيم قرب مراكش ليشرب معنا كأسا”.

وتحضره أيضا ذكريات أقل طرافة مثل الصعوبات التي واجهته خلال تصوير مشهد من سلسلة “غايم أوف ثرونز” (صراع العروش) الشهيرة في مدينة ورزازات جنوب المغرب. وهو المشهد الذي تقوم خلاله الممثلة البريطانية إميليا كلارك (صاحبة دور دينيريس تارغاريان) بتحرير المدينة الحمراء “أستابور”.
ويقول “قرر المخرج في آخر لحظة أن يضرب جيش من 200 كومبارس برماحهم على الأرض حين تمر إميليا أمامهم على الجواد، محدثين دويا أربك الحيوان”.
واقترح بروست لتدارك الموقف أن يتم “الإيهام فقط بضرب الرماح على الأرض” ليضاف الصوت إلى الصور لاحقا.
وينتظر بروست اليوم بفارغ الصبر مؤشرات بدء تصوير فيلم “ذي ألكيميست” (الخيميائي)، والذي يعد ثاني أضخم إنتاج يصور في المغرب بميزانية تقارب 21 مليون دولار، وراء السلسلة الأميركية “هوملاند”، بحسب وسائل إعلام محلية.
